كلفة “غسل الكلى” ستتخطى هذا الرقم
واقع مرّ ومذلّ هو ذاك الذي حكمت به سلطة فاشلة على مرضى، كل ذنبهم أنهم ولدوا في وطن يئنّ على فراش الموت. الحديث اليوم ليس عن مرضى السرطان الذين لا حلّ بعد لقضيتهم، بل عن مرضى غسيل الكلى الذين هم على نفقة وزارة الصحة في مستشفيات باتت عاجزة عن تأمين أدويتهم، والسبب يعود إلى أن مستحقات المستشفيات معلّقة في وزارة المالية التي بدورها “تنتظر” بعض المستندات من وزارة الصحة. فماذا ينتظر المرضى إذاً؟
هارون: الوضع بات لا يحتمل
بالفعل، النقطة الأساس بهذا الملف في الوقت الحالي، هي التأخير بتسديد الفواتير للمستوردين، علاوة على أن الوهن الذي أصاب الدولة هو السبب الرئيسي لتقاذف المسؤولية بين الوزارتين ، بحسب ما أكده نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون.
أوضح هارون أنه “لم نتقاضَ حتى الساعة أي مبلغ عن المرضى الذين هم على حساب وزارة الصحة، في الوقت الذي يجري فيه تقاذف التهم بين وزارتي الصحة والمالية لناحية التقصير، إلا أننا لا نملك ترف حلّ الحزازير لنعرف من المخطئ بينهما”.
وأضاف: ” المستوردون يطالبون بنيل كل مستحقاتهم، أي ثمن أدوية مرضى غسيل الكلى في مدّة شهر واحد، بينما الجهات الضامنة استغرقت ما بين 5 إلى 8 أشهر للدفع”.
وأشار هارون إلى أنه في وقت كانت المسؤولية فيه ملقاة على عاتق وزارة المالية بأنها لم تصرف حتى الآن الأموال المستحقة، إلا أنها أوضحت أنها لم تتسلّم بعد من وزارة الصحة جميع المستندات اللازمة للقيام بذلك، الأمر الذي استغربه هارون بعد مرور 8 أشهر على بداية الأزمة على حدّ تعبيره.
وشدد هارون على أن “الوضع بات لا يحتمل، بين تصليحات المعدّات وأجور الموظفين وكل الأكلاف، الأكثر ضغطاً هي مطالبة المستوردين بنيل مستحقاتهم مهددين بوقف تسليم الأدوية”، متسائلاً: “ماذا عليّ أن أفعل بالمريض في هذه الحالة؟”.
وفي هذا الإطار، لفت هارون إلى أن حالة المرضى الذين يتوجهون إلى المستشفيات لغسل الكلى المادية “على قدّهم”، في حين أن ميسور الحال بإمكانه تأمين جهاز الغسل من دون أن يتكبّد عناء زيارة المستشفى للخضوع لكل جلسة.
وعن كلفة جلسة غسل الكلى، قال هارون إنها باتت تبلغ 63$ مع احتساب أجرة الطبيب، كاشفاً أنه سيجري رفع الدعم عن المستلزمات الطبية وبالتالي ستصبح كلفة الجلسة 62$ للمستشفى مع إضافة أجرة الطبيب بعد تحديدها لاحقاً، أي أن الكلفة ستصبح باهظة جداً.
كما أكد هارون أنه بسبب المشاكل الحاصلة، فإن المستشفيات الخاصة لم تعد توسّع أقسام غسل الكلى لديها، وبالتالي لا أماكن شاغرة لاستقبال مرضى جدد لديها.
وشدد هارون على أن “الدولة تعاني من صعوبات مادية كبيرة في حين أن الكلفة الاستشفائية تتزايد كما في كل بلدان العالم، والأكيد أن لا مقدرة للدولة اللبنانية على تأمين التغطية الصحية كما تعد، والأمر لا يقتصر فقط على الأمراض المستعصية، إذ أن الفروقات لأي عملية صغيرة باتت مرتفعة جداً”.
إذ أكد مدير عام “المالية” بالوكالة جورج معرّواي أن مهمة الوزارة الوحيدة هي تأمين الأموال، أما كل ما تبقّى فهو من مسؤولية وزارة الصحة.
وفي هذا الإطار، شدد معرّاوي على أن وزارة الصحة لم ترسل بعد كل المستندات المطلوبة المتعلقة بمستحقات المستشفيات، وبالتالي فإن “المالية” بانتظار اكتمال كل المستندات كي تصرف المبالغ المخصصة لذلك.
وجدد التأكيد أن وزارة المالية وتحديداً مديرية الصرفيات تتلقى التصفيات، أي الفواتير المستحقة على وزارة الصحة، ويجب أن تكون مرفقة بالمستندات اللازمة كي تتم عملية الدفع، والأمر لا يتعلق بمرضى غسيل الكلى فقط بل بأي قسم آخر.
وختم معرّاوي مشدداً على أن لا مشكلة سيولة لدى وزارة المالية فيما خصّ موضوع مرضى غسل الكلى، بل الأموال مؤمنة بانتظار انتهاء الإجراءات لصرفها.
وزارة الصحة
وفي اطار المعالجات لهذا الملف رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إجتماعا امس شارك فيه وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض، وزير المالية يوسف الخليل، حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، والمدير العام لوزارة المالية جورج معراوي.
وأعلن وزير الأبيض بعد الاجتماع” أن الموضوع الأساسي على جدول النقاش كان البحث في آلية لصرف الأموال التي أقرها مجلس الوزراء الأسبوع الفائت بهدف دعم أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية، وكان تجاوب من الجميع وكانت الآلية واضحة، وسيتم البدء بصرف هذه الأموال هذا الأسبوع كما أكد حاكم مصرف لبنان بالانابة السيد منصوري. وهذا الموضوع بالنسبة لوزارة الصحة أمر جد مهم، وكما وعدت الحكومة فسنظل نقف الى جانب مرضى السرطان والأمراض المستعصية وغسيل الكلى للتأكد من انهم يحصلون على الادوية التي يحتاجون إليها لمكافحة هذه الامراض. وجرى ايضا البحث مع وزارة المالية ومصرف لبنان بموضوع المستشفيات والاسراع في تسديد مستحقاتها، كما وعدنا في الاجتماعات التي تمت بين الجهات الضامنة والمستشفيات وخصوصا مستحقات المستشفيات عن مرضى غسيل الكلى. وكذلك تم التوافق على التسريع في هذا الموضوع، وان شاء الله سيبدأ تحويل الأموال سريعا للمستشفيات.
أضاف: كان اليوم جيدا بالنسبة إلى مرضى غسيل الكلى والسرطان والأمراض المستعصية وستبذل وزارة الصحة والاطراف الأخرى كل الجهود لتأدية واجباتها تجاه هؤلاء المرضى.
وعن مصادر التمويل قال الوزير الأبيض: “ان جزءا من التمويل هو من حقوق السحب الخاصة ومن الأموال التي حصلتها الحكومة، وكما أكد حاكم المصرف بالإنابة لن يتم المس بأموال المودعين. فالأموال المطلوبة لالية الدعم موجودة، وقد أكد الحاكم وجودها، وان شاء الله ستغطي الأشهر المقبلة ، على أمل أن يحصل حل سياسي واقتصادي في البلد ونفتح صفحة جديدة.
لبنان٢٤