الانتخابات الرئاسية تنتظر انتخابات أميركا؟
كتب الاعلامي خليل مرداس في “السياسة”:
في ظل تعمّق الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، يبدو أن الطريق نحو حل ملف الرئاسة ما زال مليئًا بالعقبات. ورغم محاولات عديدة لتجاوز حالة الشلل السياسي، لا تزال البلاد بلا رئيس منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، ليكون مفتاح الحلول الرئاسية بعيد المنال وموزعًا بين ساحات إقليمية ودولية متعددة.
تعقيدات داخلية وتوازنات طائفية هشة
لبنان، الذي يعتمد نظامًا سياسيًا مبنيًا على تقاسم السلطة بين طوائفه الرئيسية، يواجه تحديات كبيرة في التوصل إلى توافق على رئيس جديد. المنصب الرئاسي المخصص تقليديًا لمسيحي ماروني يجعل اختيار الرئيس عملية حساسة، حيث يتطلب توافقًا بين الفصائل المسيحية، بالإضافة إلى قبول من باقي الطوائف والمسؤولين السياسيين.
وفي ظل هذا النظام، كل تحالف سياسي يدعم مرشحًا معينًا، وغالبًا ما تقف هذه التحالفات في وجه بعضها البعض، مما يؤدي إلى مأزق سياسي. حزب الله وحلفاؤه من جهة، والمعارضة المتنوعة من جهة أخرى، يجدون صعوبة في الاتفاق على مرشح يرضي الجميع، وهذا يؤدي إلى استمرار الفراغ في الرئاسة.
تأثيرات إقليمية حاضرة بقوة
التوترات في المنطقة تزيد من تعقيد الوضع. الصراع في غزة والتوتر المستمر في جنوب لبنان بين حزب الله وإسرائيل يشكلان عوامل ضاغطة على الساحة السياسية اللبنانية. حزب الله، الذي يلعب دورًا رئيسيًا في السياسة اللبنانية، يعتبر لاعبًا معيقا في هذه الأزمات، ويواجه تحديات متعددة في التنقل بين سياسته الداخلية وانخراطه الإقليمي، إذ إنّ تنفيذ أجندة إيران هي من مسؤوليته، بعيدًا من اجندة المصلحة الوطنية، فمع استمرار العمليات العسكرية في غزة وتصاعد التوترات بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب، يظل موقف حزب الله مؤثرًا بشكل كبير على ملف الرئاسة في لبنان. هذه التوترات تزيد من تعقيد أي تسوية سياسية داخلية، وتجعل من الصعب التوصل إلى توافق على مرشح رئاسي من دون مراعاة هذه الأبعاد الإقليمية.
الرئاسة الأميركية: مفتاح بعيد للحل؟
بالإضافة إلى ذلك، ترى بعض الأوساط السياسية أن الحل النهائي للأزمة الرئاسية في لبنان مرتبط بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. وتعكس هذه الرؤية مدى تأثير السياسة الخارجية الأميركية على الأوضاع في لبنان، بخاصة في ظل التوترات المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران، وتأثير ذلك على حلفائها في المنطقة.
المعارضة اللبنانية: تكتيك شراء الوقت
في هذا السياق، تبرز استراتيجية المعارضة اللبنانية، التي تسعى لشراء الوقت وتجنب الخوض في لعبة الأسماء المرشحة للرئاسة، محاولين بذلك منع وصول سليمان فرنجية، المرشح المدعوم من حزب الله وحلفائه، إلى سدة الرئاسة. على الرغم من تشتت قوى المعارضة وخلافاتها الداخلية.
المعارضة، المترقبة لنتائج الانتخابات الأميركية، تراهن على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ترامب، المعروف بموقفه الصارم ضد إيران وحلفائها في المنطقة، يُعتبر بالنسبة للمعارضة خيارًا أكثر صلابة قد يوفر دعمًا دوليًا قويًا لموقفهم. وترى المعارضة أن سياسة ترامب المتشددة تجاه المحور الإيراني قد تعزز موقفهم وتحد من نفوذ حزب الله في لبنان، مما يتيح فرصًا أفضل لإيجاد مرشح توافقي بعيد عن تأثيرات حزب الله.