لم يكن يتوقع اللبنانيون والمودعون على وجه الخصوص أن يأتي أي حلٍ مالي يُنصفهم من المجلس النيابي أو من أي جهة أخرى معنية بعملية تأمين الإنتظام المالي كالمصارف أو البنك المركزي، في ظل الخلاف المستجد بين المصارف والمركزي ووزارة المالية. ويقرأ المحلل والخبير الأقتصادي ميشال قزح، في السجالات الحاصلة “بروبغندا” تتمّ بالتنسيق بين المصارف و السياسيين، فالمصارف تريد أصول الدولة، والدولة تريد أن تحمّل المصارف الخسائر المالية، وذلك لكي يصوروا أنهم يعملون لمصلحة المودع، لكن فعلياً لا يقومون بشيء، لأنهم يريدون إبقاء الوضع على حاله. ويكشف المحلل قزح أنه ” ليس هناك أي ودائع، والواقع أنه لدينا 90 مليار مسجّلين على الدفتر، ويوجد منهم 9 مليار”.
وعن السجال بين جمعية المصارف والمالية والمركزي حول الخسائر، يقول قزح إن “أرباح الهندسات المالية، لم تبلغ 70 بل 80 مليار، ربحتها المصارف، التي كانت تجلب أموالاً من المغتربين، لتعطيهم لمصرف لبنان بفائدة 20 % ، ثم يقوم مصرف لبنان بإقراض المصارف نفسها هذه الأموال بفائدة 2%، وبالتالي، فإن الأرقام وهمية بين مصرف لبنان والمصارف”.
أين اختفت أموال اللبنانيين؟
يجيب المحلل قزح بأنه “لا شك أن قسماً كبيراً منها سُرق بطريقة الهندسات، وقسماً صُرف في تثبيت سعر الصرف، وقسماً خُصّص لدعم المواد الغذائية والمحروقات، وقسماً تمّ حرقه في كهرباء لبنان، مع العلم أن القسم المحروق على كهرباء لبنان، ليس من أموال المودعين، بل من أموال اليورو بوندز، وقيمتها 30 مليار دولار”.
وفي تفاصيل “هدر ودائع اللبنانيين”، كما يصفها قزح، فإن “نحو 20 إلى30 مليار، هُدروا في الدعم وتثبيت سعر الدولار، و40 إلى 50 مليار مسروقين بين هندسات و سرقة”، حيث يوضح أنه “إذا لاحظنا فقط ربح الهندسات المالية، فهو 20 مليار دولار، وإذا أعدنا فقط ربح الهندسات الذي يبلغ 20 مليار، فإن المصارف أو الدولة، ستصبح قادرة على الدفع ل 75% من المودعين أموالهم، على أن يبقى 25% بحاجة إلى الحلول المناسبة، بمعنى أن أموال 75% من المودعين، موجودة مع أشخاصٍ، لا يتجاوز عددهم 20 شخصاً، وهم أصحاب مصارف، ورؤساء حكومة، ووزراء و نواب ونافذين”.
أمّا المشكلة الحقيقية وفق قزح، فهي أن “الذين أخذوا الودائع، هم نفسهم المشرعون، لأنهم لن يحاسبوا أنفسهم، عبر إقرار القوانين الخاصة بالودائع والإنتظام المالي، لذا من الضروري الإلتفات إلى شروط صندوق النقد الدولي والأجندة الأميركية الخاصة بلبنان، مع العلم أنه ما من حلول بالمستوى الزمني القريب أوالمتوسط”.
التعميم 151
وفي سياقٍ متصل، وعن مصير التعميم 151 الذي ينتهي العمل به خلال أسبوعين، يقول المحلل قزح، إن هذا التعميم يحدد سقفاً للسحوبات ب 1600 دولار و24 مليون ليرة في اليوم، وإذا مُدد العمل به، لن يتغير الواقع كثيراً، ولكن إذا تمّ إلغاء ال 151، وتوحيد سعر صرف الدولار سعر الصرف الرسمي، سيصل سعر الدولار 150 ألف ليرة فوراً، لأن كمية الليرات التي ستنزل للسوق، ستكون مُرعبة، لأن الكل سيسحب من المصارف الليرة وفق دولار 89 ألفاً و تذهب لشراء الدولار من السوق السوداء، وبالتالي، سيحلّق سعر صرف الدولار ولن يتمكن المركزي من التدخل”.
ويضيف قزح بأن “ما من حاجة إلى تمديد العمل بالتعميم 151، إذ يكفي فقط أن تعلن جمعية المصارف عن وضع سقفٍ للسحوبات ب 2000 دولار على ال15000، أو قد يصدر تعميم جديد يحدد سقف السحوبات هو 2000 على سعر الصرف الرسمي من دون 151، حيث يمكن أن يحدد سقف السحب من الحساب الشخصي ب 200 دولار على سعر صرف صيرفة وإن كانت غير موجودة، وعليه، يجب إلغاء سعر الصرف الرسمي وتحديد سقفٍ للسحوبات، وقد كان من الممكن أن يقوم بذلك رياض سلامة، لكنه لم يفعل ذلك، والآن لن يحصل أيضاً”.
وعن الحلول للودائع، يرى قزح، أن “الحل يكون بتعميم هيركات على المستفيدين من الفوائد ومن الهندسات المالية ومن التحويلات من ليرة إلى دولار، وبعد استرداد كل أموال الهندسات، سيبقى بحدود الـ 40 مليار دولار، وهي ودائع حقيقية، وعندها يتمّ استرداد الودائع من الأموال المسروقة و التي هرّبت وهُدرت، على أن توضع في صندوق وتُدفع منه ودائع اللبنانيين بشكلٍ تدريجي”.
وفي الخلاصة، فإن أموال الناس “الحقيقية”، فهي لا تتعدى الخمسين مليار كما يكشف قزح الذي يؤكد أن الباقي “وهم”، وكل ما يحصل هو مجرد “سينما”.
“ليبانون ديبايت”