أجواء إيجابية في ملف “الترسيم”..
الديار
هل تم تفكيك «صاعق» التفجير في ملف «الترسيم»؟ لا جواب نهائيا بعد. لكن تعميم الاجواء الايجابية في بيروت من قبل المسؤولين اللبنانيين و»الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين يشير الى ان شيئا ما قد تغير بين «الزيارتين»، وبات واضحا ان المفاوضات تتحرك تحت ضغط التصعيد المحسوب للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الحاضر في صلب النقاشات التي باتت محصورة بين «الخطوط الحمراء» الجديدة زمنيا وميدانيا. هوكشتاين وعد باجوبة واضحة وصريحة خلال وقت قريب وسمع في المقابل موقفا رسميا موحدا يختصر المشهد بعدة كلمات تم الايحاء بها خلال اللقاء «الثلاثي» «لا نستطيع تقديم اي تنازل جديد بعد دفن الخط 29» ولا نملك القدرة على السيطرة على زمام الامور اذا لم يحصل الاتفاق قبل ايلول». هو امر يدركه «الوسيط» الاميركي الذي لم يحمل معه اي موقف حيال فكرة حصول لبنان على هبة فيول ايرانية، وهو امر يفسر بطء تحرك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي ينتظر ان تتبلور المواقف الايرانية والاميركية قبل اتخاذ اي تحرك رسمي اتجاه الايرانيين.في هذا الوقت، «دفنت» فكرة تشكيل حكومة جديدة بعد فشل لقاء بعبدا في تحريك «المياه الراكدة» بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ودخلت البلاد فعليا في معمعة السباق الرئاسي قبل نحو شهر على بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد، وقد نعاها رئيس الجمهورية من الفياضية، فيما أكد العماد جوزاف عون بمناسبة عيد الجيش، ان المؤسسة العسكرية تتحمل كامل مسؤوليتها تجاه الوطن والشعب وسط تعدّد المهمّات وتشعّبها مهما غلت التضحيات.
الاجواء الايجابية
واختصر «الوسيط» الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، عآموس هوكشتاين، حصيلة الاجتماع الموسّع مع الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا، بحضور السفيرة الأميركية، ونائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بكلمتين» متفائل جدا». وقال لدى مغادرته بعبدا إنه ممتنّ للرئيس عون على الاجتماع مع الرؤساء واضاف «أنا متفائل جداً للوصول إلى اتفاق في الأسابيع المقبلة. وفيما اكدت مصادر مطلعة على اجواء اللقاء بان هوكشتاين كان اكثر ليونة من زيارته الاخيرة، مبديا جدية واضحة لجهة وضع سقف واضح لنجاح التفاوض، ملمحا الى امكانية العودة قريبا الى الناقورة لوضع اللمسات الاخيرة على الاتفاق النهائي».
ما هي الطروحات المتبادلة؟
ووفقا للمعلومات، فان الاقتراح اللبناني يتضمن المطالبة بكامل الخط 23 وحقل قانا مع التمسك بكامل حقوق لبنان النفطية.في المقابل المقترح الإسرائيلي ينطلق من إحداثيات الخط 23 وينحرف شمالا وصولا إلى خط الوسط بين لبنان وقبرص ويمنح لبنان كامل حقل قانا مقابل حصول تل أبيب على مساحة شمال «الخط 23»، ويريد الاميركيون ابقاء النقاش مفتوحا حول عرض اسرائيلي يقضي بإعطاء لبنان حقل قانا كاملاً مقابل الدخول أكثر في الخط 23 مع أجزاء من البلوك رقم 8.
العرض «السخي»!
وكان الاعلام الاسرائيل قد روج لما اسماه الاقتراح الإسرائيلي السخي الذي يراعي المصالح اللبنانية، انطلاقاً من الفهم بأن لنا مصلحة أيضاً في أن يتمكن لبنان من تمتعه بمخزونات الغاز المدفونة تحت مياهه الاقتصادية. كما تقول صحيفة «معاريف» وقالت انه يمكن الوصول إلى اتفاق مع لبنان في غضون أسابيع. واليوم تهديدات حزب الله تزيد الإلحاح لحاجة حل الخلاف قبل البدء بإنتاج الغاز من بئر كاريش في أيلول.
«طيف» نصرالله
وفي هذا السياق، حضر طيف السيد نصرالله في الاعلام الاسرائيلي، وقد بسطت الصحيفة نفسها المخرج لانجاح المفاوضات بالقول «تعلن إسرائيل بصوت واضح قبولها المخطط المقترح لتسوية الخلاف البحري مع لبنان، وبموجبه يذهب حقل الغاز قانا كله إلى لبنان ويبقى كاريش كله لنا؛ دون المطالبة بتعويضات مالية أو تلقي مساحة بديلة. معظم القوى السياسية في لبنان تؤيد هذا المخطط. وهذا سيسحب البساط من تحت تهديدات نصر الله، بحسب تعبير الصحيفة التي اقرت ان المشكلة تكمن في أن إسرائيل ترقص حسب أنغام الامين العام لحزب الله. ولهذا عليها تتخذ قراراً سريعاً في مسألة حل الخلاف البحري.
التفاؤل اللبناني
وفي السياق نفسه، أكد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على حصول خرق في الملف، واشار الى ان الأجواء كانت إيجابية، والجميع خرج مرتاحاً من اللقاء، ولفت الى ان هوكشتاين لم يطرح تقاسم الثروات فيما جدد لبنان المطالبة ببلوكاته كاملةً. وخلص الى القول» الفجوة ضاقت والفترة الزمنية التي تفصلنا عن عودة هوكشتين مع جواب إلى بيروت ستكون قصيرة. من جهته، قال اللواء ابراهيم خلال مغادرته قصر بعبدا: «كل شي منيح». وبعد الاجتماع، انتقل هوكشتين إلى وزارة الخارجية حيث التقى الوزير عبد الله بو حبيب، ليغادر بعدها من دون الإدلاء بأيّ تصريح.فيما قال وزير الخارجية بان هناك تقدما هائلا، والمفاوضات مستمرة ولم تنته بعد، وننتظر ردة الفعل الاسرائيلية، كما اكد أن الموقف اللبناني موحد. وفيما اكدت اوساط عين التينة ان الاجواء كانت ايجابية خلال لقاء بعبدا، اكد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ان الدولة نجحت في وضع معادلة قوة عنوانها» كاريش مقابل قانا»، وهي معادلة وضعتها الدولة وتنفذها المقاومة اليوم ونحن كما رسمنا معادلة البر، نرسم معادلة البحر التي ستمنحنا الازدهار لنستفيد من ثرواتنا.
ماذا قال هوكشتاين؟
وفي مقابلة مع المؤسسة اللبنانية للارسال قال هوكشتين ان الجلسة كانت مهمة مع الرؤساء الثلاثة وقال «هناك طرف آخر في هذا الأمر لذلك لم نكن جميعًا في الغرفة نفسها، مؤكداً انه «علينا أن نناقش مع الطرف الآخر أيضًا». واعتبر أن «الأجواء خلال الأسابيع القليلة الماضية وعند كلا الطرفين تدل على استعداد لأخذ المفاوضات على محمل الجد لمعالجة القضايا مباشرة وأتمنى ان نتمكن من تضييق الفجوات». واضاف «أعتقد أننا قمنا بتضييق الفجوات قبل أن نصل إلى هنا وأننا حققنا بعض التقدم اليوم وآمل أن نتمكن من الاستمرار في تحقيق هذا النوع من التقدم. ولفت الى ان حقل كاريش شهد بالفعل بالسنوات الماضية نشاطاً هائلاً من دون اعطاء أهمية وإعاقة العمل فيه وما نركز عليه هو كيف نصل إلى قرار يسمح لإسرائيل بالاستمرار وللبنان بالبدء والدخول في سوق الطاقة. وعن اتهام بري الولايات المتحدة بالتدخل في عمل شركة توتال وبلوك رقم 9 قال هوكشتاين «أنا متأكد من أن شركة توتال وقيادتها يمكنها اتخاذ قرارات بشأن مكان الحفر بدون الولايات المتحدة أو بدون أن يخبرها أحد بما يجب عليها القيام به فهي شركة خاصة لا نقول لأحد أين يجب أن يبحث عن الغاز». وفي هذا السياق، ووفقا للمعلومات، أبلغت باريس الرؤساء الثلاثة وحزب الله بأن شركة «توتال» ستكون جاهزة لبدء العمل عند توقيع الاتفاق، وأنها تفاهمت على ذلك مع الجانب الأميركي.
تعهدات عون
وكان الرئيس عون قد شدّد على الحرص على «حقوقنا في مياهنا الإقليمية وثرواتنا الطبيعية»، وشدّد على أنها «حقوق لا يمكن التساهل فيها تحت أي اعتبار»، موضحاً أنّ «المفاوضات غير المباشرة الجارية لترسيم الحدود الجنوبية البحرية، هدفها الأوّل والأخير الحفاظ على حقوق لبنان والوصول من خلال التعاون مع الوسيط الأميركي، إلى خواتيم تصون حقوقنا وثرواتنا، وتحقّق فور انتهاء المفاوضات فرصة لإعادة انتعاش الوضع الاقتصادي في البلاد. وتعهد، في كلمةٍ ألقاها في العيد السابع والسبعين للجيش اللبناني، بالعمل من أجل توفير الظروف المؤاتية لانتخاب رئيس جديد يواصل مسيرة الإصلاح الشاقة، لا كما يحصل مع عملية تاليف الحكومة، وأكّد أنّ «هذا الإنجاز الوطني لا يتحقق إلّا إذا تحمّل مجلس النواب الجديد، رئيساً وأعضاءً، مسؤولياته في اختيار من يجد فيه اللبنانيون الشخصية والمواصفات الملائمة لتحمّل هذه المسؤولية.