نجح اعتراض القطاع الخاص على ضرائب دخل من يتقاضى راتبه بالدولار والتي أدرجت في الموازنة العامة للعام 2022 وفق سعر «صيرفة»، حيث عدّل وزير المال تلك الضرائب مع تقسيمها الى شطور.
وبذلك بات وقع الضرائب على من يتقاضى راتبه بالدولار «مقبولاً» أفضل من وقع تلك التي كانت مدرجة في الموازنة والتي احتسبت على سعر الدولار في منصّة «صيرفة» وقدّرت بنسب حتى 25% من الراتب ما كان سيضاهي ضرائب الدخل العالمية، في بلد لا تغطية صحية فيه ولا استشفائية ولا مدرسية ولا ضمان للشيخوخة وتبخّرت فيه قيم نهاية الخدمة وتفاقم الفقر وعمّ الجوع.
وكان أصدر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل قراراً أعلن فيه تحديد «دولار الدخل الضريبي» بين 8000 و15000 ليرة مفرّقاً بين راتب الدولار النقدي والشيك والمحوّل، ومقسّماً العملية الحسابية الى شطور.
وحدّد القرار القيمة الفعلية بالليرة اللبنانية للرواتب والأجور التي تستحقّ على أرباب العمل لصالح العاملين لديهم كلياً أو جزئياً بالدولار الأميركي، أو بأي عملة أجنبية أخرى اعتباراً من تاريخ نشر الموازنة العامة للعام 2022.
واحتسبت القيمة الفعلية للضريبة بالليرة اللبنانية للرواتب والأجور كما بات معلوماً كما يلي: «إذا كانت الرواتب والأجور مدفوعة نقداً تحتسب الضريبة على الدخل على أساس سعر 15000 ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد.
وفي حال كانت الرواتب والأجور مسدّدة بموجب شيك أو تحويل مصرفي داخل لبنان فتحتسب على أساس 8000 ليرة لبنانية للدولار الواحد عن الجزء من الأجر الشهري الذي لا يزيد عن 3000 دولار أميركي، و1507.5 ليرة للدولار الواحد عن الزيادة عن مبلغ 3000 دولار».
وأورد القرار أن الإيرادات الخاضعة للضريبة على الرواتب والأجور المدفوعة نقداً بالدولار الأميركي تحتسب إستناداً الى الفترات التي تسبق تاريخ 15/11/2022 فجاءت على أساس سعر صرف 8000 ليرة، وعن الفترة إبتداء من تاريخ 15/11/2022 تاريخ نشر الموازنة ولغاية 31/12/2022 فيتم احتساب الدولار على سعر صرف بقيمة 15000 ليرة.
عملة مغايرة
أما في حال كانت الرواتب والأجور مدفوعة بعملة أجنبية من غير الدولار الأميركي، فيتم «تحويل تلك العملة إلى الدولار الأميركي وفقاً لمتوسط سعر التحويل بين العملات الأجنبية مقابل الدولار الأميركي، ومن ثم تُحول تلك الرواتب والأجور إلى اللّيرة اللبنانية وفقاً للأحكام المذكورة سابقاً للدولار أي على أساس 15 ألف ليرة للراتب النقدي و8000 ليرة لغاية راتب الـ3000 دولار، و1507.5 ليرة للراتب الذي يتعدّى هذا المبلغ إذا كان الراتب محوّلاً شيكاً أو عن طريق تحويل مصرفي».
ووفق تلك المعادلة تكون قيمة الضريبة المقتطعة من الراتب مقبولة الى حدّ ما، مقارنة مع السعر الذي كان محدّداً في الموازنة العامة والذي تمّ الإعتراض عليه.
كيف تحتسب؟
أوضح خبير المحاسبة المجاز والمحلّف جمال ابراهيم الزغبي لـ»نداء الوطن» أن «من يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية لن يتأثّر بتلك الضريبة، لأن قيمة التنزيلات العائلية التي تقتطع منه ستفوق قيمة راتبه، علماً أن التنزيلات العائلية تختلف بين فرد متزوّج ولديه أولاد دون 18 سنة و/أو دون الـ25 عاماً ولا يزال يتعلّم، وزوجته تعمل، وآخر متزوّج وزوجته لا تعمل، أو آخر غير متزوّج.
فالتنزيل العائلي للفرد وفق القرار الجديد يبلغ 37,500,000 ليرة، و2,500,000 ليرة عن كل ولد (ويخفّض 50% تنزيل الولد إذا كانت الزوجة تعمل)، وفي حال كانت لا تعمل تضاف قيمة 12,500,000 ليرة الى قيمة التنزيلات العائلية.
وأعطى الزغبي مثالاً على ذلك: فرد متزوّج ولديه ولدان وزوجته تعمل ويتقاضى راتبه بالليرة يبلغ نحو 3 ملايين ليرة شهرياً (أي 36 مليون ليرة سنوياً)، تبلغ قيمة التنزيل العائلي السنوي له قبل إقرار موازنة 2022، 7,500,000 ليرة، وعن الولدين 500 ألف ليرة (50%) لأن الزوجة تعمل، فتكون قيمة الراتب الخاضع للضريبة 28 مليون ليرة.
وتحتسب الضريبة عليه كالتالي:
أول 6 ملايين ليرة* 2 %(رسم الضريبة) = 120 ألف ليرة
وأول 9 ملايين ليرة *4% = 360 ألف ليرة
و28 مليون ليرة الراتب السنوي الخاضع للضريبة *7% = 910,000 ليرة. فتكون قيمة الضريبة السنوية المتوجبة 1,390,000 ليرة.
بعد قرار وزير المال
أما بعد صدور موازنة 2022 وقرار وزير المال الأخير، فتحتسب الضريبة على الراتب باللّيرة اللبنانية كالتالي:
-الراتب السنوي 3,000,000 * 12شهراً =36 مليون ليرة.
-التنزيل السنوي للفرد = 37,500,000 ليرة.
-تنزيل عن الولدين (50%) لأن الزوجة تعمل = 2,500,000 ليرة
فيكون الراتب السنوي الخاضع للضريبة 4 ملايين ليرة.
وبما أن التنزيل العائلي الإجمالي يبلغ 40 مليون ليرة وهو أكبر من إجمالي الرواتب السنوية فلا يتوجّب على الموظف أي ضرائب على الرواتب والأجور.
الرواتب بالدولار الأميركي
أما بالنسبة الى الرواتب التي يتمّ تقاضيها بالدولار الأميركي النقدي فتحتسب كالتالي:
إذا كان الراتب الشهري بقيمة 2000 دولار أميركي، كانت تحتسب ضريبة الدخل قبل موازنة 2022 وقرار وزير المال الأخير كالتالي:
قيمة الراتب السنوي 24 ألف دولار أي 36 مليون ليرة وفق سعر صرف 1500 ليرة، التنزيل السنوي الفردي 7,500,000 ليرة، والتنزيل عن الولدين 50% فقط لأن الزوجة تعمل بقيمة 500 ألف ليرة، يكون المجموع 28 مليون ليرة.
وبذلك يتمّ تقاضي قيمة ضريبة الدخل نفسها التي حدّدت للراتب بالليرة اللبنانية أي 1,390,000 ليرة.
أما بعد التعديلات الأخيرة التي طرأت على احتساب سعر الدولار أمام الليرة (والمحدّدة بـ15 ألف ليرة)، فتغيّرت المعادلة وبات الراتب السنوي الصافي بعد التنزيلات العائلية الخاضع للضريبة 173 مليون ليرة بقيمة إجمالية للضريبة السنوية 13,720,000 مليون ليرة بدلاً من 1,390,000 ليرة. كيف؟
إن السعر الفعلي للدولار من 15 تشرين الثاني 2022 الى نهاية العام حدّد وفق سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار وقبل هذا التاريخ بـ8000 ليرة.
فإذا كان الراتب الشهري للفرد على سبيل المثال بقيمة 2000 دولار فتتم العملية الحسابية لضريبة الدخل كما يلي:
للفترة التي تسبق 15 تشرين الثاني وهي 10 أشهر ونصف حيث سيحتسب الدولار على الـ8000 ليرة يكون مجموع الراتب لتلك الفترة بقيمة 21 ألف دولار أي ما يعادل 168 مليون ليرة.
ولفترة الشهر والنصف المتبقية: تبلغ قيمة مستحقاته 3000 دولار* 15 ألف ليرة للدولار= 45,000,000 ليرة. وبذلك يكون مجموع الراتب السنوي الإجمالي المسطّر حسب قرار وزير المال الأخير 213 مليون ليرة.
ومع التنزيل الفردي ( 37,500,000 ليرة) + التنزيل عن الولدين (مع حسم 50 % لأن الزوجة تعمل) بقيمة 2,500,000 ليرة. فتصبح قيمة الراتب السنوية الصافية بعد التنزيلات العائلية الخاضعة للضريبة 173 مليون ليرة.
وتحتسب قيمة الضريبة السنوية لتلك الحالة حسب الشطور كالتالي:
الشطر الأول: 18 مليون ليرة * 2% = 360 ألف ليرة
الشطر الثاني: 27 مليون ليرة *4% = 1,080,000 ليرة
الشطر الثالث: 45 مليون ليرة *7%= 3,150,000 ليرة
الشطر الرابع (المتبقي): 83 مليون ليرة*11 % = 9,130,000 ليرة.
وبذلك يشكّل إجمالي تلك المبالغ قيمة الضريبة السنوية لمن يتقاضى 2000 دولار ولديه زوجة تعمل وولدين 13,720 مليون ليرة لبنانية.
خلاصة
إذاً مما ذكرنا يتبيّن أن الضريبة تختلف لكل فرد حسب وضعه العائلي، فأدنى قيمة للتنزيلات العائلية للفرد باتت 37,500,000 ليرة وأقصاها 62 مليون ليرة إذا كان لربّ العائلة 5 أولاد، وبذلك تكون ضربت بـ5 أضعاف. علماً أن الضريبة عادة تكون سنوية ولكن تسدّد فصلياً على أن تحصل في نهاية العام تسوية للرواتب والأجور.
أما النسب الضريبية للشطور فلم تتغيّر ولكن تغيّرت قيمتها مع رفع سعر صرف «الدولار الضريبي». يبقى الإستحقاق الضريبي للعام 2023 هو الأبرز إذ سيحقّق زيادات كبيرة تماشياً مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وليس وفق سعر 15 ألف ليرة كما جاء للعام 2022!
باتريسيا جلاد – نداء الوطن