أهالي رميش يتصدّون لـ”أخضر بلا حدود”… و”الحزب” كبَّرها
كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
ينشط «حزب الله» عشيّة كل استحقاق في تذكير اللبنانيين بفائض قوته العسكرية ووجهة سلاحه المعكّر للإستقرار في الداخل، أكان عبر هيمنته المتمادية على المؤسسات الدستورية وقراراتها، أو عبر افتعال الأحداث الأمنية في القرى والمدن وليس آخرها ما حصل قبل أيام في بلدة رميش الجنوبية.
وفي التفاصيل، إن الإختلاف الذي وقع بين أحد أبناء بلدة رميش من «آل عبدوش» وعناصر «حزب الله» المتواجدين في المنطقة من خلال جمعية «أخضر بلا حدود» البيئية، سرعان ما تطوّر من إشكال فردي حول قطع الأشجار أو تقاسم غلتها إلى تهديد «بحرق رميش وتهجير أهلها في 5 دقائق» وتصويب السلاح وإطلاق الرصاص أمام أهالي البلدة الذين عبّروا عن رفضهم محاولات «حزب الله» المتكررة بافتعال أحداث أمنية والتي كانت لتأخذ أبعاداً مختلفة لولا تدخل الجيش اللبناني مراراً للفصل بين الطرفين.
ولم تقف تداعيات الحادثة عند هذا الحدّ، إذ كشفت محاولات «حزب الله» المتمادية في إخراج الحادث من إطاره الفردي الأبعاد التي دفعته إلى استفزاز الأهالي واستدراج «القوات اللبنانية» إلى إشكال مسلح، ما دفع الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» إلى التأكيد «أن لا علاقة للقوات لا من قريب ولا من بعيد بهذه الحادثة الشخصية الفردية والتي أسبابها محلية بحت». وتترافق هذه الحادثة مع الحملة المستعرة من قبل «الحزب» على «الكنيسة» عبر مقاربة قضية المطران موسى الحاج كمقاربة ملفات من يسميهم «العملاء» في رسالة واضحة للضغط أو التأثير على مواقف البطريرك بشارة الراعي الذي دعا خلال عظة أمس الأحد «الأجهزة الأمنية إلى القيام بواجبها في حماية أبنائنا (في رميش) وطمأنتهم فيشعرون أنهم ينتمون إلى دولتهم والتي تحميهم بموجب قرار مجلس الأمن 1701 الذي يمنع أي قوى مسلحة من التواجد في مناطقهم».
القرار 1701 الذي جعل منطقة جنوب الليطاني منزوعة السلاح وبعهدة الجيش اللبناني و»اليونيفيل»، خرقه «حزب الله» عبر تحويل مراكز جمعية «أخضر بلا حدود» البيئية، إلى مراكز أمنية مدجّجة بالسلاح الذي ظهر بكثرة عقب حادثة رميش، ليوضح رئيس البلدية ميلاد العلم لـ»نداء الوطن» أن تواجد «الجمعية» في البلدة لا يلقى قبول الأهالي ورضاهم منذ استحداثها مركزين في أراضٍ مملوكة من أبناء البلدة قبل سنوات. ومع تأكيد العلم أن العقارات مملوكة وليست «مشاعات»، تتضح ممارسات «الحزب» وتعدّيه على الملكية الخاصة التي يكفلها الدستور قبل التعدي المستمر على الأهالي وافتعال الأحداث والإشكالات التي عمد إلى استدراك تفاقمها من خلال رعايته لقاءً في دار البلدية يوم السبت الفائت بحضور رئيسها ورئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب ومسؤول «حزب الله» في الجنوب وعدد من أبناء البلدة.
وفي السياق أكد البيان الصادر عن البلدية «حرص الأهالي على العيش الواحد مع جوارهم»، وشددوا على أن لا أبعاد أو خلفيات سياسية للحادثة، مطالبين الجهات الرسمية بعد استنكارها إطلاق النار وإشهار السلاح بوجه الأهالي، «إزالة المراكز غير الشرعية من خراج بلدة رميش»، آملين عدم تكرار أحداث مشابهة في المستقبل، مؤكدين تمسك البلدية باسم أهالي البلدة بالدولة وأجهزتها وقواها المسلحة الشرعية، متطلعين إلى «قيام دولة القانون والمؤسسات والعيش في ظل دولة تحفظ أمن أبنائها وتطمئنهم إلى يومهم وغدهم ومستقبلهم».
وعقب اللقاء الذي جرى في البلدية، أوضح العلم أن البلدية ترفض التعدي على الأشجار وقطعها، كما ترفض استخدام السلاح في وجه أبناء البلدة، آملاً عدم تكرار أحداث مشابهة في المستقبل بعد عودة الأمور إلى طبيعتها بين الطرفين، مؤكداً أن الإشكالات الفردية تحلّ سريعاً لأن لا أبعاد أو ذيول سياسية لها، مشدداً على أن جميع أبناء رميش يقفون إلى جانب بعضهم بعضاً ومن ضمنهم شباب «القوات اللبنانية» بعيداً عن الأبعاد الحزبية للحادث الذي حصل، مثنياً على أهمية التمسك بالعيش الواحد بين أبناء المنطقة. وعلى الرغم من تمسكه بتلك الثوابت، أوضح العلم أن المراكز المستحدثة لجمعية «أخضر بلا حدود» منذ 2018 هي بصفة غير قانونية، دون عقد إيجار قانوني ولا أي إطار قانوني آخر، آملاً أن تتم معالجة هذا التواجد غير القانوني في المستقبل القريب.
وتلاقى عدد من أبناء بلدة رميش على التأكيد لـ»نداء الوطن» أن دوافع الحادث الذي حصل بين شباب البلدة وجماعة «أخضر بلا حدود» التي تشكل واجهة بيئية لفصائل «حزب الله» المسلحة، هي دوافع فردية، مؤكدين أن تواجد «الجمعية» بالقوة في أراضٍ مملوكة من قبل أبناء البلدة خارج عن رغبتهم. وعلى الرغم من أن ظاهر الإشكال يعود إلى «قطع الأشجار» توقف بعض الأهالي عند العلاقة القوية التي تربط بين أعضاء «الجمعية» والشباب الذين حصل معهم الإشكال وما إذا كانت الدوافع مادية قبل أن تتحول لاحقاً إلى إطلاق نار وتدخل مجموعة من المسلحين من خارج البلدة، حال تدخل الجيش اللبناني من تفاقم تداعياته مع انكشاف أن أعضاء «الجمعية البيئية» مدجّجون بالسلاح، ما دفعهم لاحقاً إلى محاولة تسييس الحادث الفردي وتوجيه الأنظار إلى ضلوعٍ ما لـ «القوات اللبنانية» جرّاء انكشاف أهدافهم ومخططاتهم الأمنية.