“الحزب” في مهمّة جديدة؟
كتب يوسف دياب في “الشرق الأوسط”:
يقود «حزب الله» مهمّة إعادة وصل العلاقة بين النظام السوري وحركة «حماس» المقطوعة نهائياً منذ بداية عام 2012، بعدما فرضت التطورات الإقليمية والدولية، إعادة ترتيب العلاقة بين حلفاء إيران، لا سيما أذرعتها العسكرية في المنطقة، خصوصاً في ظلّ تراجع الأمل بإنجاز الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب من جهة، وطهران من جهة أخرى، وارتفاع منسوب التهديدات الإسرائيلية من جديد.
ويتولّى الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله، محاولات تقريب وجهات النظر بين قيادة «حماس» والقيادة السورية، حسبما يرى محللون، ويستندون إلى اللقاء الذي جمع نصرالله مع قيادة «حماس» ببيروت في وقت سابق، وذلك بعد قطيعة دامت عشر سنوات بين «حماس» والنظام السوري.
وساءت العلاقة بين حركة «حماس» والنظام السوري، منذ بداية الثورة السورية في ربيع عام 2011، وانقطعت نهائياً خلال شهر تموز 2012، على أثر إقدام أجهزة المخابرات السورية على اقتحام مكتب ومنزل رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في دمشق، وتجريدهما من محتوياتهما، وإغلاق مكاتب الحركة ومنازل قياداتها في دمشق.
ويرى الكاتب والباحث السياسي قاسم قصير، المطلع على أجواء «حزب الله»، أن «الاتصالات بين “حماس” والمسؤولين السوريين عبر حزب الله وإيران، بدأت منذ سنوات، بهدف إجراء مراجعة للمرحلة الماضية وإعادة فتح صفحة جديدة».
ورأى قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «حركة “حماس” عمدت إلى اتخاذ مواقف عدّة خلال السنوات الماضية لإظهار تميزها، إضافة للانتخابات التي جرت في داخل “حماس” قبل نحو السنة، والتي أدت إلى انتاج قيادة جديدة مستعدة للتغيير، كما حصل لقاء بين قيادة “حماس” وعدد من العلماء في تركيا للتمهيد لقرارها»، مؤكداً أن «حزب الله لعب دوراً مهماً في ذلك، كما أن المتغيرات الإقليمية والدولية، أسهمت في فتح صفحة جديدة، جرى التعبير عنها بزيارة وفد “حماس” لروسيا والحوار التركي – السوري، كل ذلك أسهم في هذا القرار».
ولا ينظر مراقبون إلى الخلاف بين «حماس» والنظام السوري على أنه خلاف بنيوي.
ويرى الخبير في السياسات العامة زياد الصائغ، أن «الخلاف القائم بين “حماس” والنظام السوري، هو خلاف تكتيكي وليس استراتيجياً». ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «”حماس” تبحث عن دور لها في المشهد لإعادة ترتيب نفوذها بالتفاهم مع حزب الله، خصوصاً أن انتصار الفريق المقرّب من “حماس” في انتخابات الجماعة الإسلامية يوسّع هامش دورها». ويشدّد على أن «”حزب الله” يقود عملية ترتيب العلاقة بين “حماس” ونظام الأسد، تحت سقف جبهة الممانعة التي تقودها إيران، وهذا يعكس قناعة لدى المحور أنه بحالة انكفاء مريع، لأنه بات في مواجهة مع سياق اهتمام شعوب المنطقة وضد خيارها التاريخي، بعدما قاد هذا المحور الجريمة المنظمة، بدءاً بالعمليات العسكرية التي قتلت الشعوب وانتهاءً بتجارة الكبتاغون».
وسجّل في الأسابيع الماضية، زيارات لقادة حركة “حماس” إلى لبنان، أبرزها اللقاءات التي عقدت مع نصر الله، خصوصاً أنها تزامنت مع هجوم مركز من الحزب ضدّ الدول العربية، لا سيما دول الخليج.
ويشير الصائغ إلى أن حركة “حماس”، «لا يهمها وصل العلاقة مع عواصم القرار السنيّة، بقدر ما يهمها مكاسب في مناطق نفوذ إيران، أي في لبنان وسوريا وفلسطين واليمن وبعض العراق، لذلك فإن ترتيب الوضع لا يعدو كونه ترتيباً للمكاسب والنفوذ، ومحاولة إيرانية لضخّ الدم في شرايين مصطنعة غريبة أدخلتها في جسم شعوب المنطقة، بعد أن بدأ الجفاف يضرب هذه الشرايين، لذلك فإنّ هذا المحور بحالة قلق وارتباك على عكس البروباغندا القائلة بهيمنة هذا المحور».
ولا تخلو مواقف نصر الله من التأكيد على جهوزية محور الممانعة للحرب، واستعداده لتغيير وجه المنطقة في أي مواجهة محتملة مع إسرائيل وحلفائها، فيما يرى مراقبون أن هذه الشعارات ليست إلّا دعاية إعلامية تبرر تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة.
ويلاحظ زياد الصائغ أن «شعوب المنطقة تريد عدالة اجتماعية ووئاماً، كما تريد العيش في ظلّ دولة القانون والمواطنة، وهذا غائب عن الدول التي تخضع لنفوذ إيران وأذرعتها العسكرية، لذلك ما نشهده ليس إلّا مقاربة للعوارض المرضية التي يعانيها محور ايران، وليس لمسبّبات المرض»، لافتاً إلى أن «المواجهة الحضاريّة باتت مكشوفة بين حلف الأقليات الذي ترعاه وتغذيه إيران، والذي يدفع المنطقة إلى التفتيت، وحلف المواطنة الذي يريد دولة العدالة الاجتماعية ودولة الهوية الوطنية الدستوريّة والثقافية والحضارية، وهذه المواجهة بدأت تربك وتقلق إيران وأذرعتها، وفي نهاية المطاف ستنكفئ طهران، فلا إمكانية لإعادة ترتيب بيت الممانعة، وما أراه هو ترتيب للارتباك والقلق».