لبنان.. السلاح المنفلت في أيدي المراهقين والشباب
مع بداية الأزمة في لبنان، انتقل استعمال السلاح إلى مرحلة جديدة، فبعد أن كان الرصاص العشوائي يطلق في الهواء ابتهاجا أو حزنا أو بسبب إطلالة زعيم على شاشات التلفزة، أصبح أصحاب هذا السلاح يستعملونه للمطالبة بحقوق يعتبرونها شرعية لهم من دون الاحتكام إلى الدولة والقانون.
ما يشهده لبنان بسبب هذه الظاهرة كارثية، أسلحة منتشرة في معظم المناطق اللبنانية، تستخدم لحل خلاف على أحقية المرور، وخلاف حول الميراث، وأسباب غيرها تؤدي لقتل الإنسان ببساطة.
يروي بسام من مدينة طرابلس شمالي البلاد، حيث ينتشر السلاح بين أيدي الشبان، عن مسببات انتشاره، مؤكدا أن “منظومة استيراد السلاح في لبنان توقفت منذ الحرب في نهاية الثمانينات، إلا إنه ومع بداية الأزمة المستجدة نهاية العام 2019، بدأ يصل المدينة مسدسات صنعت في تركيا، لكنها دخلت لبنان عبر المعابر غير الشرعية من خلال التجارة النشطة منذ سنتين تقريبا على هذه المعابر”.
وأضاف بسام لسكاي نيوز عربية: ” تصل هذه المسدسات ومن ثم يعمل على تعديلها في محترفات “خراطة الحديد” وغالبا ما تكون مسدسات “غير حقيقية”، لكنها تعدل في لبنان لتباع بسعر 100 دولار”.
الشباب في الطليعة
ويشير بسام إلى أن الشباب هم زبائن هذه التجارة وخصوصا الفئة العمرية بدءا من عمر 15 سنة وما فوق، والبيع يتم في المناطق الفقيرة، إذ إن العرف السائد فيها أن على كل شاب أن يحمل مسدسا، إما للتباهي أو للشعور بالأمان أو للدفاع عن النفس وحل الخلافات أو لأسباب أخرى.
ويستطرد بسام: “يتم تهريب هذا النوع من المسدسات خصوصا إلى لبنان عبر الحدود المفتوحة وغير الشرعية مع سوريا، وبمجرد وصوله إلى لبنان، يتم خرط قلب المسدس (السبطانة) في محلات الحدادة ولكن استعمال هذا المسدس خطير فغالبا ما ينفجر بعد إطلاق عدة طلقات منه”.
التهريب المصدر الأساسي للسلاح
الخبير العسكري والأمني، العميد الركن المتقاعد ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات الدولية، الدكتور هشام جابر، شرح لموقع سكاي نيوز عربية أسباب انتشار السلاح:
أبواب التهريب مشرعة على مصراعيها بين الحدود اللبنانية – السورية وهي تجارة تجني مبالغ طائلة.
بعض أنواع الأسلحة ارتفع ثمنها من 600 دولار أميركي إلى 2000 دولار خلال أشهر قليلة، وبالرغم من ذلك هناك المزيد من الطلب عليها.
كل الأسلحة تدخل لبنان حاليا عن طريق التهريب، ووفق قوانين الدولة يسمح فقط ببيع أسلحة الصيد وبناء على رخص مسبقة فقط من وزارة الداخلية.
آخر المعلومات تفيد أن “أكثر من مليون قطعة سلاح متوفرة بين أيدي الناس عدا عن أسلحة الأحزاب، ومن ضمن هذا الرقم 600 ألف غير مرخصة، و400 ألف مكشوفة ومرخصة من قبل وزارة الدفاع.
يتابع العميد جابر: “للأسف ليس بمقدور الدولة القيام بالمداهمات، والقوى الأمنية لن تدخل البيوت بحثا عن السلاح”.
بعض المناطق فيها أسلحة فردية متفلتة، وفي محافظة البقاع الشمالي على سبيل المثال يمتلك البعض قاذفات آر بي جي وغيرها وطبعا هي غير مرخصة، مثل حي الشراونة في بعلبك.
ويقول النائب السابق مصطفى علوش إن “قضية السلاح المتفلت في طرابلس وشمال البلاد ليست مستجدة فهي مرتبطة بواقع عام في لبنان يشمل معظم المدن والقرى خارج العاصمة بيروت منذ حقبة السبعينات والحرب الأهلية عندما تسلحت فئات من الشعب بشكل طائفي”.
ويضيف علوش في تصريح خاص لموقع سكاي نيوز عربية حول وجود السلاح المتفلت في عاصمة شمال لبنان فيقول: “من الصعب لجم هذا الوضع لكونه دخل في دورة الطوائف، وأصبح وجود سلاح “حزب الله” المذهبي حجة لأفراد الطوائف الأخرى للاحتفاظ به ولو بشكل فردي بحجة الدفاع عن النفس اولا والمساواة بالآخرين ثانيا وساعد على التفلت من العقاب”.
ويتابع: “لا شك أن انهيار الدولة اليوم جعل من الأمر قاعدة عامة بلا ضوابط، لذلك نرى ازدياد الجرائم المسلحة وعدد الضحايا “.
ويختم علوش: “هيبة السلطة والدولة لا يمكن أن تصح إلا بمعادلة العدالة على الجميع، ولا حل للسلاح المتفلت إلا بشكل شامل تعود فيه الدولة إلى سلطتها الوحيدة ومن ثم يمكن إيجاد حل شامل للسلاح خارج السلطة الشرعية”.