محليات

فريد البستاني يفنّد مضمون “مشروع قانون إعادة التوازن للنظام المالي” ويحذّر

علّق النائب فريد البستاني على ما يسمّى “مشروع القانون الرامي إلى إعادة التوازن للنظام المالي في لبنان” من حيث أنه ليس ما يشير الى أن مشروع القانون المذكور قد أقرّ في مجلس الوزراء أصولاً.

وتابع، “في الشكل، فإن النص المذكور قد جاء عاماً، ومبهماً غير واضح، ومرتبطاً بقوانين لم تصدر أو غير مطبقة، الأمر الذي يقود الى القول بأنه قد يكون طلب على عجل وبالتأكيد أنه صيغ على عجل ودون دراية وتمعّن بدليل الملاحظات العديدة التي بحوزتنا”.

وأوضح أن “مشروع القانون جاء بـ”أفكار”، بينما القانون يجب أن يتضمّن قواعد وموجبات ومعطيات موثوقة كي يحقّق الاستقرار المنشود من ورائه. وهو ضرب على نحو صارخ قاعدة المداينة إذ شرّع للمدين، وهو هنا الدولة اللبنانية، أن يشطب دين الدائن وهو هنا المصارف والمودعين الذين، رغم ضرورات اشراكهم في المسؤولية، لا يأتون في صدارة المسؤولية”.

 

واستكمل، “أما لناحية معالجة الفجوة في الملاءة لدى مصرف لبنان، فقد جاء النص ليطلب اجراء “تدقيق محاسبي” أي accounting audit لميزانية مصرف لبنان بينما فات واضعي النص أن هذا النوع من التدقيق لا يشتمل على تحديد الفجوة، وذلك “من خلال تخفيض قيمة توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان بالعملات الأجنبية” (المادة /2/) وكأن لا حل سوى ذلك، وحتى لو كان accounting audit يحدّد الفجوة فإن هذا ليس الحلّ الوحيد لمعالجة الفجوة في الملاءة لدى مصرف لبنان”.

 

ورأى أنه “فضلاً عن عدم تحديد الهدف من وراء هذا التدقيق والنطاق الذي سيشمله، لاسيّما وأنه لا توجد شفافية في أرقام ميزانية مصرف لبنان، وأي بنود في الميزانيّة يُفترض أن يتم تشريحها، علماً أن الفجوة المالية في مصرف لبنان فهذه مسؤولية الدولة اللبنانية وليس القطاع الخاص، كما أغفلت المادة ذكر الجهة التي ستقوم بالتدقيق والجهة الرسميّة المسؤولة عن متابعة التدقيق والإشراف على عمله”.

 

واعتبر أن “أهم مسار “لإعادة التوازن للنظام المالي”، يفترض أن يتم على أساس معرفة مفصّلة وشفّافة بالأرقام والحسابات، وعلى توزيع للمسؤوليّات، التي لا تأتي المادّة على ذكرها.

 

جاء في النصّ ضرورة إعادة رسملة مصرف لبنان بمليارين ونصف دولار أميركي من خلال سندات مالية (المادة /3/). فمن أين جاؤوا بهذا الرقم؟ وهل نضع مبلغاً – خصوصاً إذا كان غير دقيق وغير مدقّق – في متن قانون”؟!

 

كما أشار إلى أن “المليارين والنصف هي “Perpetual Bonds” وهي ورقة مالية ذات دخل ثابت ليس لها تاريخ استحقاق، ما يعني أن الدولة لا تدفعها أي أن المشروع جاء ليقول أن الدولة ستتحمل هذه المبالغ ولكن في الحقيقة حتى الدولة لن تتحمل هذا المبلغ”.

