محليات

الحد الأدنى في القطاع الخاص إلى 50 مليون ليرة؟

إعتاد سياسيو لبنان أن يلبوا مطالب شعبهم عبر عمليات “الترقيع” التي لا تجدي نفعًا. وأقرب مثال على ذلك، هو المسرحية الجديدة التي شهدها السراي الحكومي تحت عنوان “حلّ ترقيعي لأزمة رواتب القطاع العام”، حيث أقر مجلس الوزراء زيادات غير عادلة أنصفت البعض وأهملت الجزء الأكبر.
وفي ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون من الأزمة الاقتصادية مرورًا بالفراغ الرئاسي القاتل وصولًا إلى التطورات الأمنية التي لا تنذر بالخير، لا بد أن نطرح السؤال التالي: ما مصير القطاع الخاص الذي يكافح باللحم الحي للصمود؟

رأى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، أن “الوضع الاقتصادي في لبنان متدهور، ولا يزال ينحدر بفعل السياسات الخاطئة التي يمارسها السياسيون في لبنان منذ التسعينيات، فالاقتصاد الريعي القائم على السياحة والمضاربات العقارية لم ينجح”.

وأوضح الأسمر أن “هذا الواقع أدى إلى انحلال الدولة وإلى الانهيار الكبير الذي نشهده اليوم، الأمر الذي انعكس سلبًا على الواقع الاجتماعي، لذلك هناك ضرورة لزيادة الأجور في القطاعين العام والخاص، فبذلك نرفع جزءًا من المعاناة عن المواطنين”.

وشدد على أن “رفع الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون منطقيًّا، وأعدّينا دراسة في الاتحاد العمالي العام عن الحد الأدنى المقبول والذي يجب أن يصل إلى حوالي الـ52 مليون ليرة، ويشمل السلة الغذائية والتربوية والصحية، بالإضافة إلى السلة السكنية أي الكهرباء، المياه، الاتصالات، والنقل”.

وسأل: “هل يمكن تطبيق هذا الرقم على أرض الواقع؟”، معلنًا أن “الهيئات الاقتصادية رفضت بالمطلق هذا الرقم خلال حوارنا معها، وطالبت باعتماد الـ15 مليون ليرة، وبعد مجهود كبير تمكنا من رفع بدل النقل اليومي إلى الـ450 ألف ليرة ليصبح 10 ملايين و800 ألف ليرة، أي أكثر من الحد الأدنى للأجور وهو 9 ملايين ليرة”.

وأشار إلى أن “رفع الحد الأدنى لا ينعكس فقط على معيشة العامل، بل أيضًا على واقعه الصحي، لأن العمال في القطاع الخاص وعددهم 450 ألف عامل، مسجلون بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ويدفعون إشتراكات، وبحسب تقديراتنا في حال وصل الحد الأدنى إلى الـ20 مليون ليرة، سنستطيع أن نغطي التقديمات الصحية بالصندوق أي 80% طبابة و90% إستشفاء”.

وكشف الأسمر عن أن “جزءًا كبيرًا من أصحاب العمل بالقطاع الخاص لا يصرّحون عن الأجر الفعلي، ففي سنة 2019 نحو 55% من أصحاب العمل صرّحوا أن أجور عمالهم أقل من مليون ليرة، ما تسبب بتراجع قدرة صندوق الضمان على القيام بمهامه، والمطلوب اليوم التصريح الفعلي عن الأجر، لأن أي زيادة ستنعكس مباشرة زيادة في إيرادات الضمان”.

وذكر أن “هناك حوافز مهمة جدًّا يمكن أن تعطى للعامل إلى جانب الأجر، مثل التعويضات العائلية التي تضاعفت 10 مرات، المنح المدرسية التي نطالب بزيادتها 5 مرات، وبدل النقل الذي أصبح جزءًا أساسيًّا من الراتب ويساوي ما يقارب الـ10 ملايين و800 ألف ليرة لمن يعمل 24 يومًا في الشهر”.

ولفت إلى أن “الواقع الاقتصادي للمؤسسات والمصانع والمهن الحرة شهد نقلة نوعية عام 2023، إذ اتجهت جميعها نحو الدولرة وأصبحت أجور العمال جزئيًّا أو كليًّا بالدولار الأميركي”.

وتابع الأسمر في السياق عينه: “تأملنا أن يشهد الاقتصاد نموًّا أكبر في خريف الـ2023 ومع بداية سنة 2024، ولكن الحرب في غزة وجنوب لبنان قد أعادتنا إلى نقاط سيئة، من هنا أصبح موضوع رفع الحد الأدنى إلى حدود الـ50 مليون ليرة صعب التحقيق، لذلك نتجه إلى أرقام أقل”، مؤكدا “أننا منفتحون على المفاوضات”.

واعتبر أن “الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي بحاجة إلى استقرار سياسي، وكل ما يحكى عن عملية إصلاح بحاجة إلى هدوء سياسي أي عدم وجود تجاذبات وصراعات سياسية، وبالتالي انتخاب رأس السلطة الدستورية في لبنان وهو رئيس الجمهورية لإعادة إحياء المؤسسات، ومن دون ذلك لا مجال لأي نمو اقتصادي”.

وختم رئيس الاتحاد العمالي العام حديثه قائلًا: “إذا بقيت الأمور في الجنوب على ما هي عليه بالإضافة إلى الأحداث في المنطقة، فسيتأثر اقتصادنا بشكل سلبي أكثر فأكثر”.

بعد التجارب المخفقة والوعود الفارغة، لا يتوقّع اللبنانيون الكثير من حكومة تصريف أعمال فشلت في القيام بواجباتها. ولكن ما لا يقبل الشك أن الـ9 ملايين ليرة راتب غير منطقي، ولا يكفي العامل لتغطية حاجاته الأساسية في ظل هذا التضخم الهائل بالأسعار. فهل تصبح الـ50 مليون ليرة واقعًا، أم تبقى حلمًا صعب المنال؟

IMLebanon

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى