محليات

يوم الحساب في مسيرة غادة عون

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

بالإجماع صدر القرار عن المجلس التأديبي بصرف القاضية غادة عون من الخدمة بناءً على شكاوى عدة مقدمة أمام التفتيش القضائي. فجاء الرد من الشارع وتحديدا من أمام قصر العدل “يا بلا ضمير… لم أخترع شيئاً ولدي أدلة وهم يحاكمونني لأنني أقوم بعملي… أنا مش خايفي من حدا حتى لو بدن يقتلوني” قالت عون قبل أن تقفل عائدة مع مجموعة من “المناصرين” الذين حضروا أمام بوابة قصر العدل غداة صدور القرار للإعتصام والتضامن معها، لتنهي مسيرة عملها في السلك القضائي تحت عنوان…التمرد في وجه القانون!.

قصة النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون مع التمرد على القضاء قديمة،  لكنها تعاظمت في عهد الرئيس السابق ميشال عون حيث كانت تعتبر من الموالين للتيار الوطني الحر.و بدل أن تسهر على حسن تنفيذ أحكام القانون ضربت بها عرض الحائط وأصابت معها هيبة القضاء .

وبغض النظر عن أحقية الملفات التي كانت تلاحق أصحابها أمام القضاء المختص  أم لا، إلا أن هناك أصولا وقرارات منصوص عليها في القانون وقد تخطّتها عون لاستكمال تحقيقاتها يقول رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، ويذهب إلى تعداد المخالفات وهي ، الإستماع إلى رئيسها المباشر مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، الخضوع لقرارات وتوصيات مجلس القضاء الأعلى، التقيد بمبدأ حسن تطبيق القانون على الناس . كل هذه الإعتبارات تخطتها وهي المؤتمنة على القانون وبقيت فاتحا ع حسابا”. ويلفت إلى أن حالة التمرد التي شكلتها عون ضربت هيبة القضاء إلى أن جاء يوم الحساب والواضح أنه كان وسيبقى عسيرا.

في ملفات الدعاوى المرفوعة بحق عون أمام التفتيش القضائي حوالى 30 شكوى منها دعاوى رد من قبل المتضررين. وبدل أن ترفع عون يدها عن دعوى الرد فور تبلغها من المباشِر في انتظار صدور القرار إما بقبوله أو رده، كانت تبادر إلى طرده وتكمل التحقيقات بحجة أنها لم تتبلغ الدعوى لكن قانوناً تبلغت !.

لا يتردد صادر بتوصيف تمرد عون على القانون ب”الحالة الموصوفة”، ليؤكد أن إزاء هذا الواقع كان لا بد من فتح ملفات الشكاوى أمام التفتيش القضائي لينظر بها رئيسه القاضي بركان سعد. إلا أن الأخير وضعها في الأدراج ليدخل معه التفتيش القضائي في موت سريري على مدى 4 أعوام إلى أن دقت ساعة خروج القاضي سعد إلى التقاعد من دون أن يحرك سكون الدعاوى المرفوعة في حق عون.

بعد تسلم القاضي بالإنابة منصب سعد، بادر إلى تحويلها إلى هيئة المجلس التأديبي . ويلفت القاضي صادر إلى أن ” وظيفة هيئة التفتيش القضائي  التحقيق في الملف أو حفظه أو إحالته على المجلس التأديبي إذا لزم الأمر. إلا أن التفتيش القضائي لم يقم بعمله لأنه على ما يبدو كان “معطلا” مما يؤكد أن المسؤولية المباشرة تقع على الأخير وليس على المجلس التأديبي” .

مع فك أسر التفتيش القضائي وإحالة الشكاوى إلى هيئة المجلس التأديبي تبين أن هناك عشرات الدعاوى ومن ضمنها دعاوى رد رفضت عون تبلغها أضف إلى ذلك عدم تنفيذها أوامر رئيسها المباشر القاضي غسان عويدات. فجاء يوم الحساب وكان عسيراً . فالقرار الذي أصدره المجلس التأديبي بالإجماع قضى بصرف عون من الخدمة “وهذه العقوبة هي الأقسى والأشد بحسب صادر .فالعقوبات تتدرج في العادة من التأنيب إلى اللوم ثم تخفيض الدرجات، وآخرها وأقساها الصرف من الخدمة التي اتخذت بحق عون إستنادا إلى ما قامت به من مخالفات.

قد تكون عون محقة في ملاحقة من ادعت عليهم بالإختلاس والجرائم المالية وتبييض الأموال و… قد لا تكون. لكن في أي من الحالتين عليها اتباع الأصول والإجراءات القانونية ولا يجوز أن تتصرف وفق أهوائها وتستعين تارة بعناصر من جهاز أمن الدولة أو الحرس الجمهوري لتنفيذ خطتها. من هنا يرجح صادر اتخاذ المجلس التأديبي العقوبة الأقسى بحقها، ويشير إلى أن هذه العقوبة قد تشكل رادعاً لكل قاضٍ يفكر في مخالفة الأصول والإجراءات القانونية والأهم أنها تساهم في تنظيف البؤر التي كانت تشكل محميات بأمرة رجال السياسة يقول صادر.

ماذا بعد قرار المجلس التأديبي؟ “بتفل” القاضية عون أم تستأنف؟ هنا السؤال. “بحسب الأصول لازم تفل. وإذا لا ، وهذا ما تبين بعد صدور القرار، تستأنف أمام الهيئة العليا للتأديب المؤلفة من قضاة مجلس القضاء الأعلى ويرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى. وبحسب الأصول القانونية تعمل الهيئة على دراسة الملفات والنظر في العقوبة التي اتخذها المجلس التأديبي ويصدر القرار”.

الواضح حتى الآن أن عون لن تتوقف عن ممارساتها ولو كلفها الأمر حياتها كما صدر عنها اليوم علما أن القرار الذي سيصدر عن الهيئة العليا للتأديب ملزِم وعليه إما أن تُسحب منها المجموعة الأمنية المرافقة وتوضّب أغراضها وتخرج من مكتبها وإما “بتضل” ورجح القاضي صادر أن يصدر القرار عن الهيئة العليا للتأديب في مهلة لا تتعدى الشهرين.

وفي انتظار صدوره يحق لوزير العدل في حكومة تصريف الأعمال وقفها عن العمل ولمدة 6 أشهر بناء على قرار المجلس التأديبي الأول. فهل سيأخذ بجدية القرار ويُقدم على الخطوة ريثما يصدر القرار النهائي في شأنها؟.

هنا السؤال وعليه يُكرم القضاء أو يستباح.   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى