اهم الاخبارمحلياتمن الصحافة

فرنجية VS عون: هل تطيح بالأول وتضحّي بجبران؟

كتب جو متني: 

تجارب اللبنانيين مع انتخابات رئاسة الجمهوريّة فظيعة منذ العام 1943، ومن حينه لم تطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر. هل لأن استقلال لبنان تمّ قبل أوانه؟ وبقيت رواسب الانتداب الفرنسي، وقبله الاحتلال العثماني، عالقة في الأذهان والأبدان والأكفان؟ 

في كلّ دورة، تسبق التوقّعات والتكهّنات والرهانات. تلحقها قياسات البدلات. وعند الساعة الصفر، تكفهرّ الوجوه، تتغيّر اللوحات، تنتقل الرقصات وتتنقّل الراقصات بين الساحات والسفارات.

هذه الصورة الكاريكاتوريّة معبّرة عن واقع أليم استُنسخ طيلة الثمانين سنة الماضية. بين من بقي يسترجع الحنين الفرانكوفوني ويحنّ به إلى فؤاده، وبين من أعلى صوته مستسيغاً الرمول العربية، وبين من أبقى رصده على موجات الشاي الانكليزي، وبين من أكل البرازق الدمشقي ولم يشبع، ضاع الوطن. تشلّعت مساحة الـ 10452 كلم2 وتفسّخت مساحات، وتشرذمت امارات. رسمت الطوائف كانتوناتها. توزّعت ولاءات اللبناني. انقلب دفاعه عن القضية الفلسطينية جحيماً سبق الجهنّم الحالي الذي انحدر الشعب اللبناني إلى مشارف غرفه الداخلية بعدما تخطى العتبة الخارجية.

أُقرّ اتّفاق الطائف بتسوية أميركية – سعوديّة، مُنهياً ما وُصف بـ” تمرّد” رئيس الحكومة العسكرية العماد ميشال عون. لزّمت الصفقة الجيش السوري. بقي المحتل متعهّداً وطن الأرز 15 عاماً، إلى أن طلب الرئيس الأميركي جورج بوش الابن خروجه ليس الى ما بعد ضهر البيدر كما نصّت الوثيقة التي غدت الدستور اللبناني، وانما نهائياً.  

 منذ بداية زمن الاستقلال، سيطر حلم التمديد على الرؤساء والحاشية والغرف السوداء والمكتب الثاني. ومنذ أوّل رئيس لجمهورية الاستقلال، كان في قصر بعبدا رئيس ظل. من السلطان سليم الى صهر العهد الحالي. وهذه الظاهرة ليست جديدة.

وبين الرئيس الذي انتُخب بفارق صوت أو الذي أتى بقوّة خارجية عدوّة أو محتلّة، لم تأخذ اللعبة الديمقراطية مداها. وكانت الطبخة الرئاسيّة تعدّ في الكواليس بين مبعوثي الدول الكبرى. وبرزت أكثر من مرّة أسماء شولتز ومورفي وحبيب ودرايبر ودوفيلبان ودوشاريت على هذا الصعيد. وفي المقلب الثاني برزت أسماء بوغدانوف وانصاري وعبد اللهيان وخدام والشرع. 

يمكن توصيف المحطات الانتخابية الرئاسية بالمُعلّبة والجاهزة بمجملها باستثناء محطتين خرجت عن التقاليد وقلبت التوازنات:
المحطة الأولى، عند اتّفاق العماد عون والدكتور سمير جعجع على رفض العرض الأميركي “الضاهر أو الفوضى”، 
المحطة الثانية، عند رفض عون وجعجع الارادة الدولية والفرنسية تحديداً بانتخاب سليمان فرنجية. وكُسرت هذه الارادة بدعم من حزب الله.
اليوم، يحكى ويتمّ التداول في الصالونات السياسية أن فرنجية هو الأوفر حظّاً للوصول الى بعبدا. ولو كان طرح الموضوع حالياً سابق لأوانه، فكم بالحري حسم اسم الرئيس منذ الآن.

في العام 2008، كان يعتبر العماد عون أن دوره حان للرئاسة لكنّ “المونة” القطرية حالت دون ذلك لصالح العماد ميشال سليمان. وقتها حقّق عون في ولاية سليمان مكاسب سياسية وزعماتية وشعبية جعلته أقوى من رئيس الجمهورية الذي كان الرئيس الثاني الذي حكم القصر ومحيطه.

قبل نهاية تشرين الأول 2022، من المفترض انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وإذا لم يكن للرئيس عون القدرة على اختيار خليفته أو يشارك بتسميته على أقلّ تقدير، وإذا لم يرضَ عن الشخص المختار، فهل يسلّم بالأمر كما فعل مع العماد سليمان؟

هل سيكون هناك من “يمون” عليه؟ أو يجدّد عبارته الشهيرة “يستطيع العالم أن يسحقني، ولكن لن يأخذ توقيعي.” هو البالغ من العمر الى حدّ تمكّنه من مواجهة أو عصيان أي تمنِ أو طلب لا يقنعه.
هل يفاوض ويساوم على رأس فرنجية فيدفع صهره الثمن؟
هل تؤخذ بالاعتبار نتائج الانتخابات النيابية التي ستجري الأسبوع المقبل؟ فإذا حافظت كتلة التيار الوطني الحر على موقعها المتصدّر مسيحياً، هل تُضرب عرض الحائط؟
واذا تقدّمت كتلة القوات اللبنانية الى الصدارة، هل يُتجاهل موقفها؟
وهل يُفرض رئيس من دون كتلة نيابية داعمة أو وازنة أو بكتلة صغيرة الحجم؟
هل يقبل فرنجية أو غيره الاتيان على حصان طروادة؟
إذا حققت كتلة عون نتائج لافتة وبارزة في الانتخابات، لن يرضى رئيس الجمهورية برئيس جديد يحجّم تيّاره. ولن يرضى بمكاسب أقل عمّا حقّقه مع ميشال سليمان. يريد أن يكون أقوى من أي رئيس يأتي خلفاً له ولا يكون خليفته.
هل مصالحة فرنجية مع رئيس التيار جبران باسيل خطوة استباقية لتفادي الفراغ؟ أم أن أزمة الحكم ستطلّ ولن تنتهي إلا بمؤتمر شبيه بالطائف أو سان كلو يعيد رسم الحدود بين الطوائف، يُظهِّر المثالثة واللامركزية بمحاصصة جديدة ترضي المسلمين والمسيحيين الى حين يقضي الله أمراً كان مفعولاً…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى