استهداف قادة ميدانيين لـ”حزب الله” في الجنوب… هل انتهت التداعيات؟
بقيت قضيّة الاستهداف الإسرائيلي لفرقة نخبة من “حزب الله” في بيت ياحون، تثير العديد من التحليلات على الرغم من انطلاق الهدنة في غزة والتزام “حزب الله”.
الضربة التي تُعدّ الأشدّ إيلاماً لـ”حزب الله” منذ بدء الحرب والتي أودت بـ6 مقاتلين من النخبة أو من القادة الميدانيين كما يرغب المقربون من “حزب الله” في تسميتهم، لم تمرّ بسلاسة، وهي استدعت رداً عنيفاً من الحزب يوم الخميس تمثّل بعمليات على 23 موقعاً واستعمال أسلحة دقيقة، هذا كله وسط مخاوف من توسيع الحرب في لبنان وتحويلها الى حرب شاملة بعد هذا الاستهداف.
ولكن هذا الأمر ينفيه مقرّبون من الحزب يشيرون الى أن “الشباب هم جزء من المعركة وليسوا متخفين أو مموّهين وضُربوا، فهم قادة ميدانيون يقودون العلمليات في الميدان وهم ليسوا قادة كباراً، كما حاولوا تصويرهم”.
ويضيفون: “الموضوع ليس اغتيالاً، والحادث هو ضمن قواعد الاشتباك، وعندما كشفت الأجهزة الإسرائيلية هذه الخليّة استُهدفت، وهذا طبيعي في المعركة، وردّوا الضجة الكبيرة التي رافقت العملية الى أنهم من القادة الميدانيين أولاً وأن بينهم نجل شخصية نيابية مرموقة ومعروفة هو النائب محمد رعد، وهو ما دفع المقاومة الى رد أقوى وأعمق من خلال ضرب 23 موقعاً بالإضافة الى ضرب صواريخ دقيقة على صفد وهو تطوّر مهم في المعركة.
وهؤلاء أيضاً يستبعدون بقوة نظرية الخيانات أو الوشايات وبرأيهم ما حدث كشف عسكري وليس رصداً أمنياً، فالقادة كانوا في الميدان وينفذون عمليات، والرصد العسكري هو جزء من المعركة ويبدو أن هناك خللاً في مكان ما أدّى الى كشفهم.
أما الخبير العسكري والاستراتيجي العميد ناجي ملاعب فيرى أنه لا مجال للمقارنة بين تقنيات يمتلكها الجيش الإسرائيلي وتلك التي تمتلكها المقاومة، خصوصاً بعد تزويد الولايات المتحدة الأميركية لتل أبيب عبر الجسر الجوي المفتوح بين البلدين، بمنظومات تتعلق بالأقمار الاصطناعية والذي حوّل الجيش الإسرائيلي جزءاً كبيراً منها نحو حدوده الشمالية وهو يستفيد منها كثيراً.
وإضافة الى هذه المنظومات فإن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية لا تغادر سماء المناطق الحدودية وهي ترصد الشاردة والواردة حتى في زمن السلم، ما يدل على أن إسرائيل تمتلك حقيبة ظهر كبيرة من المعلومات، بالاضافة الى ما كان يُكشف تباعاً من وسائل تجسّس وتنصّت زرعتها إسرائيل في الحقول.
ويقول لـ”النهار”: “إن كانت المقاومة وضعت نصب أعينها أجهزة الترصّد والتجسّس على الحدود وفي الداخل الإسرائيلي فما زالت الطائرات تمتلك المعلومات الدقيقة وما زالت الصور التي تزوّدها بها الأقمار الاصطناعية تُستثمر بشكل كبير”.
أما من حيث التوقيت، فبرأيه عندما يصبح الهدف واضحاً وجاهزاً للرمي فإسرائيل لن توفره حتى لو كان هناك تبريد للجبهة، كما أن من الممكن أن هذه المجموعة تحرّكت بطريقة مكشوفة أكثر نتيجة الاطمئنان من خفض التوتر عشية توقيع اتفاق الهدنة، ولكن هذا العدو يهوى الغدر، وهو معروف بخرق الهدنات ولا يؤتمن له.
وبحسب ملاعب فإن الرد على هذه العملية لن يكون بقرار منفرد بتوسيع الجبهة، فباعتقاده إن “حزب الله” سيبقى جبهة مساندة لحرب غزة كما حدّدت له طهران، أما إذا تطوّر الميدان كثيراً فسيكون الرد كبيراً، حتى نتنياهو عندما سئل عن الجبهة الشمالية أجاب سنرى “حزب الله” ماذا يريد أن يفعل وبالتالي أيضاً ترك الأمر للميدان.
ويلفت الى زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان لبيروت فقط التي تزامنت مع زيارة مستشار الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين لتل أبيب، مشيراً الى أن هذه الزيارات تعني الجبهة الشمالية بالتحديد، ويمكن أن يكون هناك اتفاق من تحت الطاولة لتبريد الجبهة، والرد الذي قام به “حزب الله” بقصف أكثر من خمسين صاروخاً في يوم واحد هو ردّ على هذه العملية بالذات، وبهذا يكون انتهى الفعل ورد الفعل.
ويقول: “لا أرى أن إيران ستتورّط أكثر بوجود هذه الأساطيل الأميركية الكبيرة سواء في البحر المتوسط أو في البحر الأحمر، وكانت الرسائل مشدّدة باتجاهها من وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن وعبر وزير خارجية العراق الذي زار طهران وحمل رسالة أميركية بأن الرد سيكون قاسياً إذا تطوّرت الأمور.
وفي رأي ملاعب، أن “الوضع بين المحور وأميركا لا يزال في مرحلة الرسائل المتقابلة وتبقى العين على الوضع الميداني في غزة، فإذا تم تخفيف العملية العسكرية في غزة نتيجة التراجع أو تتابع الهدنات فهناك مخاوف من تصعيد إسرائيلي على الجبهة الشمالية، وهنا نكون دخلنا في حسابات أخرى”.