اهم الاخبارمحليات

وحدات الخلويّ بالليرة… سرقة “نصف” قيمتها يقترب

لم تصدق وعود وزير الاتصالات السابقة، التي أكّدت طوال الفترة الماضية توجّهه نحو حصر زيادة التعرفة بالخطوط الخلويّة الثابتة، في مقابل تحييد أصحاب الخطوط المسبقة الدفع، أو “التشريج” كما تُعرف محلّيّاً. فصباح يوم الجمعة 4/3/2021، استيقظ أصحاب الخطوط الخلويّة المسبقة الدفع وفوجئوا بتحويل أرصدة هواتفهم إلى الليرة اللبنانيّة، في خطوة تمهيديّة لزيادة تعرفة الاتصالات الهاتفيّة والـSMS ورزمات الإنترنت، وهو ما يعني من الناحية العمليّة الاقتطاع من قيمة أرصدة هواتفهم. بشكل من الأشكال، بات مصير أرصدة الهواتف الخلويّة شبيهاً بما يُعدّ في خطّة الحكومة للودائع المصرفيّة: تحويلها إلى الليرة اللبنانيّة والاقتطاع من قيمتها بشكل غير مباشر.

تمّ تحويل الأرصدة إلى الليرة اللبنانيّة وفق سعر الصرف الرسمي، البالغ 1500 ليرة مقابل الدولار الواحد. وعلى سبيل المثال، من يملك 5 دولارات في رصيده الخلويّ، سيستفيد من 7,500 ليرة لبنانيّة في رصيده ابتداءً من يوم الجمعة. أمّا أسعار الخدمات الخلويّة، مثل كلفة الاتصال والرسائل النصّيّة ورزم الإنترنت، فسيتمّ استيفاؤها في المرحلة الأولى بنفس القيمة، إنّما بالليرة وبسعر الصرف الرسمي. وبذلك، فمن غير المرتقب أن يعاني أصحاب الخطوط الخلويّة المسبقة الدفع من أيّ تغيّرات في كلفة الخدمات أو قيمة أرصدتهم خلال الأيّام القليلة المقبلة، قبل أن يتمّ اتّخاذ قرار تعديل كلفة الاتصالات وخدمات شركتيْ الخلويّ في مجلس الوزراء.
لكنّ الإشكاليّة الفعليّة ستكمن لاحقاً بعد اتّخاذ قرار زيادة كلفة الخدمات الخلويّة في مجلس الوزراء، وهو القرار الذي تمهِّد له وزارة الاتصالات من خلال تحويل أرصدة الهواتف إلى الليرة اللبنانيّة، إذ سيؤدّي ذلك إلى خفض القيمة الفعليّة لأرصدة الخطوط المسبقة الدفع.

نموذجان لرفع الكلفة


وتعتمد الدراسات، التي تمّ إعدادها في شركتيْ الخلويّ، نموذجين لرفع الكلفة سيؤدّيان إلى نتيجتين متشابهتين:

النموذج الأوّل: خفض كلفة خدمات الاتصالات بمختلف أشكالها إلى ثلث الكلفة الحاليّة عند احتسابها بالدولار، لكن مع احتساب سعر الدولار وفقاً لسعر المنصّة. على سبيل المثال، فاتورة الخدمات التي كانت تبلغ سابقاً 15 دولاراً أميركياً، وكان يسدّدها المشترِك بنحو 22,500 ليرة لبنانيّة (على سعر الصرف الرسمي)، ستصبح 5 دولارات فقط، لكن مع تسديدها بالليرة بسعر صرف المنصّة، أي نحو 101,500 ليرة لبنانيّة. النتيجة في هذه الحالة زيادة كلفة الخدمات الخلويّة بنحو 4.5 مرّات، أو تقليص قيمة أرصدة الهواتف الخلويّة المسبقة الدفع بهذا القدر بعد تدنّي قيمتها الشرائيّة

النموذج الثاني: إبقاء نفس تسعيرة الخدمات الخلويّة عند احتسابها بالدولار، لكن مع احتساب الدولار بحسب سعر 8000 ليرة للدولار الواحد، أي أنّ فاتورة الخدمات التي كانت تبلغ سابقاً 15 دولاراً أميركياً، وكان يسدّدها المشترِك بنحو 22,500 ليرة لبنانيّة (على سعر الصرف الرسمي)، سيتمّ تسديدها بنحو 120,000 ليرة لبنانيّة بعد احتساب الدولار على سعر 8000 ليرة للدولار. والنتيجة في هذه الحالة زيادة التعرفة بنحو 5.3 مرّات، أو تقليص قيمة أرصدة الهواتف المسبقة الدفع بهذا القدر.

