البقاع الغربي – راشيا: كباش مسيحي بأصوات السنّة والشيعة!
جاء في الاخبار:
يبدو حسن مراد مرتاحاً. أصواته في دائرة البقاع الغربي – راشيا لن يتقاسمها مع أحدٍ، خصوصاً أنّه ترك المقعد السني الثاني شاغراً «تأكيداً لسياسة مدّ اليد وتخفيف الاحتقان في البقاع الغربي»، وفق ما يردّد نجل النائب عبد الرحيم مراد.
المتابعون لانتخابات البقاع الغربي يعرفون أنّ مراد هو، فعلياً، رافعة «لائحة الغد الأفضل»، وأنّ المرشحين المسيحيين على اللائحة لن يحصلوا على مقاعدهم من دون «دفشة» منه.
الجميع، هنا، يبحث في «كومة» الأصوات السنية (أكثر من 65% من الناخبين) عن أصوات تفضيليّة له. ففي دائرة البقاع الثانية، لا يؤثّر اعتكاف الرئيس سعد الحريري إلا على قلّة قليلة من جمهوره. فالمفاتيح الانتخابية الذين كانوا يعملون سابقاً للحريري ونوابه موجودون اليوم على الأرض، بعدما تقاسمهم المتنافسون فصار كلّ منهم يعمل لمصلحة أحد المرشحين. استطلاعات الرأي التي تجريها الماكينات الانتخابية ترجّح تراجع المشاركة في الانتخابات بنسبة تراوح بين 15% و20% مقارنةً باستحقاق 2018. رغم ذلك، يُمكن القول إن سنّة البقاع الغربي، بأغلبهم، لن يلتزموا بقرار المقاطعة، ما يعني أن مقعد مراد في الجيب، والحال نفسه بالنسبة للنائب محمد القرعاوي الذي يمتلك قاعدةً شعبيّة لا يُستهان بها. علماً أنّ الأخير «يجمع المجد من كل أطرافه»، إذ إن ترشيحه يحظى بقبولٍ من الرئيس فؤاد السنيورة وابن منطقته الوزير السابق جمال الجراح، والأهم أنه «مرضي عنه» من تيار المستقبل. وهذا «الرضى» نابعٌ من وقوف القرعاوي في وجه مراد بالدرجة الأولى ورفضه التحالف معه، ورفضه التحالف مع القوات اللبنانية ما أدّى إلى فك تحالف سمير جعجع ووليد جنبلاط في البقاع الغربي. وفاء القرعاوي لـ«مسلّمات» الحريري أدّى إلى تدخّل مستقبلي مباشر لدعمه. إذ يؤكد متابعون أنّ الأمين العام للتيار اتصل بأكثر من رئيس بلديّة مقرب منه وببعض المستقبليين موعزاً بالتصويت للقرعاوي. والأمر نفسه يفعله أيضاً السنيورة والجراح.
وإذا كان المقعدان السنيان محسومين، والمقعد الدرزي شبه محسوم للنائب وائل أبو فاعور، فإنّ المعركة في البقاع الغربي هي فعلياً على المقعدين الماروني والأرثوذكسي حيث الكباش بين نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانيّة.
من يعرف بتفاصيل المعركة الانتخابية، يُدرك أنّ الفرزلي ومرشح التيار شربل مارون لن يتمكّنا من الجلوس على مقعديهما إذا لم يتحمّس جمهور مراد وحزب الله للتوجّه إلى صناديق الانتخاب.
ينطلق الفرزلي من قوّة تجييرية في منطقته، ويُعزّز موقعه إمكانيّة أن يُجيّر مراد وحركة أمل بعضاً من أصواتهما له. ويقول العارفون إن نبيه بري يُردّد أن فوز نائبه الفرزلي يكاد يكون بالنسبة إليه أهم من فوز مرشحه قبلان قبلان. وعليه، فإن لنائب رئيس المجلس أفضليّة على المرشح الأرثوذكسي على لائحة «القرار الوطني الحر» غسان السكاف الذي لا يملك حلفاؤه السنة (القرعاوي والجماعة) والشيعة فائضاً في الأصوات، إلا إذا فعلت لعبة الحواصل فعلها. ففي حال قفزت لائحة «القرار الوطني المستقل» عن الحاصلين، قد «يطير» الفرزلي ويحط السكاف مكانه.
وإذا كان الفرزلي يستند إلى كتلة مسيحيّة من 2500 صوت وإمكانية اختراقه الساحة السنية بـ 500 صوت، إضافة إلى تعويله على دور لحزب الله بإعطائه 3000 صوت شيعي، فإن للماكينات الانتخابية العاملة على الأرض كلاماً آخر. إذ تشير إلى أنّ الـ2500 مسيحي لن يصوّتوا جميعاً للفرزلي كما فعلوا عام 2018، وتستبعد أيضاً أن «يهز» مراد كيسه السني لـ«دولة الرئيس» مما يعني أنّ احتمال سقوطه مُرجّح أكثر من احتمال فوزه في حال خذلته قاعدته المسيحيّة.
لمرشح التيار الماروني وضع مختلف. بحسب المتابعين، فإن حزب الله الذي يمتلك كتلة شيعية أكبر من تلك التي تمتلكها حركة أمل في البقاع الغربي (الناخبون الشيعة نحو 12 ألفاً)، لم يعطِ حتى اليوم وعداً بتجيير أصواته لأي مرشح على اللائحة. مع ذلك، يُرجّح المتابعون أن يظفر مارون بهذه الأصوات في اللحظات الأخيرة لضمان نجاحه باعتباره الحلقة الأضعف في اللائحة: فالعونيون لا يملكون قاعدة جماهيريّة في المنطقة (أقل من 5000)، والسنة بمن فيهم المحسوبون على مراد، غاضبون عليه بسبب اتهامه بقطع الكهرباء عن القرى السنية بعد تكليفه من قبل التيار الوطني الحر بإنشاء برج حديدي لتشغيل خط عبد العال – جب جنين لتحسين التغذية الكهربائية. لكنه، في المقابل، يستفيد من فك التحالف بين الاشتراكي والقوات التي رشّحت داني خاطر في لائحة «بقاعنا أولاً» غير المكتملة. ولأن معراب على يقين بأن اللائحة لن تفوز بأي حاصل، فإنها تدرس توزيع أصوات القواتيين الـ 5000 (نصفهم من المغتربين) بين خاطر والمرشح الماروني على لائحة القرعاوي – أبو فاعور، جهاد الزرزور، باعتبار أن معظم أقاربه ينتمون إلى القوات ومن بينهم عمه. ويهدف جعجع إلى إثبات قوته في اللائحة، وتبني الزرزور في حال فوزه مع صعوبة وصول خاطر إلى المجلس النيابي، وكسر مرشح التيار الوطني.
في المقابل، هناك من يتحدّث عن سيناريو آخر تدرسه معراب بـ«بيع موقف» للاشتراكيين من خلال صب أصواتها لصالح أبو فاعور الذي يبدو قلقاً على مقعده، خصوصاً لجهة ما يُشاع بأنّ المسؤولين السوريين يخوضون حرباً شرسة عليه بهدف إسقاطه من خلال محاولة «المونة» على حلفائهم، إضافة إلى الإيعاز إلى المجنسين السوريين الذين يأتون من الشام في يوم الاستحقاق بإعطاء أصواتهم للداوود. وبذلك، تكون القوات حافظت على مقعد أبو فاعور لعلمها أن مرشحها لن يتمكّن من دخول السباق الانتخابي من الأساس.
بحسب مصادر متابعة، فإن الرئيس نبيه بري الذي لا يكسر الجرة عادة مع النائب السابق وليد جنبلاط، ليس في وارد دعم المرشح الدرزي على «لائحة الغد الأفضل» طارق الداوود، ما يعني أن مقعد النائب أبو فاعور سيبقى محفوظاً برعاية حركة أمل.