محليات

لماذا لم يحدّد القصر الجمهوري موعدًا للرئيس المكّلف؟ إليكم الأسباب

من حيث منطق الأشياء، فإن كرة التأليف هي في الملعب الرئاسي. فالرئيس المكّلف قام بواجبه الدستوري، وحمل معه، بأسرع من لمح البصر، إلى القصر الجمهوري صيغة رأى فيها أنها الأنسب لهذه المرحلة، وذلك إنطلاقًا من تجربتين خبرهما يومًا بيوم على مدى ما يقارب التسعة أشهر.

هاتان التجربتان لم يلمس أهميتهما سوى من كان على تماس يومي مع المشاكل التي كان يعاني منها معظم الوزراء في وزاراتهم. وهذه المعاناة هي إنعكاس طبيعي لإنعكاس معاناة أكبر لدى مختلف شرائح المجتمع اللبناني، الذي “يذوق” الأمرّين.
فالرئيس نجيب ميقاتي، الذي كان على تماس مباشر مع كل وزير على حدة، سواء بلقاءات مباشرة في السراي الحكومي، أو من خلال التواصل اليومي، يعرف أكثر من غيره من كان من الوزراء منتجًا في وزارته على رغم الظروف الصعبة، ومن كان يستعرض “عضلاته” في الإعلام فقط، عبر ما يسمى ال ” شو أوف”، من دون أي نتيجة عملية لكل هذا الحراك، الذي كان يقوم به بعض الوزراء “من دون طعمة”.

لذلك جاءت الصيغة الوزارية كما جاءت بتعديلاتها الطفيفة، من دون أي غايات سوى غاية ما يمكن إحرازه من نتائج عملية، بعيدًا عن التنظير و”صفّ الحكي”.
فلا خلفية إنتقامية وراء هذه التشكيلة المرنة والسريعة والعملية، كما حاول البعض تصوير الأمر على غير حقيقته. ولا خلفيات طائفية أو حزبية، وبالتالي كان من السهل، لو صفت نيات البعض، التوصل إلى تفاهم سريع وصريح بين الرئيسين ميشال عون وميقاتي، وهذا ما صرّح به الرئيس المكّلف من الديمان. وقد فُسر كلامه أيضًا على غير مقصده. والغايات في نفس يعقوب لا تعدّ ولا تحصى.
فنيات البعض غير الصافية إتضحت منذ اللحظة الأولى لتسلّم رئيس الجمهورية الصيغة الحكومية، فتمّ تسريبها إلى الإعلام عن طريق بعض الذين لديهم “مونة” على بعض هذا الإعلام، الذي إعتبر أنه بنشر هذه الصيغة، وبخطّ الرئيس ميقاتي إنما يقوم بـ”خبطة” إعلامية، وهو غير ملام.

فالذين سرّبوا “الصيغة الميقاتية” كانوا يعرفون ماذا يفعلون. هم كشفوا نياتهم غير الصافية بعد حين عندما قامت “الغرف السوداء” بدورها التشويشي من خلال محاولة تصوير الأمور على غير حقيقتها. ويأتي في طليعة ما تمّ تسريبه عبر مصادر مكتومة القيد هو أن الرئيس ميقاتي أراد من خلال هذه الصيغة إحراج رئيس الجمهورية أمام جمهور “التيار الوطني الحر”، وبالتالي التطاول على الصلاحيات الرئاسية.
الحقيقة هي غير ذلك تمامًا. فالقاصي والداني يعرفان ما قام به الرئيس ميقاتي من جهود من أجل أن تبصر الحكومة النور، وهو على إستعداد دائم للأخذ والعطاء ضمن ما يسمح به الدستور والمنطق السياسي السليم. أليس الرئيس عون بذاته من قال إن التعاطي معه سهل، لأنه يعرف كيف يدّور الزوايا، وكيف يقارب الأمور من زاوية ما تقتضيه المصلحة العامة ومصلحة الوطن قبل أي شيء آخر؟
كان يُفترض بدوائر القصر الجمهوري، بإيعاز من رئيس الجمهورية، تحديد موعد للرئيس المكّلف لكي يصعد إلى بعبدا ومناقشة كل المستجدّات مع الرئيس عون “راس براس”، وطرح كل الأمور على بساط البحث توصلًا إلى صيغة ترضي الطرفين، والأهمّ أن تكون كفيلة بتقطيع مرحلة ما قبل الإنتخابات الرئاسية بأقل أضرار ممكنة.
لكن عدم تحديد هذا الموعد يخفي وراءه ما يخفي لا بدّ من أن تتكشّف خباياها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى