هذا ما سيفعله اللبناني في الـ2023
في اليوم الأول من بعد الأعياد، وبعدما طوى العام 2022 آخر أوراقه مسّلمًا همومه ومآسيه ومشاكله إلى العام الجديد، ماذا يمكن أن يُكتب، وما عسانا نقول. هل نكتب لنزيد على هموم الناس همًّا آخر، أم نحاول أن نضيئ شمعة في هذه الظلمة القاتمة؟ ما يمكن أن يقال في المجالين كثير، ولكنه يبقى ضمن الخطوط المرسومة لهذا البلد المغلوب على أمره، والمبتلى بطبقة سياسية لا فرق عندها إذا كان ناسهم قد أمضوا ليلة رأس السنة في منازلهم الباردة والمعتمة، أو إذا كانوا قد لجأوا إلى أسرّتهم من دون أن يتناولوا كسرة خبز “حاف” واحدة. هذه الطبقة من السياسيين غير المبالية بوجع الناس باقية حيث هي.
هذه الطبقة هي نفسها بأحزابها وتياراتها ستزل غدًا إلى ساحة النجمة، وستعيد “تمثيل” الدور نفسه، الذي حفظته عن ظهر قلب، وستضيف إلى جلسات العام 2022 العشر عشرات أخرى، من دون أن يرّف لها جفن، ومن دون أن تفقه معنى بقاء البلاد من دون رئيس للجمهورية، في تكرار لمشهدية العام 2014.
هذه الطبقة، وسنقولها كما هي، لن تتأثرّ إذا وصل سعر صرف الدولار إلى حدود المئة ألف ليرة. ولن تتأثرّ بالطبع إذا أصبح سعر ربطة الخبز خمسين ألف ليرة. وحده المواطن، الذي لا حول له ولا قوة، سيجوع ويعطش ويمرض ويعاني ويتألم وييأس.
في بدايات العام الجديد سيكون لهذا المواطن موقف، أو أقّله هذا ما يجب أن يقوم به. وإذا تحرّك الشعب هذه المرّة فلن تصمد الكراسي طويلًا، ولن يبقى من يعتبرون أنفسهم في منأى من شظايا “الثورة الحقيقية”.
فإذا كان نواب الأمّة، وهم ممثلون لكل الأحزاب السياسية بتناقضات توجهاتها وخياراتها، عاجزين عن إنتاج سلطة جديدة مسؤولة، فليتركوا الحكومة القائمة حاليًا تعمل بالحدّ الأدنى مما هو مطلوب منها، في محاولة منها لسدّ فراغاتهم. وإذا لم يشأ البعض من أهل السياسة أن يبلوا بطرف أصبعهم ريق الشعب، فحري بهم أن يزيحوا من طريق، الذين لا يزالون يؤمنون بأن ما يمرّ به لبنان من محن ليس سوى غيمة صيف، وسوف تعبر.
هؤلاء الذين لا يزالون ينظرون إلى النصف الملآن من الكأس مصممون على إنقاذ ما تبقّى، على رغم كل الصعوبات، وعلى رغم كل العراقيل، وعلى رغم محاولات التعطيل، التي أصبحت بالنسبة إلى هذا “البعض” هواية، وذلك بهدف تغطية السماوات بالقبوات، وبهدف ذرّ المزيد من الرماد في العيون من أجل تغطية ما لم يفعلوه يوم كانوا يستطيعون أن يفعلوا الكثير، بدلًا من القاء المسؤولية على الآخرين، بحجّة أنهم لم يدعوهم يعملون (ما خلّوهم).
الم يُقال يومًا أنه إذا “ابتليتم بالمعاصي فاستتروا”، أو ما جاء في القرآن الكريم “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ”.
هذا ما فعله هذا “البعض”، الذي لم يتحمّل المسؤولية، ولا يريد أن يتحمّل ولو جزءًا من هذه المسؤولية، ويطلب من الآخرين تحمّل نتائج ما لم يقدم عليه، أو فعل عكس ما كان مطلوبًا منه عندما كان في السلطة، أو عندما كان يختزل السلطة.
في بدايات هذا العام، الذي يؤمل أن يكون على غير شاكلة ما سبقه، لن يبقى هذا المواطن، الذي نُهبت مدّخراته وجنى عمره، ساكتًا و”حملًا وديعًا يُساق إلى الذبح”، بل سينتفض في وجه جلادّيه، ولن يكون بعد اليوم أسير “متلازمة ستوكهولم”، وسيقول رأيه بكل صراحة ووضوح وجرأة، تمامًا كما فعل في الأيام الأولى من “انتفاضة 17 تشرين الأول من العام 2019