رفع رسوم “اللبنانية”: هل يربح الطلاب دعوى الطعن؟
اتخذ قرار رفع رسوم التسجيل في الجامعة اللبنانية بموافقة مجالس طالبية غير شرعية وغير ممثلة لحقوق الطلاب ومصالحهم، بفعل تعطيل انتخاباتهم الطالبية منذ عام 2008. وبحجة الأزمة وفي ظل الفراغ، «أفتى» كل من وزيرَي التربية والمالية بمضاعفة الرسوم أكثر من 10 أضعاف، فيما قوانين موازنة سابقة وقانون تنظيم الجامعة تنصّ على أن الزيادة تصدر بمرسوم في مجلس الوزراء، بناءً على توصية من مجلس الجامعة، وليس بقرار من وزيرين. فهل ضُرب مبدأ مجانية التعليم كخدمة عامة؟ وهل الطلاب مسؤولون عن تأمين إيرادات للجامعة وتسيير أمورها التشغيلية؟ ولماذا لا تبحث الدولة عن مصادر التمويل؟ وماذا عن أموال الجامعة من عائدات فحوص الـ PCR؟ وما علاقة الطلاب بدفع تكاليف ملف تفرغ الأساتذة في الجامعة الرسمية، أو بنفقات الكهرباء والمازوت والإنترنت والقرطاسية وغيرها؟ هل تدخل زيادة الرسوم ضمن رؤية لإدارة الجامعة بشأن كيفية إنفاقها؟ وهل ستذهب هذه الأموال لتحسين الخدمات التعليمية والاجتماعية للطلاب وتعزيز المختبرات ومراكز الأبحاث؟
كل هذه الأسئلة تدور في أروقة الجامعة، فيما هناك من الأساتذة من يدعو إلى اعتماد مقاربة علمية، إذ لا يمكن أن تبقى الرسوم كما هي من دون أي تغيير بعد «دولرة» كل شيء، وليس منطقياً أن يتخرج طبيب في الجامعة برسم تسجيل يراوح بين 3 و7 دولارات، ولتدرس قيمة ما كانت تشكّله هذه الرسوم من ميزانية الجامعة قبل الأزمة وما بعدها، وليؤخذ في الاعتبار كيف انخفضت ميزانية الجامعة من 250 مليون دولار إلى 56 مليوناً، لافتين إلى أن الزيادة المطروحة لم تصل بعد إلى حدود الأقساط، وهي تعود بالنفع على الطلاب بشكل مباشر أو غير مباشر، مع أهمية مراعاة الفروقات بين كلفة الطالب في الكليات العلمية والكليات الاجتماعية والإنسانية كي تكون الزيادة عادلة وبعيدة عن الشعبوية
وعن مدى قانونية القرار، يعلق البعض أن الأمر نفسه حصل العام الماضي عندما رفعت الرسوم ولم يعلّق أحد على الأمر. وفيما يبدو بعض الأساتذة مقتنعين بأن رفع رسوم التسجيل يهدف إلى الحفاظ على الجامعة ومستواها المتميز محلياً وعربياً وعالمياً، يرفضون ربط الرسوم بالتفرغ ولا سيما أن الأساتذة أصحاب الكفاءة لن يتحمسوا للتفرغ برواتب أدنى بكثير من الجامعات الخاصة وحتى من الدكاكين الجامعية، وهم بالتالي يطالبون بـ«تجيير» الزيادة على الرسوم لدعم صمود الأساتذة عبر تعزيز رواتبهم وحوافزهم مع يقينهم بأنها لا تغطي كل التكاليف.
إلى ذلك، تتجه الأنظار إلى مجلس شورى الدولة لمعرفة مصير الطعن الذي تقدم به ثلاثة طلاب في الجامعة بمبادرة من الاتحاد الطلابي العام، استناداً إلى عدم قانونية القرار، «الصادر عن سلطة غير مختصّة وبما يتعارض مع قوانين موازنة سابقة وقانون تنظيم الجامعة اللبنانية الذي نص على أن زيادة الرسوم تصدر بمرسوم في مجلس الوزراء، بناءً على توصية من مجلس الجامعة، وليس بقرار عن وزيرين وبغياب أي توصية من أي مرجع جامعي».
الدعوى ترافقت مع طلب وقف تنفيذ القرار ضمن أقصر المهل، لما يتضمّنه من مخالفات، ولما لتنفيذه من ضرر مباشر على الطلاب الذين قد يفقد بعضهم إمكانية إكمال دراسته في الجامعة. وينتظر أن يصدر القرار التمهيدي في غضون 15 يوماً من تاريخ تقديم الدعوى. ومن شأن القرار المطعون فيه أيضاً أن يضرب، بحسب المراجعة، الحق بالتعليم المكرّس في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اللذين بات لهما قوة الدستور بموجب الفقرة «ب» منه، وليس أدلّ على ذلك، من أن رسم التسجيل يزيد على الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص، فضلاً عن أنه يبلغ أضعاف رواتب الموظفين العامين في القطاع العام.
وأشار الناشط في الاتحاد الطلابي العام، خضر أنور، إلى أن متابعة القرار قضائياً تدخل ضمن حملة «مصالحنا ضد مصالحكم» التي ستستكمل بخطة تحرك ميدانية، في ضوء الحكم الذي سيصدر عن مجلس شورى الدولة، وبعد نفاد المهلة القانونية، وخصوصاً أن المشكلة ليست في الرسوم وحسب إنما هي مشكلة بنيوية تتعلق بنهج السلطة تجاه الجامعة الرسمية، والإدارة المالية والحوكمة ورفع ميزانية الجامعة، مشيراً إلى «أننا لن نسمح بوضع الطلاب في مواجهة الأساتذة».
وكان القرار الجديد قد تضمن رفع الرسوم في مرحلة الإجازة للطالب اللبناني إلى 13 مليوناً و500 ألف ليرة في السنة، بما يوازي 150 دولاراً، فيما بلغ رسم التسجيل للطالب الأجنبي 60 مليون ليرة، بما يعادل 650 دولاراً. أما في مرحلة الماستر، فتقرر رفع رسم التسجيل للطلاب اللبنانيين إلى 18 مليون ليرة، بما يوازي 200 دولار. وفي مرحلة الدكتوراه، بلغ الرقم 22 مليون ليرة، يما يعادل 250 دولاراً. فيما تصل الرسوم المفروضة على الأجانب إلى 600 مليون ليرة في مرحلة الدكتوراه.