هذه هي معادلة العبور من جهنّم إلى الدولة!
حرّك رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، مياه الإستحقاق الرئاسي الراكدة بقوة، ما دفع نحو عملية خلط أوراق جديدة تحت سقف عنوانين أساسيين، الأول هو رفض الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، والثاني تمحور حول ضرورة انتخاب رئيس إنقاذي وقوي في الوقت نفسه، أي باختصار رئيس مواجهة وليس رئيس تسوية.
وإذا كانت كلمة رئيس “القوات” في الذكرى السنوية لشهداء “المقاومة اللبنانية” قد رفعت التحدّي السياسي إلى الذروة، الطابع الغالب على هذه الكلمة هو مصارحة الرأي العام، ووضع النقاط على الحروف، والتذكير بالماضي وتسليط الضوء على الوقائع، كما كشف رئيس جهاز الإعلام والتواصل في “القوات اللبنانية” شارل جبور، الذي أكد أنه من الضرورة بمكان أن يلمس الرأي العام اللبناني كل الحقائق التاريخية ويقارنها مع الواقع الحالي.
وأكد جبور ، أن الموقف السياسي مهم، والوضوح أهم، ولكن الثبات على الموقف أهم وأهم، والأساس أن نقول للبنانيين أن هناك لبنانان أمامهم، أي لبنان الذي يعرفه اللبنانيون، وهم عاشوه واختبروه، ويسمى “سويسرا الشرق”، والذي كان مركز الإستقرار والإزدهار، ومركزاً طبياً وجامعياً وتربوياً وسياحياً في المنطقة، وكان هناك دستور ومؤسّسات ودولة وسيادة واستقلال وجمهورية قائمة بحدّ ذاتها، ولبنان الآخر، هو لبنان القتل والإغتيال والعتمة وعدم الإستقرار والفقر والمؤسّسات ولبنان الكوارث والتعتير، بسبب تغييب الدولة والدستور والقانون والسيادة.
ورداً على سؤال حول أبعاد حديث جعجع، عن هذين اللبنانين، قال جبور، إن الأمثلة واضحة، وواضح من هو مع مشروع الدولة والدستور والقانون، والتي تحتكر وحدة السلاح، لأن هذا السبيل الوحيد لقيام الدولة، وهذا هو مشروع “القوات” الذي وحده يعيد اللبنانيين إلى الحقبة الذهبية التي عاشها لبنان. في المقابل، هناك فريق سياسي آخر ذاهب باتجاه تغييب الدولة وهذا اللبنان نخجل به، وبالتالي، أراد جعجع، تسليط الضوء على الوقائع وتظهير ماهية المشروعين السياسيين: الأول استعادة لبنان “سويسرا الشرق”، والثاني تغييب الدولة وتحويل لبنان إلى “مزبلة” العالم.
اما لجهة الوقائع؟ فسأل جبور، هل هي حقيقة أم كذبة أم صدفة، أنه في المرتين التي استلم فيهما الرئيس ميشال عون السلطة، انزلق لبنان إلى المآسي والكوارث والجحيم، ودمّر منطقة حرة سُيِّجت بدماء آلاف الأبطال والشهداء؟ يعود جبور ليجيب، بأنها ليست صدفة، لأن هناك فريقاً سياسياً يضع أولوياته في المقدّمة، ولا يأخذ في الإعتبار المصلحة العليا للبنان واللبنانيين، وبالتالي، فإن ممارسته أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم، كذلك، لم تكن صدفة أنه عندما وصل بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية، كانت 21 يوماً كافية لإعادة الأمل للبنانيين بقيام دولة، إن هذه الأمور ليست بالصدفة.
وما لم يقله جعجع، اشار إليه جبور صراحة بالقول، أن بعض الأطراف تحكم بعضلات “حزب الله”، وبعض آخر يحكم بعضلات نظام حزب “البعث”، وبالتالي، هذا ما أوصلنا إلى جهنّم وإلى الواقع الحالي الذي دفع برئيس “القوات” إلى الحديث بلسان غالبية اللبنانيين الذين يطمحون لأن يكون إنتخاب رئيس الجمهورية القوي الذي يستمدّ قوته من الدستور، وليس من عضلات غيره، معبراً من جهنّم التي نعيشها إلى دولة قانون والمؤسّسات.