 

وسأل، “كيف للدولة الممتنعة منذ آذار 2020 عن سداد سندات اليوروبوند أن تتمكن من إصدار وبيع سندات بمبلغ مليارين ونصف دولار أميركي لرسملة المصرف المركزي التي تتجاوز فجوة الخسائر فيه ما يقارب ال 60 مليار دولار! مع الإشارة إلى أنّ مبلغ 2.5 مليار دولار، الذي تنصّ مسودة مشروع القانون على تأمينه من السندات “أو أي وسيلة أخرى”، تتجاوز قيمته الفعليّة قيمة كل سندات اليوروبوند، التي فشل لبنان ببدء التفاوض عليها حتى اليوم”.

 

وأضاف، “الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من مشروع القانون تنصّ على أنه سيعمل على “مُعالجة قسم من إلتزامات مصرف لبنان للمصارف بشكل يؤمّن تغطية الديون التي قد تكون مُستحقّة للمصارف تجاه مصرف لبنان” وذلك دون تحديد آلية واضحة ووضع خطّة مدروسة لعملية المعالجة هذه”.

 

وتابع، “لعلّ الملاحظة الأهم التي نشير إليها هي أن مشروع القانون الراهن قد وسّع من نطاق “الودائع غير المؤهّلة” التي لن تشمل فقط السيولة المتأتية من عمليّات تحويل من الليرة إلى الدولار بعد 17 تشرين الأوّل 2019، بل ستشمل أي أموال ناتجة عن تحويلات أو شيكات “أو غيرها من العمليّات والأدوات” مما يعني أن لائحة الودائع غير المؤهلة ستكون طويلة ومن غير الواضح على أي سعر صرف سيتم سدادها”.

 

حذّر من أن “الأخطر من ذلك أن مشروع القانون نصّ إمكانيّة سداد جزء من دفعات الودائع المؤهلة بالليرة على “أساس سعر “منصّة صيرفة” الذي سيصبح سعر السوق عند توحيد أسعار الصرف” فهذا الأمر فضلاً على أنه سيكبّد المودعين خسائر كبيرة فإنه حسم موضوع أن منصّة صيرفة هي التي ستكون المعيار لتوحيد سعر الصرف رغم أنها لا تزال حتى اليوم مجهولة الآلية التي تتم من خلالها تحديد سعر الصرف والسند الاحتسابي الذي تقوم عليه، إضافةً إلى أن سعر الصرف المحدّد على منصة صيرفة لا يعكس الواقع الحقيقي لليرة اللبنانية في الأسواق اللبنانية”.

وأردف، “بالإضافةِ إلى إستحداث مصطلح لا وجود له قانوناً تحت مسمى “Lirafication” وذلك لتبرير عمليات تحويل الودائع إلى الليرة اللبنانية”.

واستكمل، “تستحدث مسودّة مشروع القانون في المادة الثالثة عشر “صندوق استرجاع الودائع” الذي نصّت عليه خطّة الحكومة للتعافي المالي، وذلك وفقاً لشروط تمويل غامضة غير واضحة من إيرادات الدولة، منها:

-“تجاوز هذه الإيرادات معايير محدّدة مقارنةً بدول مشابهة” أي معايير يقصد بها؟!،

-و”وصول الدين العام إلى أقلّ من المستوى المستهدف” فما هو المستوى المستهدف ومن حدّده وفقاً لأي نسبة من الناتج المحلّي؟

-و”المحافظة على النفقات الاجتماعية وعلى إمكانية تمويل أي عجز في الموازنة من غير مصرف لبنان” فبأي قدر؟ وأي نسبة؟ وهل أن تمويل عجز الموازنة يأتي قبل تمويل الصندوق الذي يفترض أن يعالج مسألة الودائع؟

-و” إتمام برنامج الإصلاح الإقتصادي والمالي بنجاح” ألم يكن هدف مشروع القانون الأساسي هو هذا؟!

واعتبر أن تفعيل الصندوق سيُثقل ميزانيّة الدولة ومن إمكانيّة النهوض والتعافي الاقتصادي السليم نظراً إلى أنه سيخصص نسبة من إيرادات الدولة لتسديد دفعات الصندوق.

وأوضح، “كذلك ترك مشروع القانون في المادة الحادية عشر مسألة “استرجاع الودائع أو أي قسم منها بوضعيّة كل المصرف وخصوصاً ملاءته وسيولته بعد أن يكون قد خضع لأحكام “قانون معالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها” مّما يعني أن مسألة إسترجاع الودائع لاتزال بعيدة كل البعد عن الوصول إلى أي حلّ رغم أن الهدف من مشروع القانون وفق ما نصّت عليه المادة الأولى هو “مُعالجة الفجوة المالية للنظام المصرفي في لبنان وتداعياته على المودعين وفقاً لأولوية تَضمَن حماية حقوق المودعين لأقصى حدّ مُمكن” وهل هذا يعني أن عدم ملاءة المصرف وتوفرّ لديه سيولة سيعفيه من إمكانية تسديد ودائع المودعين لديه”؟

وأشار الى أن “عملية اقتطاع من الصندوق لجزء كبير من ودائع المودعين التي تفوق ال100 ألف دولار أميركي ليوضع مقابلها ما يوازيها من توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان فإن “Potential Recovery Rate” في هذه العملية هو صفر وشبه معدوم، فتكون هذه العملية أشبه ب”Haircut ” مقنّع أي إعدام لكل هذه المبالغ التي يتم وضعها على حدى”.

ورأى أن “عملياً لن يقبل أي مدقّق محاسبي لميزانيات المصارف Auditor أن يعترف بأن هذه المبالغ قد يتم استعادتها، فهذا تحوير لحقيقة أنها لن تعاد”.

وذكر أن “مشروع القانون ينصّ على أن موجودات الصندوق تتكوّن من الأموال المسروقة والمهرّبة وغير المشروعة، إلا أنه مصادر التمويل الأخرى غير محدّدة النسب، وهي تسبّب خسائر عملاقة على عاتق القطاع المصرفي وعلى المودعين بشكلّ خاص فضلاً عن تغيير وجه لبنان الذي طالما تميّز بقطاعه المصرفي. فأين مساهمة الدولة طالما أن المودعين سيموّلون الصندوق”!

واستكمل، “فضلًا عن ذلك، لم يأتِ مشروع قانون إعادة التوازن للنظام المالي على ذكر الصندوق السيادي للدولة كون المشروع ركّز على اطفاء العجز في المصرف المركزي (المادة ٤) وعلى معالجة التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف (المادة 3) كما “وحماية المودعين” رغم أننا لا نعتقد أن المواد والحلول المقترحة ستؤدي الى هذه الغاية، ولم يذكر مشروع القانون المذكور الآليات والخطط والاستثمارات التي سيتم العمل عليها لادخال ايرادات على خزينة الدولة كما يفترض بالصندوق السيادي أن يفعل، بل على العكس فإن العمل وفق ما جاء في نصوص مشروع القانون سيُثقل ميزانيّة الدولة لاسيما وأنه سيتم استعمالها لتسديد دفعات ما سمي ب “صندوق استرجاع الودائع””.

وأشار الى أن “هذه الملاحظات وسواها العديد من الملاحظات التي تكوّنت لدينا كتقسيم الودائع المصرفية بين “مؤهّلة” و”غير مؤهّلة” وفق أسـس غير منطقية، تدعونا الى مطالبة الحكومة بسحب مشروع القانون المذكور لا بل إعادة التفكير مليّاً بالمفاهيم المغلوطة التي جاء بها، فيجب البدء بمعالجة وضع مصرف لبنان ومن ثمّ العودة إلى المصارف فالمسؤوليات تقع أولاً على الدولة ومصرف لبنان لإعادة التوازن المالي”.

كما دعا “الحكومة إن كانت هي من أرسلت المشروع الى التوقّف عن إرسال مشاريع الخطط الحكومية ومشاريع القوانين على نحوٍ مجتزأ ومنقوص ومبتور لما في ذلك من ضرب ما تبقى من ثقة اقتصادية ومصرفية لطالما حرصنا عليها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى