جاء في صحيفة النهار:
طغى ترقّب ثقيل على مجمل المشهد الداخلي وسط المؤشرات التي توحي بأن الأسبوع الطالع سيشهد تطورات سياسية ومالية مفصلية إن بالنسبة إلى حسم الوضع العالق في حاكمية مصرف لبنان قبل أسبوع واحد من نهاية ولاية الحاكم رياض سلامة في 31 تموز الحالي وإن في شأن المجريات المتصلة بالازمة الرئاسية مع الزيارة الثانية المنتظرة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بدءاً من مطلع الأسبوع.
ولم يعد خافياً أن عوامل البلبلة والغموض والتعمية بإطلاق خطط الساعة الأخيرة وسواها من المناورات والتحركات والمواقف التي زادت التعقيد تعقيداً قد ساهمت مساهمة فعّالة في تصعيد المخاوف من تداعيات مالية سلبية بات معظم الخبراء الاقتصاديين الجديين يتوقعونها مع نشؤ وضع مائع غير متماسك في حاكمية مصرف لبنان خصوصاً إذا صح السيناريو الذي يتحدث عن اعتزام النواب الأربعة للحاكم على الاستقالة في اليومين المقبلين على أن تطلب منهم الحكومة الاستمرار في تسيير المرفق حتى تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. ورغم التحفظات عن رمي سيناريوات استباقية لما يمكن حصوله من تداعيات ولا سيما لجهة ارتفاعات حادة و قياسية في سعر صرف الدولار في الأسواق المالية بكل ما تستتبعه من اهتزازات اجتماعية واسعة مرتقبة فإن الأيام الأخيرة سجلت أكثر من مؤشّر إلى تنامي خطر الاهتزازات هذه لا سيما مع عودة ظاهرة اقتحامات المصارف التي عاودت اقفال أبوابها امام المواطنين ومن غير المستبعد أن تستمرّ في إجراءات تقييد حركتها حتى ما بعد جلاء مصير حاكمية مصرف لبنان. وأفادت معلومات في هذا السياق أن الساعات المقبلة ستتسم بأهمية حاسمة لجهة بلورة الاتجاه النهائي قبل الثلثاء الذي تبلغ المسؤولون المعنيون أن نواب الحاكم حددوه موعداً نهائياً لإعلان استقالتهم الجماعية.
أما في المشهد السياسي وإذا كان الجميع في انتظار وصول لودريان مجدداً إلى بيروت الاثنين أو الثلثاء المقبلين فإن اللافت في هذا السياق أن معظم المعطيات والمؤشرات لدى غالبية القوى السياسية كما لدى المسؤولين الرسميين تعكس عدم توقع أي اختراق قد ينجح فيه الموفد الفرنسي. ومع ذلك ستتسم لقاءاته في لبنان برصد دقيق لجهة تبين طبيعة القرار الذي اتخذته فرنسا بخصوص إكمال أو عدم إكمال مبادرتها وتحركها في لبنان أم أنها تنكفئ وتسير في ركاب توجهات المجموعة الخماسية التي كان واضحاً أنها لم تعد تتجه إلى ترك الملف اللبناني برقابة ورعاية حصريتين لفرنسا.
وهذا ما يفسر التوتر الذي يطبع تصريحات مسؤولي “حزب الله” الذي أكد عضو المجلس المركزي فيه الشيخ نبيل قاووق أن “التحرك الخارجي ينجح إذا كان يداً للمساعدة، ولم يصبح جزءاً من الانقسامات”، لافتاً إلى أن “التحريض لا يغيّر المعادلات، والتضليل لا يغيّر المعادلات، وعلى البعض ألا يضيّعوا الوقت وألا يهدروا الفرص، وعليهم أن يتعلّموا من التجارب الماضية، وأن لا يجربوا المجرّب”. واشار إلى أن “مسار الانهيار متواصل، والأزمات الداخلية تتراكم وتتفاقم ولم تعد تطاق، والجميع يعلم أنه لا حل إلاّ بالتوافق الوطني”. ولفت خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه “حزب الله” في بنت جبيل، إلى أن “الفريق الآخر يرفض التوافق لأنهم لا يمتلكون مشروع توافق، ولأنهم أسرى أوهام المواجهة والصدام”. ورأى قاووق أن “عمق المشكلة اليوم يكمُن في أن الفريق الآخر يريد المواجهة والصدام ويخطط ويعمل على المواجهة والصدام، ومن يرفض التوافق، عليه أن يتّهم نفسه، ومن الطبيعي أن يتهمه الآخرون بالعرقلة”. وتوجّه لـ”جماعة التحدي والمواجهة”، بالقول “هل تراجعتم عن قراركم بتعطيل نصاب الجلسات إذا كان سيُنتخب فيها الوزير سليمان فرنجية؟ ومن حق اللبنانيين أن يسمعوا جوابكم”.
في المقابل أعلن عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش: “اليوم هناك فرصة للاستفادة من المعونة الدولية ولكن في الوقت نفسه لا يحق لنا تشريع أبوابنا أمام التدخلات الخارجية التي لا تصب في مصلحة البلد، مضيفاً “لم نرفض يومًا الحوار بالمطلق لأنه بديل عن التشنجات والمشاكل والحروب، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن أن يكون الحوار مضيعة للوقت أو لاقناعنا بخياراتهم”، معتبراً أن “على الحوار الناجح أن يكون محددّاً بشروط أولّها تحديد الوقت، وتحديد جدول للأعمال، والتركيز على الاستحقاق الأهم الممثّل بـ”رئاسة الجمهورية”. وأكد حنكش أن “زيارة لودريان القريبة يمكن أن تحمل شيئًا منطقيًا يساعد في خرق الجمود الذي نعانيه ولكن لا شيء منزل فنحن نختار ما يفيدنا ويصبّ في مصلحة لبنان”. وأشار إلى أن “المعارضة متمسكة بترشيحها لجهاد أزعور وستصوّت له في أي جلسة قريبة، ولكن من الممكن أن يكون هناك تغيير على الصعيد الفردي للنواب ولكن معظم الكتل التي تلاقت على أزعور لا تزال متمسكة به”.
من جانبه، استبعد عضو “لبنان القوي” النائب سيمون أبي رميا أي نتائج ملموسة لزيارة لودريان الأسبوع المقبل إلى لبنان في ظل التعطيل الحاصل داخليًا والتوازنات السياسية التي لا تعطي الأكثرية لأي طرف. فالنظام السياسي في لبنان تحكمه التعددية الطائفية التي تشكل مصدر غنى إلا أنها من جهة أخرى تجعل منه نظامًا تعطيليًا بسبب أداء السلطة السياسية. وشدد أبي رميا على أن الحل يتمثل إما بجلسات انتخابية مفتوحة او بطاولة حوار بين كل الكتل السياسية تكون منتجة.