محلياتمن الصحافة

“الكهرباء” و”الطاقة”: تهريب القرارات والعين على الـ 200 مليون دولار

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

مقاومة التغيير، ومحاولات البقاء خارج دائرة “القلق” التي تبعث على التطور، تظهر بشكل واضح في سلوك كهرباء لبنان. المؤسسة المحتاجة البارحة قبل اليوم، إلى الإلتزام بمعايير الحوكمة الرشيدة والإدارة الشفافة والاستقلال عن الطبقة السياسية، لم تدخر جهداً للتهرب من قانون الشراء العام. فقبل بدء نفاذ القانون في 29 تموز الفائت استعجلت الكهرباء “تهريب قرارين متصلين بتشغيل معامل، ومفصّلين على قياس شركات محددة، وقرار آخر متعلق بزيادة التعرفة”، بحسب ما يشير المدير العام السابق للاستثمار والصيانة في كهرباء لبنان غسان بيضون، “فتجلت الوقاحة والاستهتار بعقول الناس بأبشع صورهما”.

لم تنتظر مؤسسة الكهرباء بدء تطبيق قانون الشراء العام لتنفيذ مناقصات بشكل شفاف، بعيدة عن الشبهات، بل عمدت إلى “إجراء مناقصة عمومية لانتاج 66 ميغاواط ضمن حدود نطاق إمتياز زحلة، على مولدات لا تملكها”، بحسب بيضون. ولتلزيم خدمات انتاج كهربائية مع العلم أن المؤسسة تحتكر بالقانون الانتاج، النقل والتوزيع. وقد عمدت الشركة أيضاً إلى تهريب قرار يتعلق باتفاق بالتراضي لتشغيل معمل كهرباء مطمر الناعمة بعد عامين من اتخاذ القرار، بسعر أعلى من العقد السابق بلغ حوالى 6.7 ملايين دولار، ومن دون أن يكون هناك أي خطة لتأمين التمويل. ولا سيما أن الكهرباء المنتجة من المطمر توزع مجاناً.

أما بدعة البدع فتمثلت بقرار رفع التعرفة إلى 10 سنتات للاستهلاك الذي يقل عن 100 كيلوواط شهرياً، و27 سنتاً لما يزيد عن المئة كيلوواط، جرى تهريبه مباشرة إلى وزير الطاقة. فالمشكلة ليست برفع التعرفة إنما بالقدرة على التحصيل. وعدا عن كون هذه العملية مرهونة بعملية تأمين الفيول المعقدة لزيادة الانتاج، فهي تتطلب وجود قدرات فنية ومالية غير متوفرة لتعزيز الجباية. فالمؤسسة تطالب في هذه الظروف القضاء والقوى الامنية والجيش بمواكبة قمع المخالفات، فـ”هل من عاقل يصدق”، يسأل بيضون مستهجناً، ذلك أن “هذه العملية لم تحصل في أيام العز، فهل يمكن أن تتم اليوم، في الوقت الذي لم يبقَ فيه سلك نحاسي (كابل) للمؤسسة نتيجة التعديات”.

رفع التعرفة ليس لتأمين الكهرباء بمقدار 8 إلى 10 ساعات، إنما لتبرير الحصول على مساهمة بقيمة 200 مليون دولار من الخزينة. وإن قدّر للكهرباء ومن خلفها وزارة الطاقة الحصول على المال، فـ”سيشترون به فيولاً مغشوشاً، ويتقاسمون العمولات، وينتجون كهرباء بهدر يتجاوز 80 في المئة، ويقضون على ما تبقى من توظيفات الزامية في مصرف لبنان. وهذه الخلطة العجيبة لا تسمى خطة”، برأي بيضون، “إذ إن هناك استحالة بتأمين الكهرباء وهذه الخطة هي رفع عتب. خصوصاً أن التعرفة قابلة للتعديل كل شهرين، وتتطلب كشفاً شهرياً على العدادات وفوترة دورية مضبوطة، قد لا يكون لشركات مقدمي الخدمات القدرة على القيام بها، وإن استطاعت فالكلفة ستكون كبيرة جداً”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى