محليات

استحقاقات المنطقة تتزاحم ولبنان في وسطها…هل يدفع الثمن سياديا؟

تكاد تكون نهاية الشهر الجاري ومطلع تشرين الثاني المقبل  الفترة الاكثر زخما في استحقاقاتها محليا واقليميا ودوليا. اعتبارا من بعد غد الخميس ستتوالى المحطات اللبنانية بدءا بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية اثر وصول العرّاب الاميركي آموس هوكشتاين، مرورا بإطلالة الرئيس ميشال عون تلفزيونيا مساء اليوم نفسه لمصارحة اللبنانيين بما صدر عنه طيلة فترة الرئاسة واخرى لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لمناسبة افتتاح معرض جهاد البناء فيشكر الرئيس عون في نهاية العهد على ان يتطرق الى المستجدات السياسية لا سيما الحكومية والرئاسية، على ان يشكل ملف الترسيم محور الكلمة.

وما بين محطات الداخل هذه، يبقى الملف الحكومي جاهزا لمفاجأة في اي لحظة، ما دام  الشغل الشاغل للوسطاء، وقد اكد ابرزهم اليوم مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم ان “رغم كلّ ما يقال العمل مستمر في محاولة لتشكيل الحكومة،” وذلك في اعقاب كلام صباحي للرئيس نجيب ميقاتي اوحى بأن صفحة التشكيل طويت والامل بولادة الحكومة قبل رحيل عون شبه معدوم..

وعلى مسافة كيلومترات من حدود لبنان التي ستُرسم رسميا مع العدو الاسرائيلي، خلافا للشقيق السوري الذي يرفضها تحت ذرائع مختلفة لم تعد تنفع معها مساحيق التجميل التي يستخدمها سفير دمشق الراحل من لبنان قريبا جدا علي عبد الكريم علي، تستعد تل ابيب مطلع الشهر المقبل لانتخابات لا بدّ ستلفح مفاعيلها لبنان والمحيط في ضوء ترجيحات واسعة بامكان عودة بنيامين نتنياهو. وتزامنا، في الضفة الاخرى، وتحديدا في الجزائر تعقد قمة عربية تغيب عنها المملكة العربية السعودية وتبقى سوريا خارجها حتى العام المقبل على الارجح، فيما يشارك فيها الرئيس ميقاتي على راس وفد يمثل لبنان.

 وفي  8 تشرين الثاني، يحطّ الاستحقاق الاميركي، عبرالانتخابات النصفية للكونغرس وسط ترجيحات  بفوز ساحق للجمهوريين، ما يفرض مقاربة اميركية جديدة في شأن التعاطي مع ملفات المنطقة.

في المشهد البانورامي هذا، كيف سيتأثر لبنان، الخاصرة الاضعف في المنطقة والقابلة ورقته للمساومة بفعل تحكم حزب الله بقراره الاستراتيجي وامساكه بمفاصل الدولة المنهارة في ظل فراغ رئاسي وشلل حكومي وانهيار مالي. والاسئلة هنا تتزاحم على ابواب متابعة الاستحقاقات ، لعل ابرزها: هل اُبرمت صفقة اميركية ايرانية تتسلم ايران بموجبها امن المنطقة ومن ضمنها لبنان، بطبيعة الحال، عبر حزب الله ؟ هل من مقايضة اميركية- سعودية –ايرانية،  اي لبنان مقابل اليمن؟

ماذا خلف التسليم بأن يكون الحزب ضامنا للاستثمار واتفاق الترسيم وامن النفط ؟

ماذا تعني دعوة الحزب لبنان التوجه شرقا وهو ينجز اتفاقا غربا مع واشنطن؟

اوساط دبلوماسية مطلعة تقول لـ”المركزية” ان ايا من هذه الاسئلة لن تلقى جوابا قبل ان تنجز الاستحقاقات ويفرز الخيط الابيض من الاسود، الا ان الربط بين بعض الوقائع الميدانية يمكن ان يولّد استنتاجات من شانها الاضاءة على طبيعة الاجابات المحتملة، فالترسيم بين لبنان واسرائيل مثلا اعطى الرئيس الاميركي جو بايدن جرعة انتصار في المعركة الانتخابية، وتبعا لذلك، تحولت ايران وحزب الله الى ناخب في الانتخابات الاميركية، في وقت رفض ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان  رفع انتاج النفط عبر قرار “اوبك+”. لكن في المقابل ذهبت اوروبا الى الاعلان عن انها اكتشفت ان ايران تزود روسيا بالمسيّرات والصواريخ والجنود ، وقد تظاهر في المانيا اخيرا نحو 8 الاف الماني من اصل ايراني دعما للاحتجاجات وحقوق المرأة في ايران.

هذا غيض من فيض تطورات متسارعة، ستغيّر وجه المنطقة والمعادلات المتحكمة بها، الا ان الصفقات والتسويات المبرمة، تطمئن الأوساط، لن تكون حكما على حساب لبنان ولن يدفع من سيادته  ولا من كرامة وحرية اللبنانيين السياديين ثمنها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى