محلياتمن الصحافة

الراعي يعيد زيارة البابا إلى سياقها “الوطني”

على أرض الواقع، اشتباكات مسلحة وسلاح متفلت وأزيز رصاص يروّع الآمنين في العاصمة تحت أعين الدولة التي لم تتجرأ على توقيف مسلح واحد في نظارتها من الضالعين في إشكال طريق المطار مساء الخميس، لأنها ببساطة أجبن من أن تطبق القانون في محميات “حزب الله”… تماماً كما تدفن رأسها تحت التراب في مواجهة التركيبة المافيوية التي سحقت اللبنانيين وأوصلتهم إلى حافة المجاعة، حيث بات “94% من الأطفال الصغار لا يتلقون التغذية التي يحتاجونها في لبنان بينما يعاني أكثر من 40% من النساء والأطفال دون سنة الخامسة من فقر الدم”، حسبما ورد في تقرير “اليونيسيف” أمس.

أما على أرضية السلطة، فقصور الرمل تتعالى في فضاء الوعود الانتخابية، وسط إجماع على عجز أهل الحكم عن تلبية شروط الإصلاح المطلوبة من صندوق النقد الدولي بموجب نصّ الاتفاق المبدئي الذي أُعلن عنه الخميس من قصر بعبدا. وأمس كانت زيارة لافتة للبطريرك الماروني بشارة الراعي إلى القصر صوّب من خلالها الأمور في ما يتعلق بزيارة البابا فرنسيس المرتقبة إلى لبنان في حزيران المقبل، فأعادها إلى سياقها “الوطني” المترفع عن المصالح السياسية، بعد “الشطط العوني” الذي حاول حرفها عن غاياتها الرعوية السامية، باتجاه دهاليز شعبوية – انتخابية حشرت زيارة البابا في خانة حسابات العهد وتياره الضيّقة.

فغداة مسارعة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى تحقيق “سبق انتخابي” من خلال إفشاء مضمون الرسالة التي تبلّغها من السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري حول موعد زيارة البابا إلى لبنان، قافزاً فوق الأصول الديبلوماسية و البروتوكولية التي توجب ترك الإعلان عن موعد الزيارة إلى الكرسي الرسولي، لفت الراعي إثر لقائه عون إلى أنّ قداسة البابا سيحمل معه إلى لبنان “بعدما يتم تحديد تاريخ الزيارة وبرنامجها، كلمة رجاء ليقول الى اللبنانيين إنكم تعيشون ليلاً طويلاً على كل المستويات، ولكن بعد هذا الليل الطويل سيكون هناك فجر، وسيتحدث عن قيمة لبنان ودوره ومميزاته بالعيش معاً وتعدديته، وعن ديموقراطيته والصعوبات التي يمرّ فيها اليوم على مختلف المستويات، الاقتصادية والاجتماعية والمالية”، متوقفاً كذلك أمام حالة الانقسام التي تطغى على لبنان بفعل “سياسييه المنقسمين”، وتساءل: “هل يا ترى لدينا جميعاً ولاء للبنان وللدولة ومؤسساتها”، وأردف: “اللبنانيون لا يريدون الجلوس إلى طاولة لتشخيص المشكلة وأنا أعتقد أنه سيكون للبابا كلام قوي في هذا الموضوع ففي الفاتيكان يتألمون على لبنان وشعبه المنقسم”.

تزامناً، وبعد نحو 5 أشهر على اندلاع الأزمة الديبلوماسية الخليجية – اللبنانية، نتيجة تصريحات وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي المناهضة للسعودية والإمارات والداعمة للحوثيين في اليمن، قررت دول مجلس التعاون فتح صفحة جديدة مع لبنان، فوصل أمس سفيرا السعودية والكويت، وليد البخاري وعبد العال سليمان القناعي إلى بيروت لاستئناف مهامهما الديبلوماسية على رأس سفارتي بلديهما، على أمل بأن تؤسس “هذه العودة الخليجية العربية لمرحلة جديدة من الأمل والثقة بمستقبل لبنان العربي الهوية والانتماء”، كما عبّر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في معرض الترحيب بالقرار الخليجي، مشدداً في المقابل على وجوب التزام الدولة اللبنانية بتحقيق “الإجراءات استجابةً وتجاوباً مع المبادرة الكويتية الخليجية”، مع تعويله في هذا السياق على أهمية العودة الخليجية خصوصاً وأنها “تزامنت مع إعلان التوصل الى اتفاق مبدئي بين لبنان وصندوق النقد الدولي”.

وعلى هامش تجليات التفاؤل بأن يحدث الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد كوة في جدار الأزمة المالية والاقتصادية في البلد، لوحظ أمس أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حرص على تعويم حاكميته على “سبائك الذهب” المكدّسة في احتياطي المركزي، فنوّه بأنّ لبنان “يحافظ على موقعه كصاحب ثاني أكبر احتياطي من الذهب في المنطقة العربية بثروة تقدر بنحو 286 طناً”، كاشفاً في خضم الجردة التي يجريها مصرف لبنان لتحديد رصيده من الذهب أنّ “احتياط الذهب لدى المصرف بلغت قيمته 17,547 مليار دولار أميركي حتى نهاية شهر شباط الماضي”، كما لفت إلى أنّ “إجمالي الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية بلغ 12 ملياراً و748 مليون دولار حتى نهاية شهر شباط، فضلاً عن أنّ حجم محفظة الأوراق المالية المملوكة لمصرف لبنان بلغت حتى نهاية الشهر نفسه 4 مليارات و197 مليون دولار والتي تشمل سندات اليورو بزيادة طفيفة عن شهر كانون الثاني الماضي”.

وفي المقابل، أوقعت القاضية غادة عون نفسها في “شرور” تصريحاتها خلال الرحلة الباريسية التي قامت بها على نفقة المرشح للانتخابات عمر حرفوش، وهاجمت فيها أركان السلطة القضائية متهمةً إياهم بالجبن والخوف، إذ تبيّن خلال الساعات الأخيرة أنّ التفتيش القضائي أحال عون إلى المجلس التأديبي للقضاة بعدما انتهى من استكمال تحقيقاته ذات الصلة بالإحالات السابقة الصادرة بحقها إلى التفتيش.

وفي خطوة بدت التفافية على فحوى الإحالة على التفتيش، سارعت القاضية عون أمس إلى محاولة سحب كلامها المهين بحق رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي بيار فرنسيس، فقدمت له الاعتذار عن قولها في باريس إنه “خاف وتنحى” عن البتّ بقرار تخلية سبيل شقيق حاكم المصرف المركزي رجا سلامة، متوجهةً في تغريدة “إلى كل الذين أساؤوا فهمي عندما قلتُ إن أحد القضاة قد خاف وتنحى”، بالقول: “أولاً إن القاضي فرنسيس هو من أنزه وأفضل القضاة وأنا أجلّه وأحترمه وأعتذر منه إذا كان هذا الامر قد أزعجه”.

المصدر: نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى