الهدنة بين فرنجية وباسيل سقطت: الفوز لمرشّح ثالث؟
كتبت ميسم رزق في “الأخبار”:
لم تدُم كثيراً مفاعيل لقاء المُصالحة الذي جمعَ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، برعاية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في أيار الماضي. يومَها، تُرِك لفرنجية فرصة لـ «فشّ خِلقه» وإخراج كل ما «بلعَه» على مدى سنوات ووصفه بمحاولة إلغائه من قبل «الحلفاء»، وذهب هو بعيداً في كشف عتبِه بحيث «لم يترك ستراً مغطّى». في تلكَ الجلسة، التي أتَت قبل الانتخابات النيابية بأيام، استوعبَ باسيل «المعاتبة» من دون أن يردّ عليها، إلى أن هيُئ للجميع أن بالإمكان «فتح صفحة جديدة بينهما»، كما قال فرنجية بعدَ ذلك.
ولفترة وجيزة، ما حصلَ فعلاً، هو التزام الطرفين بهذه المصالحة. غالبية الذين كانوا يلتقون بباسيل وفرنجية، لمسوا حرصاً شديداً على عدم خرق «الهدنة السياسية والإعلامية»، لا بل التشديد على الاستفادة من تداعيات الخلاف على فريق 8 آذار وما حصل في الانتخابات الأخيرة وأخذ العبر منه لعدم تكراره في السنوات المقبلة، بخاصة في ظل انهيار البلد.
صحيح أن الهدنة لم تسقُط في العلن، إلا أن الحديث عن عودة «الكلاش» بينهما يزداد يوماً بعدَ يوم، بخاصة أن فرنجية عجّل في حراكه الرئاسي أخيراً، وإن ليسَ بشكل معلن فيما يرفض باسيل بالمطلق الاتفاق معه على موضوع الرئاسة، حتى ولو أنه يدرك أن حظوظ منافسه تتقدم على حظوظه.
من خلف الضباب الذي يملأ المشهد اللبناني حيال الملف الرئاسي، تتراكُم المؤشرات اليومية حول صعوبة أن يصِل هذا الاستحقاق إلى خاتمة سعيدة، في ظل عقبات رئيسية باتت متشابكة: الأولى، الاشتباك الإقليمي الدولي الذي يمنَع وصول رئيس توافقي وسطي، ما سيدفع كل فريق لأن يتمسّك برئيس من حصته. والثاني، يتمثل في قدرة أكثر من طرف على تعطيل أي جلسة لانتخاب رئيس، في ظل غياب القدرة على التوافق. أما العقبة الثالثة، فتتصل بغياب المكون السنّي الرئيسي الذي يشكّل معبَراً للانتخابات الرئاسية، فضلاً عن عدم تأمين «الميثاقية» المسيحية بحيث أن الخلافات الحادة تمنع أي مرشح من الحصول على «كوتا» من الأصوات المسيحية «المُشرعنة» لانتخابه.
لكن ليسَت سلّة التعقيدات هذه وحدها ما قد يجعل من الانتخابات الرئاسية، استحقاقاً مع وقف التنفيذ. ففي رأي مصادر متابعة، لبّ المشكلة ليس في الخصومة بينَ فريقي ما يعرف بـ 8 و14 آذار، أو الحاجة فقط إلى تسوية من تلكَ التي صاغها الرئيس سعد الحريري مع الرئيس ميشال عون عام 2017. بل ينطلق هذه المرة من فريق حزب الله وحلفائه حيث القدرة على التوافق على مرشّح واحد «شبه مستحيل». والأصح القول إن «صياغة اتفاق بين باسيل وفرنجية هو «من رابع المستحيلات». فلا باسيل «مقتنع بدعم فرنجية أو موافق عليه»، ولا فرنجية «يُمكِن أن يقبل بعقد شروط يجعلَ منه رئيساً شكلياً فيما يكون باسيل هو الحاكم الفعلي للعهد الجديد»، مع العلم أن «أحداً منهما لا يُمكِن أن يدخل بعبدا من دون مباركة الآخر، في ظل (حُرمة) الاتفاق مع رئيس القوات سمير جعجع». وإن كانَ البعض، يتعهَد لفرنجية بإمكانية تأمين «65 صوتاً» له!
حتى الآن، لم يخرُج شيء إلى العلن يؤكّد سقوط الهدنة بينَ باسيل وفرنجية، لكنه حصلَ بالفعل. يقُال إن السبب الرئيسي وراء ذلك، كلام وصلَ إلى مسامِع باسيل من مقربين لفرنجية مسيء في حق الأول. مصادر على مقربة منهما أكدت الخبر، لكنها أشارت إلى أن «عودة التوتر لا يُمكن أن تكون مرتبطة برمي كلمة من هنا وهناك». لكن كل تريّث إضافي من قِبَل حزب الله في الإعلان عن دعم أحد، يُقابَل بـ «ردود فعل غير محسوبة تزيد من الانقسام حولَ هذا الملف». وردود الفعل تظهر في الحدة التي تتسم بها أحاديث الطرفين عن بعضهما البعض.
ثمة انطباع في الكواليس السياسية أن الخلاف سيبدأ بالظهور تباعاً في الأسابيع القليلة المقبلة، مع بدء العد التنازلي لانتخاب رئيس للجمهورية، وسرعان ما سينفجر «الودّ الملغوم» بينهما بحيث سيُضاعِف على حزب الله صعوبة هذا الاستحقاق، إن حصلَ في موعده، إذ إن الخلاف قد يؤدي إلى تعادل سلبي ما بين باسيل وفرنجية، ويكون الفوز من نصيب مرشّح ثالث.