محليات

لبنان يتجاوز “توتال”… عودة النشاط الإستكشافي خلال الصيف؟

لا حاجة لكثيرٍ من الجهد كي ندرك أن شركة “توتال” الفرنسية تتعامل مع لبنان في ما له صلة بحقوقه النفطية والغازية بكثير من التسويف. وحتى لا يبقى لبنان أسير هذه الشركة (أو غيرها من الشركات)، قرّر تجاوز كل الإجراءات “التسويفية” التي تقوم بها، وكل أدائها المشبوه الذي يدفع إلى إبقاء الأعمال في المياه اللبنانية مجمّدة، وكل السياسات المخادعة التي تنتهجها ومنها المماطلة بتقديم التقرير النهائي لنتائج الحفر في موقع “قانا” ضمن البلوك 9، والذي تأسره عن قصد رغم الوعود التي أسدتها لتسريع خطوات تقديمه، وقرّر بشكلٍ جريء، أن يستأنف نشاطه الإستكشافي ضمن منطقته، على الرغم من الحرب وارتفاع مخاطرها، وأن يبدأ مرّة أخرى بالتفاوض مع شركات خدمات مسح، من أجل إنجاز عملية المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد في البلوك 8، في موعد مبدئي حُدِّد خلال الصيف المقبل، وبموازاته، إبداء جهوزية للتفاوض مع شركات بترولية غير متقدمة إلى دورة التراخيص الثالثة المفتوحة، بهدف اجتذابها للعمل ضمن المنطقة اللبنانية. وعملياً، بدل أن “تلزقنا” توتال بأجندتها، تعالوا “نلزقها” بأجندتنا.

الثابت إذاً، أن “توتال” لا تريد استئناف أعمال الإستكشاف كما تريد الدولة اللبنانية، إنما كما تريد هي، ووفقاً لمصلحتها، وطبقاً لتوقيتها وأجندتها. لذلك، سعت وتسعى في سبيل إبقاء “الدولة” رازحة تحت سلطتها، و”تطفيش” الشركات المهتمة (إن وُجدت)، وإظهار أن أحداً لا يهتم بالإستكشاف في لبنان، حتى “يخلو” لها الجو فتقبل على التزام البلوكات المتبقية بما يناسبها، ومن ضمن شروطها، وجعل البلوكات رهينتها، سواء في الحيّز ذات العلاقة بإجراء عمليات المسح، أو في موضوع الدراسات المتصلة، وتصبح هي من يحدِّد توقيت المسح وغير المسح بعدما تصبح الرخصة تلقائياً حصرية لها.

هذا الواقع، لا بد له أن يتغيّر، والمشهد الراهن يوحي بذلك، حيث بدأت وزارة الطاقة التفاوض مع تحالف الشركتين الفائزتين برخصة إستطلاع “غير حصرية” في البلوكين 8 و 10، وهما “برايت سكايز جيوساينس” البريطانية و “جيوكس أم.سي.جي” المصرية، من أجل الإستفادة من الرخصة غير الحصرية، بهدف استقطاب شركات جديدة، لديها مصلحة في أن تجري المسح.

وبحسب المعطيات، هناك حوالي 4 شركات أجنبية جديدة تنشط في تأمين خدمات المسح الزلزالي، أبدت استعدادها لتنفيذ الأعمال المطلوبة في البلوك 8. وفهم أن تلك الشركات، تسعى إلى تأمين موطئ قدم في منطقة شرقي المتوسط.

وتشير المعلومات، أن ما شكل حافزاً للشركات تلك، وجود تقديرات واعدة في لبنان حول مستقبل البلوك 8، ووجود احتمال كبير في العثور على حقول طبقاً لنماذج مسوحات سابقة أظهرت وجود هياكل ممتدة أسفل الخط 23، ما يسعى لبنان إلى تأكيده من خلال مسح زلزالي أكثر دقة. وما يخدم الشركتين، ملاحظتها إسرائيل، حيث، وعلى الرغم من الحرب الجارية وعدوانها على قطاع غزّة، تستأنف عملية ضخ الغاز من الحقول في البحر، وتستأنف كالمعتاد نشاطها في ما له صلة بعمليات التلزيم وفتح دورات تراخيص جديدة والتفاوض مع الشركات على تلزيم البلوكات الباقية، ما فهم كأن الشق المتعلق باستكشافات الغاز في المنطقة محيّد عن التوتر، ما يدفع لتلقّف الطلبات الواردة من لبنان باهتمام.

وعلم في هذا المجال، أن شركتين من أصل 4، طلبت من مزوّدي “تقارير الكشف الأمني” التي تعتمدها الشركات عادةً في تقدير مدى نسبة الأمن في المناطق المستهدفة، طلبت إعداد تقارير تتصل بالوضع في المياه اللبنانية، وتلك الإسرائيلية (الفلسطينية المحتلة)، والوضع الأمني بشكل عام في المنطقة، ومدى المخاطر الناجمة عن أي نشاط. وفي تقدير أوساط، تريد الشركتان تحديداً، الإستفادة من هذه التقارير من أجل مفاوضة الشركات الضامنة “(شركات التأمين)، من أجل توقيع عقود تأمين لها صلة بالباخرة والمعدات الخاصة المصاحبة لها.

وفي حال كانت الأمور سارية كما هو متوقع، تذهب الشركة المهتمة، والتي سيقع عليها اختيار وزارة الطاقة، للتفاوض مع الشركتين، البريطانية والمصرية، الفائزتين بالحق غير الحصري للمسح، من أجل التعاون في ما بينهما من أجل إتمام الأعمال، مع الإشارة إلى أن الشركتين، أي “برايت سكايز جيوساينس” و “جيوكس أم سي جي”، أظهرتا أخيراً صعوبات في مجال تأمين التزاماتهما على صعيد إجراء المسح الزلزالي الثلاثي الأبعاد في المنطقة المستهدفة، نتيجة حالة الحرب. ولا بد من الإشارة هنا، أنه من حق الدولة اللبنانية العمل بالموازاة مع الشركات الفائزة برخصة الإستطلاع، طالما أنها غير حصرية، ويتاح لها من أجل إنجاز أعمالها، السعي لاستقطاب شركات أخرى مهتمة والتعاون مع صاحب الحق غير الحصري.

ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى