الانتخابات الإسرائيلية وانعكاساتها على لبنان والترسيم…
تستعد إسرائيل لإجراء انتخاباتها في الأول من تشرين الثاني المقبل، وسط منافسة حادة بين رئيس الحكومة الحالي يائير لابيد والاسبق بنيامين نتنياهو. نتائج الاستحقاق الاسرائيلي لا بدّ لها انعكاساتها على الداخل كما على الخارج والمحيط ، ولبنان، الجار الاقرب للأراضي الفلسطينية المحتلة، الذي سيوقع بعد غد اتفاقية ترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل، قد يكون اول المتشظين، اذ ينبّه بعض الخبراء من انعكاسات التنافس الانتخابي ونتائجه على قضية الترسيم، خصوصاً وأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدعم لابيد، وبالتالي ان فوز نتنياهو وعودته إلى ترؤس الحكومة ان حصل، يهدد مصير اتفاق الترسيم وضمان أميركا له.
وفي السياق، يرى السياسي الدكتور توفيق هندي عبر “المركزية” أن “لا يمكن التكهن بنتائج الانتخابات الاسرائيلية، لكن في شتى الأحوال، حتى ولو فاز نتنياهو لن يكون من السهل عليه تشكيل حكومة ومن المستبعد أن يتخطّى اتفاق الترسيم أو أن ينقده لأنه مغطّى بقوّة من أميركا وأوروبا والغرب بشكل عام. كذلك، وإن تعدلت الأوضاع في الانتخابات الأميركية ايضاً وفاز الجمهوريون في الانتخابات النصفية في الثامن من الشهر ستبقى الإدارة الحالية على موقفها من قضية الترسيم، لا سيما وأن السلطة العسكرية والأمنية الإسرائيلية تؤيد الاتفاق، تفادياً لنشوب معركة مع “حزب الله” على اعتبارها أنه مستعد لها. فبالإضافة إلى الخسارة الاقتصادية الضخمة لإسرائيل من خلال تعطيل أو ضرب آبار الغاز، تتجسد الخطورة الأكبر بالنسبة للسلطة الإسرائيلية بعدم جهوزية وقدرة تل أبيب على اعتراض صواريخ ومسيرات الحزب بالفعالية المطلوبة، ما يهدد بإلحاق الضرر بالبنى التحتية، لا سيما المطارات ومراكز توليد الكهرباء… نضيف عليه انشغال الغرب حالياً بالحرب في أوكرانيا ومواجهة الصين وغيرها من القضايا، في حين أن الشرق الأوسط ليس هو من أولوياته راهناً. إذاً، إن وصل نتنياهو إلى رئاسة الحكومة فلن يغامر بدفع “حزب الله” إلى المعركة، وهو المعروف بمزايداته الكلامية لكن من دون أي فعل. كما أن “حزب الله” يوحي بأنه سيبقي الاصبع على الزناد لمراقبة تنفيذ الاتفاق وليتأكد من تنفيذه من دون أي تلاعب. هكذا نرى أن استعداد الحزب على الحدود البرية سيبقى جاسماً على إسرائيل، كما أنه يحرّك حلفاءه ليس فقط في غزة إنما أيضاً في الضفة الغربية”.
أما بالنسبة إلى نقص الغاز في أوروبا وحاجتها الى تأمين بديل وتأثير ذلك على الاستقرار في المنطقة، فيجيب هندي “أحد اسباب الضغط الأميركي والأوروبي بهدف إتمام الاتفاق هي الحاجة الحيوية إلى الغاز، لا سيما الإسرائيلي. ما حصل هو نوع من اتفاق ضمني بين أميركا و”حزب الله” رغم تصنيفه بـ”المنظمة الإرهابية”، ذلك أن الأطراف التي فاوضتهم واشنطن هم أتباع أو حلفاء للحزب أو يعملون تحت سطوته”.
ويعتبر أن “لبنان دخل مرحلة جديدة وخطيرة جداً، تذكرنا نوعاً ما بمرحلة بداية التسعينات حين أعطي حافظ الأسد اليد الطولى لحكم لبنان على إثر دخول سوريا-الأسد في حرب الخليج ضد العراق وبعدها في اتفاقية مدريد فتم تسليمه لبنان. إلا أن كل هذا لا ينفي نتائج الاتفاق على الوضع الاقتصادي والمعيشي على المديين القريب والمتوسط، إذ سيشهد بعض الانفراجات، ما يقوي موقع الحزب داخل البلد”.
ويختم هندي “هذا التطور غير المفاجئ يجب أن يدفع أطراف “المعارضة” السيادية والتغييرية الصادقة (وأشدد على توصيف “الصادقة”) أن تكف عن التوهم بأن المسالك الدستورية يمكنها أن تؤدي إلى تغيير الأوضاع، على أن تشكل مع القوى والشخصيات الوطنية السيادية-التغييرية تجمعا”واسعا” يسعى إلى تحرير لبنان من الإحتلال الإيراني والطبقة السياسية المارقة القاتلة الفاسدة، وفق خريطة طريق إستراتيجية واضحة.