باسيل “يستغني” عن وزير الطاقة؟.. و عون يريد جريصاتي؟
لا يُنتظر أن يكون للاستشارات النيابية غير المُلزِمة والشَكليّة التي يجريها الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي اليوم وغداً تأثير يُذكَر على مسار التأليف، الذي سيكون الأصعب لآخر حكومات العهد ورابعة حكومات ميقاتي.
كلّ المؤشّرات ونقاشات الكواليس تشي باستحالة تأليف حكومة “تنسف” الحكومة القائمة، وأنّ التوجّه العامّ هو نحو حكومة التعديلات الضروريّة والمحدودة.
لكن حتى تحت سقف هذا العنوان فإنّ التعقيدات متشعّبة ومتداخلة وغير مألوفة سابقاً تقود بمجملها إلى “انحياز” ميقاتي إلى النوم على الجنب الذي يريحه: بقاء حكومة تصريف الأعمال الحالية وتفعيل عملها.
تؤكّد مصادر بعبدا لـ”أساس” أنّ “رئيس الجمهورية بانتظار لقاء الرئيس المكلّف لإطلاعه على نتائج الاستشارات النيابية، والأهمّ معرفة مَن مِن الكتل سيشارك في الحكومة لأنّ ذلك عامل أساسي في عملية التأليف”، مشيرةً إلى إصرار “الرئيس ميشال عون على تأليف حكومة قبل نهاية ولايته بعكس ما يُشاع”.
يقول المطّلعون إنّ “الوزراء التكنوقراط المحسوبين على باسيل في عهد عون والذين كان يغطّيهم الأخير، يصعب جداً اعتماد “نموذجهم” بعد مغادرة ميشال عون
عملياً، سيجد الرئيس المكلّف نفسه اليوم وغداً أمام أكثرية مضادّة من 74 نائباً رفضت تسميته وتضع فيتو بالأساس على “أهليّته” السياسية لتشكيل فريق حكومي مُنتِج لإدارة عملية الإنقاذ، إن كان من خلال إجراء تعديلات وزارية على الحكومة الحالية أو إجراء نفضة كاملة في طاقم مجلس الوزراء.
حتى الآن يصطدم ميقاتي “المطوّق” – حتى في ظلّ وجود مُعارضة مشتّتة فاقدة لعنصر المفاجأة وتغيير المسارات – بمقاطعة شخصيّة له تَستدرج عزوفاً عن المشاركة في الحكومة وفَرض شروط وتقييداً لحركته في ظلّ رهانات جدّيّة على عدم قدرته على تأليف حكومة خلال شهرين وخمسة أيام قبل بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية في 31 آب. وستؤدّي عطلة عيد الأضحى وأداء ميقاتي مناسك الحجّ إلى تقصير هذه المدّة أكثر.
ما لن يظهر في استشارات التأليف بسبب طابعها الرسمي ستتكفّل به استشارات الكواليس، وسيتمحور بشكل أساسي حول مَن يريد فعلاً المشاركة أو مقاطعة الحكومة.
يبقى القديم على حاله
يقول مصدر مطّلع على مسار التأليف لـ “أساس” إنّه “إذا كانت القوات والكتائب وكتلة نواب التغيير والحزب الاشتراكي لن يشاركوا فعلاً في الحكومة فستبقى توزيعة الحقائب والتوزيعة الحزبية السياسية الطائفية على ما هي عليه من دون أيّ تعديل، وسيقتصر التغيير على أسماء ستة وزراء من جانب القوى السياسية التي اختارت طاقم الحكومة الحالي”.
يضيف المصدر: “لكنّ الأمر سيختلف إذا قرّرت القوات المشاركة لأنّ الحكومة المقبلة ستستأنف التفاوض مع صندوق النقد الدولي وقد تتسلّم صلاحيات رئيس الجمهورية، لكن مع شرط إعطائها حصّة وازنة، وعندها ستُقاسم التيار الوطني الحر حصّته الوزارية. كذلك الأمر إذا قرّر جزء من نواب التغيير المشاركة فسيؤدّي ذلك إلى تغيير في التوزيعة القديمة”.
في ما يخصّ موقف النائب السابق وليد جنبلاط ثمّة مَن يشير إلى “احتمال وجود مناورة من جانب الاشتراكي قائمة على إشهار ورقة المقاطعة للحصول على المقعدين الدرزيّين في الحكومة، بعدما فَقَدَ وزير المهجّرين عصام شرف الدين الغطاء السياسي إثر خسارة طلال أرسلان مقعده النيابي”. أمّا في حال إصرار جنبلاط على المقاطعة فهناك معضلة التسمية الدرزية، مع العلم أنّ نائبين من “التغييريّين” هما من الطائفة الدرزية.
تؤكّد معلومات “أساس” توجّه النائب جبران باسيل، مدعوماً من رئيس الجمهورية، إلى إجراء تبديل وزاري بالأسماء
وأمس أكّد النائب وائل أبو فاعور عدم مشاركة الحزب الإشتراكي في الحكومة، معرباً عن اعتقاده أنّه قد لا يتمكّن ميقاتي من تأليف حكومة إذا كانت هناك شروط عليه.
سنّيّاً سيكون هناك مطالبة صريحة، أقلّه من اللقاء النيابي الشمالي الذي سمّى ميقاتي لرئاسة الحكومة، بالتمثّل في الحكومة المقبلة. عملياً، ليس النواب السُنّة الذين سمّوا ميقاتي محسوبين عليه، والتموضعات داخل المجلس تشي بمطالبات أوسع تشمل تمثيل المستقلّين السُنّة في الحكومة.
مسوّدات إلى بعبدا
يستعجل ميقاتي ومن الزيارة الأولى للقصر الجمهوري تقديم أكثر من مسوّدة للأسماء للرئيس عون خلال مهلة عشرة أيام من انتهاء المشاورات النيابية، وإعادة الكرّة إلى حين تسمية المعطِّل بالاسم في حال عدم التوافق بين الرئيسين.
تؤكّد معلومات “أساس” توجّه النائب جبران باسيل، مدعوماً من رئيس الجمهورية، إلى إجراء تبديل وزاري بالأسماء سيطول حقيبة الطاقة وربّما الخارجية. فوزير الطاقة وليد فياض، بعكس ما روّجت له سابقاً أوساط العونيين، غير مرضيّ عنه باسيليّاً، ويصل محيط باسيل إلى حدّ وصفه بـ”الخائن” لتساهله في موضوع معمل سلعاتا ضمن خطة الكهرباء وفتحه على حسابه وتقديمه معطيات لرئيس الجمهورية غير دقيقة. المفارقة أنّ التخلّص منه هو رغبة مشتركة مع نجيب ميقاتي!
وفق المعلومات، اصطدم فياض أكثر من مرّة مع باسيل ووزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني، لكنّه ظهر أيضاً تابعاً ومنفّذَ أوامر حين سحب عن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بندَيْن يتضمّنان دفتر شروط لإطلاق مناقصة محطة غاز سائل لمعمل الزهراني، ومشروع عقد بالتراضي مع مؤسسة كهرباء فرنسا لإعداد دفاتر الشروط لإنشاء معمليْن لإنتاج الطاقة في الزهراني ودير عمار من دون معمل سلعاتا. ومع ذلك أدرج باسيل منذ فترة فياض على قائمة الوزراء المفترض تبديلهم.
وزراء سوبر سياسيّين
إنّ احتمال تسلّم الحكومة المقبلة، في حال شكّلت، صلاحيات رئيس الجمهورية، وتحوّل الوزراء فيها إلى “رؤساء”، سيدفع باسيل إلى فرض أسماء محسوبة عليه بالسياسة، ومن الصقور. وفيما روّج بعض محيط ميقاتي بأنّ عون يرغب بتوزير مستشاره سليم جريصاتي، نفت مصادر رسمية في التيار الوطني الحر هذا الأمر.
يقول المطّلعون إنّ “الوزراء التكنوقراط المحسوبين على باسيل في عهد عون والذين كان يغطّيهم الأخير، يصعب جداً اعتماد “نموذجهم” بعد مغادرة ميشال عون واحتمال تسلّم الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية. لذلك فالاتجاه لدى رئيس التيار هو لتوزير شخصيات كاملة الدسم السياسي مرتبطة بالمقرّ العامّ لباسيل، تماماً كما بروفيل الوزراء الشيعة في الحكومة”.
رعد: لا للطموحات الخاصّة
في السياق نفسه، برز أمس موقف لافت للنائب محمد رعد بدا حمّال أوجه وأصاب بشظاياه النائب باسيل، إذ تحدّث “عن بعض الطموحات الخاصة أو السياسية أو الفئوية التي تدفع هذه الجماعة أو تلك إلى محاولة القبض على السّلطة دفعة واحدة، وتتوهّم أنّها يمكن أن تفعل كلّ شيء إذا استقام لها الأمر”.
إقرأ أيضاً: نجاح عون – باسيل حيث فشل إميل لحّود
وقال: “من يريد القبض على السّلطة عليه قبل كلّ شيء أن يقبض على قلوب الناس، لأنّه لا بالعنتريّات ولا بالأضاليل ولا بالتحدّيات تتحقّق هذه الغاية، بل من يريد أن يقبله الناس يجب أن يكون صادقاً”، رافضاً “هدر الوقت في التنازع على حقيبة وزارية هنا وهنالك”.