الخدمات تتراجع

في الحالتين، على المشتركين أن يتوقّعوا خلال المرحلة المقبلة تدنّي قيمة الخدمات الخلويّة التي يمكن الحصول عليها من أرصدتهم، عند زيادة كلفة الخدمات بقرار من مجلس الوزراء. يُشار إلى أنّ هذا القرار سيُلحق قدراً من الغبن والإجحاف بحقّ المستهلك لأنّه سيعني خفض قيمة الخدمات الخلويّة التي يمكن الحصول عليها بعد قيام المشترك بتسديد ثمن هذه الخدمات وشراء البطاقات المسبقة الدفع. بمعنى آخر، يمكن لوزارة الاتصالات اقتراح تعديل التعرفة للخدمات التي سيتمّ تسديد ثمنها نقداً في المستقبل، لكنّ اقتطاع قيمة الخدمات الخلويّة التي يمكن الحصول عليها من بطاقات الهاتف المَبيعة أصلاً ينطوي على تعسّف بحقّ المشتركين، لأنّ المشترك سدّد ثمن البطاقات على أساس كلفة معيّنة للخدمات. ويمكن لهذه المسألة بالتحديد أن تمثّل باباً للطعن بقرار زيادة التعرفة لاحقاً.


تعتبر وزارة الاتصالات أنّ اعتماد هذه المنهجيّة لزيادة التعرفة، أي تحويل الأرصدة إلى الليرة ثمّ زيادة كلفة الخدمات، هو الطريقة الوحيدة التي تحول دون استفادة المحتكرين من تعديل كلفة الخدمات الخلويّة. بمعنى آخر، ومنذ بدء الحديث عن زيادة كلفة الخدمات الخلويّة، تمّ تخزين أكثر من 40 مليون دولار من وحدات الهاتف المسبقة الدفع، بهدف الاستفادة من زيادة قيمتها في المستقبل، بعد زيادة كلفة شراء البطاقات المسبقة الدفع عند رفع التعرفة. أمّا الطريقة الوحيدة لمنع استفادة هؤلاء من زيادة الكلفة لاحقاً، فهي تحويل الأرصدة إلى الليرة اللبنانيّة في الوقت الراهن، وزيادة الكلفة على جميع المشتركين، بما يفقد الوحدات “المخزّنة” لدى المحتكرين لقيمتها

صلاحية مفتوحة لبطاقة التشريج

بالتأكيد، ستحول هذه الطريقة دون استفادة المحتكرين من زيادة الأسعار، لكنّها في المقابل ستحمّل عموم المشتركين الإجحاف الناتج عن تدنّي قيمة الوحدات الخلويّة الموجودة لديهم. هذا وتتّجه الوزراة إلى الإبقاء على صلاحيّة “بطاقات التشريج” الموجودة حاليّاً في الأسواق وغير المستخدَمة، والتي قام الكثير من التجّار بتخزينها خلال الفترة الماضية للاستفادة من أيّ زيادة محتملة في تسعيرتها، لكنّ صلاحيّة هذه البطاقات ستقتصر على تشريج ما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانيّة، مع الإبقاء على تسعيرتها الحاليّة بالليرة. وبهذه الطريقة، ستكون وزارة الاتصالات قد رفعت كلفة الخدمات الهاتفيّة وفقاً للسيناريوهين المطروحين، لكن من دون زيادة تسعيرة البطاقات الموجودة في السوق حاليّاً، ومن دون تمكين التجّار الذين قاموا بتخزين البطاقات من الاستفادة من زيادة الأسعار.

أساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى