جاء في جريدة “الأنباء” الالكترونية:
في الخارج حركة متواصلة بحثاً عن ترتيبات تجري على مستوى المنطقة، ولبنان على لائحة البحث ولو بمستوى تراجعي، فيما في الداخل حراك يدور في حلقة مفرغة، والجهد الذي بذله رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في الاسابيع الماضية بدا فيه أنه الوحيد الذي يقرن القول بالفعل في حرصه على إتمام الاستحقاق الرئاسي، فيما القوى السياسية الاخرى جميعها غارقة في مستنقع مواقفها أو ترشيحاتها المقفلة، هذا فيما الإنهيار يتواصل على كل الصعد آخذا بطريقه الشريحة الكبرى من اللبنانيين الذين باتوا عاجزين عن تأمين الحد الأدنى من أمورهم المعيشية والحياتية.
ورغم أن التقارب السعودي – الإيراني ماض في التمظهر أكثر، وجديده اللقاء المرتقب بين وزيري خارجية السعودية وايران، والدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الى الرئيس الإيراني لزيارة السعودية، إلا أن هذا الانفراج الذي سجل في العلاقة بين البلدين يقابله لبنانيا تصلب في المواقف. ووسط هذه الصورة القاتمة يستمر الإرتفاع المتزايد في سعر صرف الدولار، في وقت يدخل إضراب المصارف أسبوعه الثاني من دون ان تترجم وعود الرئيس نجيب ميقاتي بوقف الإجراءات القضائية ضدها لتعود عن الإضراب.
وفي هذا السياق لفت عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب وليد البعريني في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن لا جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي “لأن المعنيين بالملف الرئاسي على ما يبدو مرتاحين على وضعهم الاقتصادي والمعيشي، وكأن الدولار مازال سعره 1500 ليرة والكهرباء مؤمنة 24/ 24 والأمن الغذائي بألف خير، وكذلك أسعار المحروقات. فلا داعي للقلق طالما الثنائي غير مستعجل”، مستغربا كيف أن من سمّاهم “بالمارونية السياسية” لم يتعلموا من دروس الماضي، وأضاف: “وطالما أن فرنسا لم تستطع حسم الأمر في الملف الرئاسي فلا بد أن نعول على الدور الصيني”.
من جهته وصف النائب أديب عبد المسيح الوضع في البلد “بالمفكك الذي يراوح مكانه، وليست هناك من خطوات الى الامام”. ولفت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الوضع السياسي معقد، ولا انعكاس إيجابي بعد للاتفاق الايراني السعودي على الساحة المحلية، وكأن حزب الله غير مستعجل لانتخاب رئيس للجمهورية، أما الفريق السيادي ما زال متمسكا بترشيح النائب ميشال معوض في ظل عدم الاتفاق على مرشح آخر، فيما قائد الجيش العماد جوزف عون لم يتخذ أي مبادرة باتجاه الإعلان عن ترشيحه”.
وفي موازاة ذلك، يزاد تدهور الواقع الاقتصادي بشكل مخيف، وقد أكد الخبير المالي والاقتصادي الدكتور أنيس أبو دياب في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن “لا حلحلة في موضوع اضراب المصارف بعد أن كانوا يتوقعون وقف الاجراءات القضائية بحقهم بناء على تعهد الرئيس ميقاتي. وطالما ليس هناك أي اجراء لتنفيذ وعود ميقاتي أو أي مبادرة للحل فالاضراب مستمر”.
ابو دياب رأى أن “الإضراب بحد ذاته ينعكس ضررا على القطاعات بما فيها القطاع المصرفي الذي قد يتضرر جزئيا، وخاصة على الشركات التي تعزز النظام النقدي. وإذا استمرينا بالإضراب دون أن يكون هناك جودة بالاقتصاد قد يؤدي ذلك الى اقفال الحسابات في الخارج”، مشيرا إلى أن “انهيار سعر الصرف بهذه الطريقة مرتبط بالسياسة وكأنه انهيار متعمد لكافة القطاعات والمؤسسات”، مستغرباً “كيف أن المسؤولين والسلطة السياسية لم يتخذوا أي إجراء حيال ما يجري، فهناك غياب تام ومريب، الدولة تنهار وليس من مسؤول يحرك ساكنا. حتى جمعية المصارف منزعجة من عدم التواصل معها في موضوع الإضراب وكأن هناك نية مؤامرة كبيرة تستهدف البلد كله”.
وعليه فإنه لا بد للعودة إلى جوهر الحركة والمبادرة التي كان بدأها جنبلاط، لكي تواكب ما يجري إقليميا، وتلتقط اللحظة المناسبة بما يوفر انتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي فتح باب المعالجات والاصلاحات الاقتصادية والمعيشية، إذ لا مناص من هذا الطريق فهو الوحيد الذي يمكن سلوكه لتفادي انفجار الواقع برمّته.