محليات

اللواء ابراهيم: المستقبل يتطلّب رجال دولة

رأى اللواء عباس ابراهيم، أن “مقاربة ذكرى 13 نيسان المشؤومة استنادًا الى رواية بوسطة عين الرمانة تحمل التباسًا عند اللبنانيين، واذا كانت الدعوة لاستذكار هذا اليوم مستحقّة من مدخل اعتباره يومًا للسلم الوطني الا أنّ نكء الانفجار الوطنيّ  في ذلك اليوم لم يسهم في بناء وطن ودولة”.
 
كلام اللواء ابرهيم جاء خلال احتفال تكريمي له اقامه المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، لمناسبة “اليوم الوطني للسلم الأهلي في لبنان” في فندق الكومودور- الحمرا، حيث قال: “وسط طرح عنوانين رئيسيين في هذا اللقاء كلاهما على صلة وثيقة بلبنان المربك، ولا اخفي عنكم سر ان قلقًا راودني للحظات وانا اسمع مقاربتهما كتابيا: يتمثل العنوان الاول بذكرى حرب 13 نيسان التدميرية واعتبارها يوما للسلم الوطني ويتناول العنوان الثاني هوية لبنان العربية، اقف اليوم وسط نخبة من رجال الفكر الذين دافعوا عن الهوية التي اقر نهائيتها اتفاق الطائف معطوفة على نهائية الكيان اللبناني حيث يعيش اللبنانيون كمواطنين متساوين مخلصين بولائهم للوطن وأرست هاتان البنيتان الرئيسيتان السلم الذي لم يزعزعه سوى تحريك بعض المخاوف والحساسيات الطائفية من اجل تغذية هويات متشرذمة تنمو من الانقسام”.
 
وتابع: “هذا البنيان لا يستوي من خلال مراجعة نقدية وعقل منفتح يستوعب الاختلافات والتنوع. ان التأمل في ذلك اليوم الحزين قد يكون مفيدا في ظل الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة ولعل استعادة هذا الماضي الأليم ضرورية للخروج من المشاريع التي تتنافى مع مصلحة اللبنانيين للعيش بكرامة وامن على ارضهم والانطلاق الى افاق فكرية وسياسة اكثر رحابة في معنى العيش المشترك وضحد الافكار المدمرة لمن يسوق منطق الوطن المقسم والمشرذم”. 

ولفت ابراهيم إلى أنّه: “من غير تعميم تعلن بعض المقومات في لبنان بصراحة عن الرغبة بالعيش دون صوامع طائفية متناسية ان التقوقع الطائفي انفجر يومًا بذاته ابان أعوام الحرب، وانفجر لبنان في الماضي بسبب ارتباط تناقضاته الداخلية بمصالح الخارج، والمقلق اننا نعيش راهنا لحظة مشابهة اذ فقدت المؤسسات الدستورية دورها نتيجة استدعاء الخارج الذي ما كان صالحا يوما الا بالاستقواء على الشريك في الوطن، وها نحن نشاهد تجربة مماثلة في الظروف والوقائع معتقدين عن وهم اننا سنتلقى نتيجة مختلفة فما من دولة مؤثرة اقليميا ودوليا الا وتتدخل في كل شاردة وواردة وهذه مسؤولية تقع على اللبنانيين جميعا اذ يرتضون استقلالا منقوصًا”.
 
وقال: “طالما شكّلت مشاريع الغلبة الخارجية احد اسباب الانفجار الداخلي مع كل تغيير في موازين القوى واحجامها والسيئ ان ما يحصل عندنا ان ما يجري في لحظة يتبدل فيها العالم ويتغير نحو آخر مختلف تماما عما كان سائدا منذ تسعينيات القرن الماضي فيما لا يزال الجميع على تصلبهم غير آبهين بأهمية انقاذ البلد سريعا، ولم تكن الحرب المشؤومة لتقع بوجود وحدة وطنية فعلية ولم تكن المآسي لتنسحب على كل لبنان واللبنانيين لولا وجود تناقضات داخلية بلغت حد الصراع على جنس الملائكة فكان ما كان من جنون الحرب التي اعتقد قادتها عن خطأ جسيم ان القتل والقتال هما حالة تغيير بناء ولعلى الحرب استمدت وقودها من الفقر وأحزمة البؤس”.

وأردف: “ها نحن نعيش مجددا انهيارا اقتصاديا لا قعر مرئيا له حتى الساعة واسبابه عديدة تبدأ بعدم وجود اقتصاد منتج وتنتهي بلا عدالة اجتماعية وما بينهما من ملفات التوظيف السياسي يتطلب المستقبل الآتي رجال دولة يفكرون بأجيال لم تلد بعد لا بحسابات انتخابية ضيقة كما يستوجب عقولا حكيمة ومتزنة تسعى لحوار جدي وليس انتظار ذلك الخارج او ذاك، وهذا يستدعي ايضا وايضا عقولا تسقط اوهام المغامرة ودخول حروب جديدة ولن يقف هذا العالم معنا اكان شرقيا او غربيا اذا لم نقف مع انفسنا لنبحث في عمق عن كيفية بناء دولة قوية وعادلة”.
 
أضاف ابراهيم: “لا يتسع لقاؤنا اليوم لقراءة نقدية عميقة لتجربة 13 نيسان التي تبقى ضرورية جدا وترتب مسؤولية على كل من خاضها، وكذلك على كل من نجا من مصائبها، وأخص بالذكر الشباب الذين عليهم التعلم من الماضي حول السقوط في حروب الشتائم المتبادلة والعنف اللفظي عبر وسائل التواصل الاجتماعي واذا كانت عروبة لبنان جزءا من صراع الماضي فإن العروبة حسمت بإجماع اللبنانيين على اتفاق الطائف الذي يبقى نصا يمكن تطويره وفقا لرأي ديموقراطي مسؤول يحفظ لوثيقة الوفاق الوطني ما وفرته من ضمانات للطوائف عبر مجلس الشيوخ وللمجتمع الوطني عبر انتخاب مجلس نواب من خارج القيد الطائفي، وان عروبة لبنان ليست محل نقاش فهي من طبيعة لبنان ومحيطه من الاشقاء والاخوة وخصوصا اننا نواجه دولة من طبيعة سرطانية غنيا عن التعريف بها هي العدو الصهيوني الذي يستوجب لمواجهة عدوانيته على لبنان مقاومة قوية وصلبة، صار من المهم جدا الاستجابة لضرورة الذهاب معها نحو استراتيجية دفاعية في اطار التنسيق والتعاون بينها وبين كل عناصر القوة في الدولة والمجتمع بأكمله وان تصبح اكثر مناعة على المستوى الداخلي”.

وختم: “انتم طليعة العروبة المناضلة دفاعا عن القضايا العربية المحقة، وفي مقدمها فلسطين التي تذبح وشعبها يوميا، ناهيك عن انتهاك المقدسات الاسلامية والمسيحية التاريخية. لكم الحق بالاعتراف بجهودكم الحثيثة على مدى عقود لتحرير العروبة من اي قيود أيديولوجية وجعلها هوية حضارية انسانية منفتحة على الحوار مع الجميع، ونجاحكم المستمر برهنته القدرة الفكرية والمؤسساتية التي جمعت نخبا ومناضلين من هويات متنوعة من مسلمين ومسيحين فهذا ما كان ليحصل لولا أنكم ومنذ البدايات كانت لكم الريادة في الانفتاح الحضاري والفكري، واشكر لكم جميعا حضوركم والشكر موصول لحفلكم التكريمي وهذا الذي اسعدني وعشتم وعاش لبنان وعاشت امتنا العربية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى