محليات

قاضية مدّعى عليها من رئيسها…ماذا عن التفتيش القضائي ومن يوقظه من الغيبوبة؟

بما تملك من رصيد شعبي أورثها إياه عهد الرئيس السابق ميشال عون قبل خروجه من قصر بعبدا، ضربت النائبة العامة الإستئنافية في  جبل لبنان القاضية غادة عون  معايير “حرمة” السلطة القضائية بنشرها لائحة تضم أسماء سياسيين ورجال أعمال وشخصيات مصرفية بينهم إسم رئيس مجلس النواب نبيه بري وعقيلته رندة ، زعمت أنهم “هربوا عشرات مليارات الدولارات إلى المصارف السويسرية”. 

قانونا كان يمكن للقاضية عون ومجرد حصولها على  هذه اللائحة أن تعتبرها بمثابة إخبار وتجري تحقيقاتها. لكن الواضح أن الذين حولوها إلى “قاضية العهد” أرادوا من خلال نشراللائحة على صفحتها الخاصة ضرب عصفورين بحجر واحد: أولا تشويه صورة وسمعة خصوم العهد عموما والتيار الوطني الحر خصوصا، وكسر ما تبقى من هيبة القضاء لكن هذه المرة يبدو أن غلطة “المتمردة” ارتدت عليها .

وبناء على الشكوى التي تقدم بري وعقيلته وبعد رفض عون المثول أمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، واستجوابها في الشّكوى المقدَّمة ضدّها من رئيس مجلس النوابوعقيلته وميريام سكاف التي ورد إسمها على اللائحة أيضا بالجرائم نفسها، ادعى عويدات على عون أمام الهيئة العامة الإستئنافية لمحكمة التمييز بجرم إثارة النعرات الطائفية والحض على النزاع بين عناصر الأمة والتحقير والذم وإساءة استعمال السلطة وأحال نسخة من الإدعاء على هيئة التفتيش القضائي.

وفي رد على الرد تقدمت عون أمام الهيئة العامّة لمحكمة التمييز، بطلب ردّ النّائب العام التّمييزي القاضي غسان عويدات، عن النّظر في الشّكوى المقدّمة ضدّها من بري وعقيلته كما تقدّمت بدفع شكلي بعدم صلاحيّة النيابة العامة التمييزية في هذه القضيّة، لعلّة العداوة بينها وبين القاضي عويدات.

الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر اعتبر أن “أخطر من طلب الرد الذي تقدمت به عون هو الدفع الشكلي لأنه يمس بالجسم القضائي. وأوضح عبر “المركزية”، أن يد القاضي لا ترفع عن أي ملف إلا عندما يتبلغ طلب الرد وإلا تتخذ التدابير القانونية في حق المدعى عليه”. ويضيف”عندما اتخذ القاضي عويدات قرار الإدعاء على عون لم يكن قد تبلغ طلب الرد فما كان منه إلا أن اتخذ المسار القانوني وادعى عليها أمام الهيئة العامة الإستئنافية لمحكمة التمييز”. 

وفقا للأصول القانونية باتت صفة عون “قاضية مدعى عليها من قبل رئيسها المباشر أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز ووفقا للأصول  بجرم جزائي. لكن المسألة قد تنتهي عند هذا الحد بسبب عدم اكتمال النصاب في الهيئة العامة لمحكمة التمييز وعدم فك أسر ملف التشكيلات القضائية الموجود في درج وزير المال يوسف خليل لغاية تتعلق حصرا بقضية جريمة تفجير المرفأ، يقول صادر، وعليه لا يمكن للهيئة العامة اتخاذ أي تدبير النظر في الدعوى بسبب عدم اكتمال النصاب.

ما حصل في قصر العدل أمس كسر إلى حد “هالة تمرد” عون لكن كان يمكن أن تحل هذه المعضلة في ما لو تحرك التفتيش القضائي من غيبوبته. ويشرح صادر”أنه كان يفترض على التفتيش القضائي استدعاء عون والطلب من وزير العدل كف يدها في انتظار انتهاء التحقيقات وذلك من لحظة نشر تغريدتها التي قالت إنها غير متأكدة منها. الا أن مجرد نشرها على صفحتها “تويتر” فهذا يعني أنها تتبناها ومن غير الممكن أن ترفض عون طلب استدعاء التفتيش القضائي . أكثر من ذلك كان يمكن أن تعتبرها عون بمثابة إخبار وتبدأ تحقيقاتها إلا أن الأكيد أنها أرادت أن تنفذ التعليمات “.

من أدخل التفتيش القضائي غرفة الإنعاش ولماذا لا يزال مخدرا؟ أسئلة دونها أجوبة حتى اللحظة  لكن “ببقائه مخدرا إنما يشجع على توسيع هوة الشرخ داخل الجسم القضائي وهذا مستغرب إذ كيف يمكن لقاضٍ أن يقف مكتوف الأيدي أمام مشهد انهيار سقف العدلية؟. ويختم ” التفتيش القضائي الغارق في كبوة يتحمل كامل مسؤولية الأوضاع التي وصل إليها القضاء. ولو كان يمارس صلاحياته لما شهدنا على حالة تمرد القاضية عون لأن لغة التمرد على القضاء مرفوضة أساسا”.

الأكيد أن القاضية عون استشعرت خطر الإجراء الذي سيتخذ ضدها في الأمس لا سيما بعد فشل الخطة ب التي وضعتها مع وكيلتها القانونية. فهل تستمر في نهج التمرد الذي مارسته على رئيسها المباشر القاضي غسان عويدات وعلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، أم تكتفي بالتغني والعيش على رصيد أفعالها التي مارستها على بوابات شركة مكتف للصيرفة وتنام على رصيد تصرفاتها الشعبوية؟

الأكيد أيضا أن بساط العهد الذي كان يؤمن لها الدعم والرصيد، تم سحبه ولم يعد أمامها إلا واحدا من خيارين: إما العودة إلى قوس العدالة والمثول أمامها مهما كلفها من خسارة شعبية، أو الركون إلى سجن التمرد للقيام بجردة عادلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى