غياب الحلول ينذر بفوضى اجتماعية وأمنية في لبنان
لا يزال الفرقاء السياسيون منغمسين في المناكفات وتعطيل مسار الاستحقاقات الدستورية متجاهلين تحذيرات المنظمات الدولية من انهيار اقتصادي شامل ما لم يعجّل لبنان بإصلاحات ضرورية يطالب بها المانحون الدوليون.
ويقول محللون إنه لا يمكن تبني إصلاحات هيكلية في لبنان ما لم يكن هناك استقرار سياسي ومؤسسات منتخبة، وهو ما فشل فيه لبنان حتى الآن مع تواجد حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات وشغور في مؤسسة رئاسة الجمهورية، بحسب “العرب اللندنية”.
ويرزح اللبنانيون تحت وطأة أزمة اقتصادية مستفحلة تآكلت معها مقدرتهم الشرائية وسط تدهور قيمة العملة وارتفاع نسبة التضخم وشح في السيولة لدى المؤسسات الخدمية، فيما يحذر مراقبون من فوضى اجتماعية قادمة تزيد من تعقيد الأوضاع المعقدة أصلا.
وأعلن الاتحاد الأوروبي الثلاثاء عن إطلاق مبادرتين جديدتين بقيمة 25 مليون يورو (27 مليون دولار) لدعم الفئات الفقيرة في لبنان، ومكافحة انعدام الأمن الغذائي.
وستوفر الأموال مساعدات مباشرة لـ7245 عائلة لبنانية فقيرة مؤلفة من 41257 فردا مسجلة في البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقرا، الذي يمثل شبكة الأمان الاجتماعي في البلاد، وتنفذه الحكومة بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي.
ويقول مراقبون إن لبنان من أكثر البلدان التي تأثرت بالأزمات المالية العالمية، لاسيما أنه يعاني بالفعل من أزمات داخلية على المستويين السياسي والاقتصادي، مشيرين إلى أن عدم وجود رؤية واضحة لحل هذه المشكلات أدى إلى تفاقمها.
ويضيف هؤلاء أن ارتفاع قيمة استيراد السلع الأجنبية يرجع بشكل رئيسي إلى سعي البعض لاستغلال انخفاض قيمة الدولار الجمركي، والتي تصل إلى 1500 ليرة.
وأشاروا إلى أن انخفاض الدولار الجمركي أغرى بعض التجار للإقبال على استيراد السلع من الخارج وتخزينها، ثم إعادة بيعها مجددًا في الأسواق بسعر أعلى.
وأخفق نواب البرلمان منذ سبتمبر الماضي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا لميشال عون الذي انتهت عهدته في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، رغم عقد 10 جلسات برلمانية لهذا الغرض.
وتعتبر هذه الأزمة في لبنان غير مسبوقة مع عدم وجود رئيس للبلاد وفي ظل حكومة تصريف أعمال محدودة السلطات وبرلمان منقسم على عدة خيارات.
ويزيد الانقسام من الجدل الدستوري الدائر حول ممارسة حكومة تصريف الأعمال لمهامها ومهام رئيس الجمهورية في غيابه، وهو ما ترك توترا يزيد من تأزيم الوضع.
وحذر مدير عام جهاز الأمن العام في لبنان اللواء عباس إبراهيم من أن “المجد الموروث استبيح وأوشك أن يتهدم”، في إشارة إلى لبنان، وذلك نتيجة فقدان “اكتمال الإطار الدستوري والمؤسساتي وانتظامه تحت قبة القانون الذي يضمن العدالة والمساواة لجميع اللبنانيين”.
ومن المتوقع أن يزداد الضغط المعيشي على سكان البلاد نتيجة حزمة ضرائب تستعد السلطات لإقرارها، بدأت من رفع تعرفة الاتصالات الخليوية، وستمتد إلى قطاع الكهرباء الذي لا يؤمن أكثر من تغذية ساعتين في اليوم، كما من المتوقع أن ترتفع أسعار السلع والمواد الغذائية والبضائع المستوردة ما بين 20 و50 في المئة خلال الأشهر المقبلة.
وأفادت تقارير أممية بأن “غالبية سكان لبنان عاجزون عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وسط أزمة اقتصادية متفاقمة، حيث تتحمل الأسر ذات الدخل المحدود العبء الأكبر”.
وحضت منظمات دولية الحكومة اللبنانية والبنك الدولي على اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعية قائم على الحقوق ويضمن مستوى معيشيا لائقا للجميع، مشيرة إلى أن أكثر من نصف اللبنانيين منذ ما قبل الأزمة المالية لم يحصلوا على أي نوع من الحماية الاجتماعية، فيما النسبة اليوم أكبر بكثير.
ويقول محللون إن الحل الرئيسي في البلاد ينتج سياسيا وأن التأثيرات الاجتماعية هي المحرك الأكبر لهذه الفوضى التي يشهدها لبنان، لكنهم يشددون على أن أصل المشكلة في البلاد سياسي.