هل يسحب صليبا العناصر الأمنية من عون وباسيل وجعجع؟
تحاول قيادة جهاز أمن الدولة الخروج راهناً من مأزقين: هروب موقوف “الخمس نجوم” داني الرشيد من مقرّ حماية الشخصيات، وتنفيذ التعهّد الذي أطلقه مدير عام أمن الدولة اللواء صليبا بسحب كل العناصر الأمنية والسيّارات الموزّعة على مئات الشخصيات خلافاً للقانون.
يوم الاثنين الماضي طلب مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي نقل الموقوف داني الرشيد إلى مقرّ المحكمة العسكرية واستبقاه بانتظار الاستماع إلى إفادته، ثم نقله إلى سجن رومية كما كان مقرّراً قبل هروبه.
ستكون المرة الثالثة التي يدلي الرشيد بأقواله بعد إفادته أمام الأمن العام بعيد توقيفه في اليوم التالي لهروبه الأربعاء الفائت ومن ثم إفادته لاحقاً أمام محققي أمن الدولة. وعلم “أساس” أنّ الرشيد انتقل أمس مجدداً إلى مقر حماية الشخصيات وأعاد تمثيل عملية هروبه من المكتب الذي كان موقوفاً فيه والمزوّد بكل وسائل الراحة.
رواية الرشيد
يتمسّك الرشيد المتّهم بالتخطيط لعملية الاعتداء على المهندس عبد الله حنا، مدير أعمال ميريام سكاف، برواية لا يحيد عنها. وتفيد بفتحه الباب بواسطة ملعقة صغيرة تمكّن عبرها من “قَرص” فتحة الباب الذي كان غير مُحكَم الإغلاق (قفلة واحدة فقط).
أصرّ الرشيد في إفادته على التأكيد بأنّ “العسكر لم يلحظ هروبه، حيث انتظر انقطاع التيار الكهربائي لاجتياز الباحة الخارجية باتجاه النقطة التي تضمّ بيوتاً جاهزة المُقابِلة لغرف التوقيف. من هناك تمكّن من اجتياز الشبك الحديدي من خلف مخفر الحرس باتّجاه الطريق الفاصلة عن سجن الأمن العام باتّجاه العدلية، حيث أوقف سيارة تاكسي طالباً من السائق إيصاله إلى نقطة المصنع”. مؤكداً “إقفاله هاتفه الخليوي الذي كان يحمله طوال مدة التوقيف”.
معطيات مضادة
لكن حتى الآن تلعب عدة معطيات ضد الموقوف داني الرشيد خصوصاً كاميرات المراقبة وما تكشفه من أدلة قد تحسم فرضية منحه الحرية الكاملة داخل سجنه ما أتاح له الهروب بسهولة ومن دون الاضطرار لخلع الباب.
في هذا الإطار تفيد المعلومات بأن الرشيد كان استقبل في اليوم نفسه أفراد عائلته داخل مكان توقيفه بعدما كان أبلِغ بقرار نقله إلى سجن رومية يوم الخميس.
سَحِب المًرافقة
تؤكد معطيات “أساس” أنّ الرشيد، عند توقيفه المرة الأولى أبقى معه مرافقين من عناصر أمن الدولة الذي سبق لصليبا أن فرزهما لمواكبته. لكن عند التوقيف أمر صليبا بسحبهما، وبعد اتصال من زوجة الرشيد التي أوحت بأنّه قد يكون معرّض لمحاولة قتل. أعاد عناصر الحماية ورافقاه عند انتقاله من سجن عاليه إلى مقرّ حماية الشخصيات.
لكن حالياً، صدر قرار سحبهم من اللواء صليبا بشكل نهائي من ضمن ترتيبات قيادة أمن الدولة بسحب كافة العناصر الأمنية المفروزة لصالح شخصيات خلافاً للقانون.
لقاء المصالحة
المفارقة أنّ هروب الرشيد من مقرّ توقيفه سبقه بيومين لقاء هو الأول من نوعه بين اللواء صليبا ورئيس الكتلة الشعبية ميريام سكاف في منزل النائب جبران باسيل بحضور نائب زحلة سليم عون.
الجلسة “مشروع” مصالحة كان يعمل عليها منذ توقيف “شعبة المعلومات” للعصابة المتورّطة بالاعتداء على المهندس حنا، ومن ضمنها الرشيد، إلى أن حصل الاجتماع في منزل باسيل حيث حصل عتاب متبادل بين صليبا وسكاف حيث صارح الأول “ضيفة” باسيل بعدم دعمها لجهاز أمني مسيحي، وكاثوليكي تحديداً، ووقوفها خلف الهجوم عليه من قبل إحدى المحطات التلفزيونية.
في المقابل، عابَت سكاف على صليبا حمايته لرجل مافيوزي متحدّثة عن دور الرشيد إلى جانب الوزير السابق سليم جريصاتي في محاربتها بإبنها جوزف سكاف عبر تحريضه على والدته على خلفية الحقوق المالية المتعلّقة بميراث الياس سكاف.
“أتباع” الرشيد
يشير متابعون في هذا السياق إلى علامات استفهام حقيقية تحيط بدائرة “أتباع” الرشيد وحمايتهم له أو غض النظر عنه والتي تتجاوز مدير عام جهاز أمن الدولة إلى الوزير جريصاتي الغائب عن السياسة. لكنه أطلّ بتغريدة وحيدة دافع فيها عن “قادة أجهزتنا الأمنية على غرار ما يحصل مع مدير عام أمن الدولة لمجرد فرار موقوف”. مُهاجماً “تصفية الحسابات الشخصية والحملات المسعورة على هذا الجهاز”.
ميقاتي وباسيل
أما لجهة رئاسة الحكومة التي تتبع لها مديرية أمن الدولة، فإن الرئيس نجيب ميقاتي يحرص في مجالسه الخاصة على التأكيد بأنّ صليبا يجب أن يستقيل أو يُقال. لكن فعلياً لم يتمّ اتّخاذ أي تدبير من جانب رئاسة الحكومة.
كما أنّ النائب باسيل نفسه، وفق المتابعين، يتحمّل مسؤولية عدم الضغط على صليبا لتغيير نمط إدارته لعدد من الملفات باعتماد سياسات خاصة على حساب الحصاد الأمني…
عناصر حماية الشخصيات
لكن هنا يفتح الباب على ملف أكثر حساسية. فبعد الكتاب الموجّهة من رئاسة الحكومة إلى وزارة الداخلية ومديرية أمن الدولة لسحب الآليات والعناصر المولجة حماية بعض المراجع والشخصيات خلافاً للقانون. سرّبت مديرية أمن الدولة خبراً عن توجّه اللواء صليبا لتنفيذ القرار بدءًا من يوم أمس.
هنا تؤكد مصادر مطلعة بأنّ الملف يعبق بفضائح من العيار الثقيل لجهة عدد العناصر والآليات الموضوعة بتصرّف بعض الشخصيات الأمنية والسياسية والقضائية ورجال أعمال وقضاة وإعلاميين…
لكن المعلومات تفيد بأنّ أول من دقّ صليبا بابه، ولتأكيد جدّية الأخير في معالجة الملف، هو رئيس الجمهورية السابق ميشال عون والنائب باسيل والوزير جريصاتي ورئيس التفتيش المركزي جورج عطية… طالباً بأن يمرّ الموضوع بمجلس الأمن المركزي ليتّخذ الصفة القانونية.
حالياً، يردّد اللواء صليبا في مجالسه بأنّه سيحاول إنهاء هذا الملف آخذاً بالاعتبار بعض الحاجات الأمنية لبعض الشخصيات، من باسيل إلى سمير جعجع وأمين الجميل ورؤساء أحزاب وقضاة وسياسيين وأمنيين، كما طلب سحب أوامر المهمة. مؤكداً أنّه نزع يده بالكامل من ملف داني الرشيد… والكلمة الأخيرة للقضاء.
ملاك عقيل – اساس ميديا