العاملات المنزليّات تحت رحمة سماسرة المكاتب!
ألقت عاملة إثيوبية في العشرينيّات بنفسها من الطبقة الثانية من مكتب «Primeira Services» لاستقدام العاملات المنزليات في منطقة المشرفية، ونُقلت بحالة حرجة إلى المستشفى. مشهد مستهلك في مسلسل العاملات في الخدمة المنزلية ونظام الكفالة الذي يدفعهنّ إلى الانتحار. الفارق، هذه المرة، أنّ العاملة لم تلقِ بنفسها من شرفة منزل نتيجة سوء معاملة أصحابه، بل من نافذة المكتب الذي استقدمها، ما يطرح تساؤلات ويوسّع مروحة الاحتمالات التي دفعت بالعاملة إلى «الانتحار»، وخصوصاً بعدما «طلعت ريحة» مكاتب عدّة لا تحترم المعايير الإنسانية والأخلاقية في التعامل مع العاملات الأجنبيات، ويعمل بعضها بصورة غير شرعية مستخدماً رخص مكاتب أخرى.ريما، «الوكيلة القانونية» للمكتب كما تعرّف عن نفسها، والمسؤولة عن كل شاردة وواردة فيه كما يبدو، أوضحت لـ«الأخبار» أن صاحبة المنزل الذي كانت تعمل فيه العاملة «ردّتها إلى المكتب لأنها غير شغّيلة». وأضافت أنّ العاملة «طلبت إجراء مكالمة هاتفية مع والدها للعودة إلى إثيوبيا». وتضيف ريما: «فوجئت بالعاملة مطروحة على الأرض عندما نزلتُ لأشتري لها بعض المشروبات كي تهدأ بعدما غادرت صاحبة المنزل المكتب. إذ رمت بنفسها من النافذة ثم قفزت ثانية بعدما علقت بحافة، ما يشير إلى إصرارها على الهروب»، و«لم أفهم ما الذي حصل فعلاً ودفعها إلى الانتحار. فهي جديدة أتت منذ شهر ونصف شهر، ولا تتحدث العربية أو الإنكليزية، ولم يستغرق الأمر أكثر من عشر دقائق من الحوار قبل أن ترمي بنفسها».
وبعيداً عن الملابسات التي يتابعها مخفر حارة حريك، تكثر الشكوك حول هذا المكتب الذي تشغّله «ريما» مع شاب سوري يدعى غ. ض. ويعمل الاثنان في استقدام العاملات مستخدمين رخصة تملكها مريم ا. وما يغذّي هذه الشكوك صدور قرار عن وزير العمل مصطفى بيرم في 26 حزيران 2023 يإقفال «Primeira Services» بسبب «مخالفته أحكام القرار 41/1 المتعلق بتنظيم عمل مكاتب استقدام العاملات» قبل أن يعاد فتحه. كما أن في سجل المكتب أربع نقاط سوداء وفق ما يظهره الموقع الإلكتروني لوزارة العمل. «وهذه الشوائب لا تتعلّق بشبهات حول انتهاك حقوق الإنسان لأنه في هذه الحالات يتخذ قرار فوري بإقفال المكتب نهائياً وسحب الترخيص من مشغّله، وإنما تعود إلى مخالفة شروط الترخيص مثل تجيير الرخصة لشخص آخر»، بحسب مصدر في وزارة العمل، لافتاً إلى «أنّ ذلك يحصل بكثرة في الآونة الأخيرة، إذ أقفل 30 مكتباً لمدة تتراوح بين 4 و5 أشهر على خلفية عدم التزام مشغّليها بالإنذارات التي وجّهت إليهم وتكرار مخالفة شروط العمل».
صاحبة المكتب نفت أن تكون قد جيّرت الرخصة لأحد، مشيرة إلى «أنني وكّلت ريما إدارة العمل لأنّني أتغيّب باستمرار لأسباب صحية». لكن بدا من الحديث معها أنّها لا تعرف شيئاً عن عمل المكتب أكثر ممّا تنقله إليها ريما. وفي هذا الإطار، أشار رئيس نقابة أصحاب مكاتب استقدام العاملات في الخدمة المنزلية جوزيف صليبا إلى «زيادة الإخبارات التي نتقدم بها إلى وزارة العمل والأمن العام حول غياب أصحاب العلاقة عن مكاتبهم وتسليم المهام فيها لسماسرة يستقدمون العاملات بطريقة غير شرعية، وغير معروف سجلهم العدلي. وهم بذلك يخاطرون بأرواح العاملات ولا يكترثون لشروط العمل التي نظّمها وزير العمل والمسؤوليات التي تقع على عاتقهم كونهم يعملون في الظلّ ولا يُساءلون أمام وزارة العمل بالاسم»