إنتخابات 2022محليات

“بيروت الأولى”: مقعد “الأقلّيات” يفعل فعله في “الثورة”

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

كان يفترض أن تقدّم بيروت بدائرتها الأولى تحديداً، نموذجاً في أداء قوى «التغيير» أو «المعارضة» لخوض الاستحقاق النيابي على نحو مشترك، لتكون القلب المحرّك والمؤثر لبقية الدوائر… إلا أنّ مجريات المفاوضات التي جرت على أرض العاصمة بدائرتيها الأولى والثانية، حالت دون ولادة لائحة مشتركة في كلّ من الدائرتين، ورست الصورة الانتخابية على تعددية غير صحيّة للوائح، بعد فشل مسعى وضع آلية علمية لاختيار المرشحين، ومن ثمّ فشل المفاوضات للاتفاق على ترشيحات توافقية. لكن المفارقة، هي أنّ هذه الخلافات ليست بسبب التوجهات السياسية أو شعارات المعركة أو معايير التفاهم، وإنما حول المقاعد.

اذ تدلّ المعطيات على أنّ هذه المجموعات كانت قد اتفقت في ما بينها على وضع آلية مشتركة تعمل على غربلة الأسماء الراغبة بخوض الاستحقاق للتمكّن من توحيد الترشحيات ومنعاً لوقوع الخلافات، أسوة بما فعلته مجموعة «شمالنا» التي احتكمت إلى قواعد علمية ساهمت في اختيار المرشحين.. إلّا أنّ انقضاء المهل القانونية من دون التمكن من تحقيق هذا الهدف، أدى إلى انقسام صفوف المعارضة إلى ثلاث لوائح، جاءت على الشكل الآتي:

«بيروت مدينتي» وتضمّ عن الأقليات جاك جندو، عن الأرثوذكس طارق عمّار، عن الكاثوليك ندى الصحناوي، ومارونياً بيار الجميل.

«قاردين» وتضمّ عن الأقليات روي ابراهيم، عن الأرثوذكس ماري لين جريديني، عن الكاثوليك شربل نحاس، ومارونياً موسى خوري.

«لوطني»: وتضم عن الأرمن الارثوذكس ماغي نانيجيان وديانا اوهانيان وبوليت ياغوبيان، عن الأرمن الكاثوليك برجيت شلبيان، عن الأقليات سينتيا زرازير، عن الأرثوذكس زياد عبس، عن الكاثوليك شارل فاخوري، ومارونياً زياد أبي شاكر.

وفق «تحالف لوطني» فإنّ هذا التشرذم ناجم عن عملية المماطلة التي فرضتها مجموعة «بيروت مدينتي» والتي حالت دون الاتفاق أولاً على آلية واضحة لاختيار المرشحين، وبعد الانتقال إلى جلسات التفاوض تعاطت المجموعة ذاتها مع الآخرين على قاعدة إما فرض شروطها ومرشحيها وإما لا اتفاق، وهو المشهد ذاته الذي تكرر في دائرة بيروت الثانية رغم كل المحاولات التي قادها نقيب المحامين السابق ملحم خلف لتوحيد الترشحيات لدرجة التهديد بسحب ترشيحه فيما لو لم يسر السيناريو التوافقي.

يضيف هؤلاء إنّ بقية المجموعات مدّدت المهل التفاوضية حتى مساء يوم الأحد الماضي لإفساح المجال أمام تذليل العقبات والاتفاق على لائحة مشتركة، إلّا أنّ «بيروت مدينتي» أصرت على فرض مرشحيها الستّة في الدائرة الأولى بينهم المقعد الماروني ومقعد الأقليات، بعدما كان الاتفاق على أن تكون حصّتها ثلاثة مرشحين، مع العلم أنّه كان هناك اتفاق مع مجموعة زياد عبس يقضي بأن يكون مقعد الأقليات من حصّته، وهو الذي سبق له أن خاض التجربة الانتخابية في الدورة الماضية ضمن لائحة «الحراك المدني» مع يعقوبيان وحصل على أكثر من 1500 صوت تفضيلي فيما نالت النائبة المستقيلة 2500 صوت تفضيلي، وقد نالت لائحة «كلنا وطني» حوالى 6800 صوت.

إلا أنّ هذا الطلاق لا يثير الخشية على طاولة حسابات «تحالف لوطني» على اعتبار أنّ مكونات التحالف نشطت طوال السنوات الأربع على الارض بشكل سيرفع من منسوب حضورها في صناديق الاقتراع وفق التقديرات الأولية التي تسمح لها بتخطي عتبة الحاصلين، خصوصاً وأنّ الانسجام بين مرشحي اللائحة يمنع وقوع «حروب الإخوة» بين هؤلاء، كما يقولون، لكونهم يخوضون الانتخابات بعنوان سياسي لتأمين فوز الفريق لا الأشخاص بدليل أنّ عبس عاد وترشح عن المقعد الأرثوذكسي بهدف تأمين الدعم لزملائه لا أكثر خصوصاً وأنّ هذا المقعد شبه مضمون لغسان حاصباني.

على مقلب مجموعة «بيروت مدينتي»، التفسير للخلاف الذي وقع يتجاوز مسألة الآلية «التي ضغطنا باتجاه تحقيقها»، بعدما تبيّن لها، أي للمجموعة، أن ثمة قطبة مخفية ترتبط بمقعد الأقليات الذي أثار زوبعة من الخلافات لكونه سيكون هدية الكسر الأعلى، ولهذا شهد حرباً شرسة من جانب كل المجموعات لضمان الحصول عليه.

يقول أحد مرشحي «بيروت مدينتي» إنّهم لم يفهموا اصرار تحالف وطني «على منعنا من الحصول على هذا المقعد بعدما أعلنوا مرشّحيهم تاركين المقعد شاغراً، إلى أن تبيّن وجود اتفاق غير معلن مع زياد عبس ليتولى هو تسمية سينتيا زرازير للمقعد. فأصر تحالف وطني على اخراج هذا المقعد من دائرة التفاوض لأسباب غير منطقية».

ولا ينكر هذا المرشح التأثير السلبي لهذا المسار الانفصالي خصوصاً وأنّ فوضى المفاوضات وتوترها دفع ببعض المرشحين إلى الانسحاب بعدما صارت المساومات هي قاعدة التفاوض، مشيراً إلى أنّهم كمجموعة وضِعوا أمام خيارين أحلاهما مرّ: أو الانكفاء والجلوس في البيت أو ترك بعض «الخيار التغييري» أمام الناخب. «فاخترنا الثاني على صعوبته».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى