الهيئات الاقتصادية إلى السراي… وفي جعبتها “الدولار الجمركي”
جاء في “المركزية”:
تزور الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي قبل ظهر الإثنين المقبل، وفي جعبتها برنامجاً مدجّجاً بالملاحظات والأرقام حول رفع سعر “الدولار الجمركي” وشرحاً للتأثيرات التي يمكن أن يتركها طرح اعتماد سعر الـ20,000 ليرة على القطاعات الاقتصادية والتجارية وسوق الاستهلاك… مع طرح الحلول البديلة على نحو “لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”..
في انتظار نتائج اللقاء، يشرح الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس الموضوع “في الشكل”، ويقول لـ”المركزية”: إن تحديد “دولار جمركي” جديد هو من صلاحية الحكومة مجتمعةً، وهنا كان اللغط الكبير… إذ في العام 2018 فوّض مجلس النواب الحكومة تحديد الرسوم الجمركيّة، وبالتالي ليس من صلاحيّة لجنة المال والموازنة النيابية، فالنائب ابراهيم كنعان مُحق في ذلك، كما لم يَعُد من صلاحيّة مجلس النواب.
ويُضيف: في الوقت ذاته، إن إصدار مرسوم يحمل توقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير المال، لا يفي أيضاً بالغرض، بدليل أن مجلس شورى الدولة قد قرّر أن موضوع “الدولار الجمركي” يلزمه قانون أو التدبير التشريعي المشار إليه الذي يُعطي الحكومة صلاحيّة تحديد الرسوم الجمركية بين 2018 و2023 .
إن جمعية تجار بيروت مع الهيئات الاقتصادية ومنذ بدء الحديث عن “الدولار الجمركي” في أوائل العام الفائت، “أعلنت أن الأولوية بالنسبة إليها خفض النفقات قبل البحث عن زيادة الواردات” يقول شماس، “فمن الأفضل دائماً الحدّ من النفقات وتجنّب الضرائب… خصوصاً أن في ظل الانهيار الاقتصادي القائم حالياً، لا يمكن فرض اقتطاعات ضريبيّة جديدة… بل على العكس، يجب خلق الحوافز لتحريك الإنتاج والنمو”.
ويتابع: لكن عند استدراك أن خزينة الدولة خالية خاوية ما يجعلها عاجزة عن تسديد رواتب وموظفي القطاع العام، استحسّينا كهيئات اقتصادية الأمر جيداً وأوليناه كامل الاهتمام ونحن نعي الظلامة الواقعة على القطاع العام… لذلك تجاوبنا مع الموضوع وتقدّمنا منذ أشهر باقتراح قضى بتحديد “الدولار الجمركي” على سعر 8000 ليرة، وبهذه الطريقة تتوفّر الإمكانات المطلوبة لتحسين أوضاع الموظفين الذين حتى اليوم، لم يقبضوا المساعدة الاجتماعية الإضافية وحتى أن بدل النقل لا يزال في حدود الـ65 ألف ليرة، في حين أنه يبلغ في القطاع الخاص 95 ألفاً، هذا من جهة. كما أن سعر الـ8000 ليرة لا يشكّل ضربة للقدرة الشرائية للأسَر والتي تتراجع بوتيرة سريعة، ولا للاستهلاك الذي يُعتبَر المحرِّك الوحيد الذي لا يزال يشغّل الاقتصاد اللبناني.
سعر الـ20,000 ليرة خطير..
ويُلفت إلى أن “كل كلام عن اعتماد سعر 20,000 ليرة للدولار الجمركي، هو كلام خطير جداً لأنه يضرب كل التوازنات الاقتصادية والاجتماعية ويفتح باب التهريب على مصراعَيه، والجميع يعلم باستفحال التهريب خلال العامين المنصرمَين.. فالسعر المذكور إذاً، يشجع أكثر على “الاقتصاد الأسود”.. ويؤدي إلى إفلاس مجموعة كبيرة من المؤسسات والمحال التجارية والمستورِدين، كذلك يضرب تقديرات الدولة في تحصيل وارداتها لأن الاستهلاك سيتراجع تلقائياً، كما أنه سيُشعِل نار التضخّم إلى حدّ بعيد”.
ويُضيف: أي كلام يصدر عن وزير مسؤول بأن “تأثير اعتماد سعر الـ20000 ألف ليرة للدولار الجمركي سيكون طفيفاً ومحدوداً”، لا يَمُت إلى الواقع بِصِلة إطلاقاً… إن عدد السِلع المشمولة بالزيادة كبير، مع التذكير بأن ثلثي القطاع التجاري هو ضمن ما يُسمّى بالسِلع المعمَرة وحتى الكماليات، والألبسة منها إحداها على سبيل المثال لا الحصر… فستتأثّر كلها إلى جانب مجموعة من المواد الغذائية، إضافة إلى مواد أخرى ستتأثر بشكل غير مباشر.
ولم يغفل شماس الإشارة إلى أن “الضريبة على القيمة المضافة تُحتَسَب على كلفة السلعة كاملةً بما فيها الرسوم الجمركية، وبذلك تكون الحكومة تضع ضريبة فوق ضريبة…”.
في ضوء كل هذه الأسباب، يختم شماس: نصرّ على أنه إذا كان لا بدّ من “دولار جمركي” جديد فيجب ألا يتجاوز الـ8000 ليرة كي “لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”.. وفي كل الأحوال لا نحبّذ إطلاقاً التدابير الإفراديّة والمجتزأة والترقيعيّة التي تُضِرّ أكثر ما تُفيد، وتُبعِدنا عن الحلول المرتجاة. فنحن نبحث “بالسراج والفتيلة” عن توحيد سعر الصرف، وها نحن نُشَظيه أكثر وأكثر ونبتعِد عن المقوّمات الاقتصادية السليمة التي يجب السير بها ضمن خطة تعافي مالي متوازنة وعلميّة وموثوقة من قِبَل المجتمع اللبناني.