هل يُرشّح “الحزب” قائد الجيش عوضًا عن فرنجية؟
كتب ربيع ياسين في “جسور”:
يُدرك حزب الله جيدًا دقة المرحلة المقبلة داخليًا وخارجيًا، خصوصًا وأنالجميع يحملونه ومن خلفه التيار الوطني الحرّ مسؤولية الانهيار الذي وصل إليهلبنان بسبب استيلائه على قرار الدولة، وتغطيته للفساد والصفقات الحاصلة خصوصًا منقبل حلفائه، وبسبب سياساته العدوانية تجاه دول الخليج وتحديدًا المملكة العربيةالسعودية خدمةً للمشروع الإيراني – الذي يعد الحزب إحدى أذرعة هذا المشروع – لذلكلم يحسم الحزب بعد اسم مرشحه للرئاسة، وهو متمسّك حتى اليوم بالورقة البيضاء حتىتنضج التسوية الرئاسية التي يسعى إليها.
التسوية مع السّعودية!
يحاول حزب الله – اللاعب الأساسي في الملف الرئاسي- تكرار تسوية عام 2016أي أن يختار رئيسًا للجمهورية قريبًا من خطه السياسي يحمي مشروعه وسلاحه، فيالمقابل يكون رئيس الحكومة مقبولًا عربيًا وتحديدًا من المملكة العربية السعوديةودول الخليج، وأن يتمتع بعلاقات جيدة مع العالم العربي والغربي، ولديه القدرة علىانتشال لبنان من أزمته المالية والاقتصادية.
هذا الأمر ترفضه المملكة العربية السعودية رفضًا قاطعًا، خصوصًا وأن تجربةالـ 2016 أثبتت فشلها، فبدل أن يستميل حلفاء السعودية في لبنان وتحديدًا القواتاللبنانية وتيار المستقبل الرئيس السابق ميشال عون إلى صفوفهم أو أقله إبعاده عنحزب الله قدر المستطاع ما يساهم في محاصرة الحزب من ثم إضعافه لمصلحة الدولةاللبنانية، أصبح البلد وحلفاء السعودية والرئيس ميشال عون في قبضة حزب الله، وهذاما لا تريد تكراره المملكة خصوصاً وأن الأخيرة سبق لها أن أكدت أنها لن تضعدولارًا واحدًا في لبنان طالما قرار الدولة بيد حزب الله، فالمملكة تسعى لأن يكونرئيس الجمهورية المقبل سياديًا قادرًا على استعادة الدولة من قبضة وهيمنة حزب اللهقبل أي شيء آخر.
استغلال جبران باسيل
كل المؤشرات تدل على أن حزب الله يحاول بطريقة غير مباشرة الترويج لاسممرشحه – حتى لو لم يعلنه رسميًا بعد – رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ضمن طاولةحوار يكون التيار الوطني الحر جزءًا أساسيًا فيها إلى جانب الفرقاء السياسيينالآخرين، وقد انتدب لهذه المهمة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي حاول في المرةالأولى قبيل انتهاء ولاية الرئيس الأسبق ميشال عون الدعوة لعقد حوار بين ممثليالقوى السياسية الممثلة في البرلمان لكن محاولته اصطدمت برفض من أكبر كتلتينمسيحيتين هما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
في هذا السياق عاد بري لإحياء المبادرة الموكلة إليه ولكن بطريقة مختلفة،عبر محادثات ثنائية مع ممثلي الكتل النيابية عوضًا عن جمعهم على طاولة مستديرة، فيمحاولةٍ لحصر أسماء المرشحين المتفق عليهم، تمهيدًا للمرحلة المقبلة.
الأكيد أن اسم سليمان فرنجية سيكون ضمن هذه الأسماء ولكنه سيصطدم بعقبتين:
– الأولى داخلية ومتمثلة برفض التيار الوطني الحر تسميته، وكان النائب جبرانباسيل أعلن أكثر من مرة أن أحدًا لن يمون عليه بموضوع تسمية فرنجية في إشارة منهإلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرلله.
– أما الثانية فهي خارجية ومتمثلة في كيفية تسويق فرنجية نفسه لدى دول الخليجوتحديدًا لدى المملكة العربية السعودية، وللمناسبة كان حضوره لافتًا في مؤتمرالطائف الذي دعا إليه السفير السعودي في لبنان وليد البخاري. ولكن هل يُعتبر هذامؤشرًا للرضى السعودي عنه؟
طبعًا لا .. فالسعودية لا تريد تكرار تجربة ميشال عون مرة جديدة، وهي تُدركجيدًا أن فرنجية لن يتخلى عن حزب الله ولا عن النظام السوري وبالتالي إمكانيةالرضى العربي والخليجي عن لبنان شبه معدومة.
أما بالنسبة للعقبة الأولى فيمكن أن تُحل في حال وافق حزب الله على إعطاءالتيار الوطني الحرّ ضمانات في ملف التعيينات بأنها ستكون من حصته وتحديدًا قيادةالجيش وحاكمية مصرف لبنان، وهذا ما يسعى إليه النائب جبران باسيل من خلال رفع سقفالمواجهة، وهو سيسعى إلى استغلال الحزب لأقصى الحدود، خصوصًا وأنه يعلم أن الأخيرأصبح محرجًا مع حليفه الأول سليمان فرنجية.
هل يفعلها الحزب؟
على الرغم من إدراك حزب الله خطورة المرحلة المقبلة ومحاولته إيجاد أيطريقة للتنصل من مسؤولياته في إيصال البلد إلى ما وصلنا إليه، وعدم قدرته علىالاستمرار في هذا الانهيار لست سنوات جديدة، إلا إنه في حال وجد نفسه محاصرًاخارجيًا بقرارات دولية تفرض رئيسًا قد يشكل خطرًا عليه وعلى سلاحه ومشروعه فيالمنطقة، فقد يلجأ إلى إعطاء باسيل ما يريد مقابل كسب تأييده لفرنجية وبذلك يكونالحزب قد قضى على ما تبقى من أمل بإعادة نهوض لبنان.
ولكن ماذا عن قائد الجيش؟
قد يكون خِيار ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون هو الأقل ضررًا بالنسبةلحزب الله داخليًا وخارجيًا، خصوصًا إذا تعذر الاتفاق بين حلفائه الداخليين أيالتيار “الوطني الحر” وتيار “المردة”.
في المقابل هناك إجماع داخلي وخارجي على قيادته الحكيمة للمؤسسة العسكريةالتي مرت ولا تزال في أحلك الظروف وأدقها وبقيت متماسكة بفضل صلابته وحكمته، ولكنالبعض يرى أن المؤسسة العسكرية شيء والسياسة شيء آخر، لذلك يتحفظون على إمكانيةترشيحه، ولكن هذا لا يعني أنه أصبح خارج السباق الرئاسي، خصوصًا أن معظم دولالقرار لا تضع فيتو عليه وبالتالي قد يكون المرشح الأوفر حظاً في المرحلة المقبلة.فهل يفعلها حزب الله ويتبنى ترشيحه عوضًا عن فرنجية؟