العناية الواجبة المعززة… درع حماية ضد غسل الأموال

بقلم: د.ميراي زيادة
في ظل تشديد الاتحاد الأوروبي إجراءاته لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرها. ب، باتت المؤسسات المالية والتجارية أمام مسؤولية كبرى في تطبيق ما يُعرف بـ”العناية الواجبة المعززة” (EDD)، خصوصاً عند التعامل مع دول مصنفة على اللائحة الأوروبية للدول عالية المخاطر.
هذه الإجراءات، التي تندرج ضمن التوجيهين الخامس والسادس من قوانين مكافحة غسل الأموال الأوروبية (5AMLD و6AMLD)، لم تعد تفصيلاً تقنياً بل باتت شرطاً أساسياً للامتثال القانوني وحماية المؤسسات من التورط في عمليات مشبوهة.
ما المقصود بالعناية الواجبة المعززة؟
عند وجود علاقة مالية أو تجارية مع طرف مرتبط بدولة عالية المخاطر، سواء من خلال الجنسية، الإقامة، مكان تأسيس الشركة أو وجهة الأموال، تُلزم القوانين الأوروبية الجهة المعنية بتنفيذ سلسلة من الخطوات الوقائية، أبرزها:
جمع معلومات مفصلة عن العميل أو الشركة، بما يشمل هوية المستفيد الحقيقي ومصدر الأموال.
فهم واضح لهدف العلاقة أو المعاملة، وتبريرها اقتصادياً أو قانونياً.
مراقبة العمليات المالية بشكل مستمر، وتحديد أي نشاط غير اعتيادي.
الحصول على موافقة الإدارة العليا قبل تنفيذ العلاقة أو العملية.
توثيق كافة الخطوات بدقة، مع الالتزام بالإبلاغ عند الاشتباه بأي نشاط مريب.
توازن بين الامتثال والوقاية
ما يجب إدراكه هو أن هذه الإجراءات لا تعرقل العمل التجاري أو المالي، بل تشكّل درع حماية وقائي للمؤسسات، وتحميها من مخاطر قانونية ومالية قد تكون كارثية في حال الإهمال أو التهاون.
التحقّق من خلفية العملاء، ومصدر الأموال، وطبيعة العلاقة، هو جزء من مسؤولية المؤسسات في بناء بيئة مالية شفافة وآمنة، تخدم الاقتصاد وتحمي المجتمع.
اللائحة المحدثة للدول المصنّفة عالية المخاطر حسب الاتحاد الأوروبي (10-11 حزيران 2025):
أُضيفت حديثاً:
الجزائر
أنغولا
ساحل العاج
كينيا
لاوس
لبنان
موناكو
ناميبيا
نيبال
فنزويلا
وقد وردت ملاحظة خاصة عن موناكو، رغم ثروتها وسمعتها كمركز للنخبة، بسبب ثغرات في الرقابة المالية.
تم شطب في الوقت ذاته:
بربادوس
جبل طارق
جامايكا
بنما
الفلبين
السنغال
أوغندا
الإمارات العربية المتحدة
وشُطبت الإمارات بعد خروجها من “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (FATF) في شباط 2024، في انتظار المصادقة النهائية من الاتحاد الأوروبي.
رسالة إلى القطاع المصرفي والمؤسسات المالية في لبنان
مع إدراج لبنان على هذه اللائحة مجدداً، تتضاعف التحديات وتتضاعف معها المسؤولية. المطلوب اليوم ليس فقط الالتزام الشكلي، بل المراجعة الجذرية للسياسات والتطبيق الفعلي الصارم.
فالأمن المالي لا يبدأ من المصرف المركزي فقط، بل من كل مؤسسة تدير الأموال وتتصل بالسوق الخارجية.