محليات

فخٌ نجا منه الوفد اللبناني خلال وجوده في الناقورة

يومٌ ماراثوني طويل، عاشه لبنان مع اختتام مفاوضات الترسيم البحري في شقّها غير المباشر، والتي انطلقت منذ العام 2020 بوساطةٍ أميركية. أولى المحطات، كانت مع تسمية رئيس الجمهورية ميشال عون، أعضاء الوفد اللبناني الرسمي، الذي سيتولّى تسليم الرسائل الموقّعة إلى الوسيط الأميركي آموس هوكستين، في الناقورة. وضمّ الوفد كلاً من المدير العام للقصر الجمهوري أنطوان شقير، ومنسّق عام الحكومة اللبنانية لدى قوات “اليونيفيل” العميد الركن منير شحادة، وعضو هيئة إدارة قطاع النفط وسام شباط، ورئيس مركز الإستشارات القانونية في وزارة الخارجية والمغتربين السفير أحمد عرفة.

ووفق المعلومات، فإن التوافق على أعضاء الوفد أُنجز نهائياً مساء الأربعاء الماضي، بعد الحصول على موافقة الرئاستين الثانية والثالثة، علماً أن هوكستين كان طرحَ بأن يأتي التمثيل في الفريق اللبناني، على وزن الفريق الأميركي، أي بمستوى مستشارٍ رئاسي، ما فُهم من الجانب اللبناني، على أنه رغبة في رفع مستوى الوفد، ولكن رئيس الجمهورية، رفض وحسم خياره بتكليف المدير العام للقصر الجمهوري.

إلاّ أنه، ومن المفارقات التي سُجّلت على هذا الصعيد، كانت في عدم إقدام رئاسة الجمهورية على استشارة قيادة الجيش حول إسم الضابط الذي تقترحه ليكون ضمن الوفد، ليبادر رئيس الجمهورية إلى تسمية العميد شحادة، مع الإشارة إلى أن شحادة لا يُحسب من مرتبات الجيش، إنما يُعتبر مسؤولاً عسكرياً يتلقى توجيهاته من رئاسة الحكومة اللبنانية. وكشف مصدرٌ واسع الإطلاع لـ”ليبانون ديبايت”، أن قيادة الجيش تعمّدت النأي بنفسها عن أي إجراء على صلة بتوقيع الإتفاق في الناقورة، وهو ما جرى تفسيره بعدم وجود رغبة لدى القيادة، بإقحامها في هذا الملف.

وفي وقائع اليوم الطويل، فإن هوكستين، وصل إلى قصر بعبدا حوالي الساعة 9:30 صباحاً، ترافقه السفيرة الأميركية دوروثي شيا وأعضاء الوفد المرافق، والتقى رئيس الجمهورية، الذي بادر، وبعد محادثة قصيرة، إلى توقيع الرسالة التي حملها هوكستين معه من الولايات المتحدة. بعدها أدلى هوكستين بتصريحٍ جاء فيه: “نعيش يوماً تاريخياً، بعد التوصل إلى اتفاقٍ من شأنه توفير الإستقرار على جانبي الحدود، لأن توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، سيساهم في إرساء الإستقرار في المنطقة كما سيشكّل نقطة تحوّل للإقتصاد اللبناني”.

وبعد مغادرة هوكستين، وقبيل الساعة الواحد ظهراً وصل أعضاء الفريق اللبناني إلى قصر بعبدا، للقاء رئيس الجمهورية، الذي أعطاهم التوجيهات اللازمة حيال طريقة تعاطيهم أثناء تواجدهم في الناقورة، وعرض لهم الأسباب التي أملت اختيارهم، كما أسدى إليهم نصيحةً بوجوب التنبّه إلى أيّ هفوة قد يستفيد منها العدو لالتقاط صورةٍ ما، مذكّراً بالحادثة التي حصلت معه خلال الإجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982. وعلى الأثر، وعند الساعة الثانية بعد الظهر، غادر الفريق قصر بعبدا على متن مروحية متوجّهاً إلى الناقورة، حيث وصل حوالي الساعة الثالثة إلى مقرّ الأمم المتحدة عند رأس الناقورة.

لكن المفاجأة أتت قبل أن يدخل الوفد إلى الغرفة المخصّصة له، والمعزولة عن غرفة الوفد الإسرائيلي، عندما لاحظ العميد شحادة، أن سفينةً تابعة للعدو خرقت الخطّ 23، ورست على مقربة من “الطفافات”، على مقربة من سفن تابعة للوحدة الألمانية في قوات الطوارئ الدولية. وكانت غرفة عمليات الجيش، أفادت بتسجيل خرقٍ دام لفترة عشرين دقيقة، من 12:20 لغاية الساعة 12:40 وعلى مسافة 400 متر تقريباً. وعُلم أن الخرق عينه تكرّر أثناء وصول الوفد، ما استدعى استنفار أعضائه، حيث طلب شحادة بصفته منسّقاً للحكومة، إزالة الخرق فوراً فيما هدّد الوفد بالمغادرة، ممّا استدعى تدخّل القوات الدولية والقيام باتصالاتٍ، أدّت لخروج السفينة المعادية إلى خارج الخط 23.

على الأثر، دخل الوفد اللبناني إلى الغرفة، حيث كانت كلمة للوسيط الأميركي، نوّه فيها بجهود الجميع بمن فيهم الرؤساء الثلاثة والأدوار والخدمات التي قدّموها، مشيراً إلى أن هذا المسار كان طويلاً وشاقاً، وبأنه يتابعه منذ العام 2016، وبالتالي، فإن الوصول إلى هذه النتيجة يُعدّ إنجازاً تاريخياً. ثم تحدّث رئيس الوفد اللبناني أنطوان شقير، متوجهاً إلى آموس، وقال له: “بالنيابة عن بلدي، إسمح لي أن أشكرك كمبعوثٍ خاص للرئيس جو بايدن، كما أشكر فريقك، على جهودكم مع فريق التفاوض اللبناني برئاسة الياس بو صعب، وتحت إشرافٍ دقيق وتوجيهات رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون”. كذلك شكر شقير، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ثم قام بتسليم الرسالة موقّعةً إلى هوكستين، واعداً، بالعمل لاحقاً على تسليم الرسالة الموقّعة من وزير الخارجية اللبناني الدكتور عبدالله بوحبيب، إلى المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا.

وعلمت المصادر أنه بعد تسليم الرسالة، التقط هوكستين صورةً تذكارية مع شقير في الداخل، وبعد انتهاء المراسم رسمياً، التقط هوكستين صوراً مع أعضاء الوفد اللبناني خارج الغرفة.

وبعد انتهاء المراسم، وجّه ضابطٌ من القوات الدولية، دعوةً إلى الوفد اللبناني للمشاركة في حفل كوكتيل، إحتفالاً بتوقيع الإتفاق، لكن أعضاء الوفد اللبناني، لاحظوا مشاركة الوفد الإسرائيلي فيه، فبادروا إلى الإعتذار والمغادرة، وتوجّهوا عند الرابعة إلى قصر بعبدا، لتسليم الرئيس عون المستند الرسمي حول تسلّم الرسالة الرئاسية.

وليد خوري – ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى