مشاهد طوفانية بانتظار لبنان… هل يفعلها أيلول؟
بات شرق المتوسط من أكثر المناطق التي تشهد ظواهر مناخية متطرّفة، وغير اعتيادية، في الآونة الأخيرة. فهل اقترب دور لبنان؟
ظواهر عنيفة
صحيح أن بلدنا شهد موجات قاسية من المتساقطات خلال العام الفائت، ومنطقة شرق المتوسط أيضاً، ولكنّها بقيَت مضبوطة نسبياً بالمقارنة مع ما كان يحصل في أوروبا الغربية والوسطى، وأوروبا المتوسّطية الغربية، والقارة الأميركية، والكثير من المناطق الآسيوية.
وأما حالياً، فقد باتت تُمطر في اليونان خلال 24 ساعة فقط، بمعدّل عام كامل من المتساقطات. وهذا يعني أن هناك شيئاً جديداً لا بدّ لنا من أن نحضّر أنفسنا له في لبنان، ومن أن نتأقلم معه.
فماذا ينتظرنا على مستوى الظواهر المناخية العنيفة خلال فصل الشتاء القادم؟
إهمال
أفاد المتخصّص في الأحوال الجوية وعلم المناخ في بوسطن، الأب إيلي خنيصر، بأن “لبنان بدأ يشهد نوعيّة متساقطات قوية منذ خريف عام 2022، ضمن مناطق عدّة مثل الذوق وكفرحباب وساحل علما وغيرها. ومن الطبيعي أن تتكرّر تلك المشاهد خلال فصل الشتاء القادم”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “مشكلة لبنان هي في أن الناس ينسون تلك الوقائع بسهولة، فيما لا أحد يركّز على الظواهر المناخية من مُنطلقات علمية، الى جانب تقصير البلديات التي تتلهّى بكل شيء، وتُهمل العمل على فتح السواقي والمجاري ورفع النفايات، وغيرها من الخطوات التحضيرية المهمّة لموسم الأمطار”.
منتصف أيلول
وأوضح الأب خنيصر أن “المعدل العام للحرارة في شهر أيلول مثلاً، بات أكثر من أرقامه الطبيعية بنحو 4 درجات في لبنان. فعلى سبيل المثال، من المُفترض أن تكون الحرارة (خلال أيلول) بمعدّل 29 درجة تقريباً على الساحل، وهي باتت ترتفع الى نسبة تصل الى 34 درجة. وفي البقاع، من المُفتَرَض أن تكون بمعدّل 31 درجة تقريباً خلال أيلول، فيما باتت تبلغ 36 درجة تقريباً. وهذا ليس أمراً يستحقّ الإهمال”.
وكشف أن “حركة المنخفضات الجوية تقول إننا سنتأثر بحالة من الاضطراب الجوّي في منتصف الشهر الجاري تقريباً، وتحديداً بين 12 و14 أيلول. وهو منخفض جوّي سيتمركز فوق تركيا، ومن الممكن أن يضرب لبنان”.
“كوما” مناخية
وردّاً على سؤال حول مدى إمكانية أن يتسبّب المنخفض الجوّي المُرتقب الأسبوع القادم، بمشاهد طوفانية وكارثية كتلك التي شهدتها اليونان مؤخّراً، أجاب الأب خنيصر: “هذا يرتبط بقوّة الرطوبة والمتساقطات المُمكنة، والتي لا تزال التوقّعات حولها غير دقيقة وواضحة الآن. ولكن ما يظهر هو أن المنخفض الجوّي آتٍ الى لبنان”.
وأضاف: “من الممكن أن تنزل المتساقطات في البحر. وهي قد تدخل الى المناطق الساحلية والجبال الغربية. ولكن ماذا نفعل إذا غرقت الطُّرُق والمناطق؟ هذا يعتمد على اللبنانيين، من مسؤولين وغير مسؤولين، الذين هم عملياً في حالة “كوما” مناخية، إذ لا يهتمّون بكل تلك المعطيات مهما كثُرَت التحذيرات والمعلومات”.
وختم: “الثّلج تساقط على ارتفاع 1500 متر في أوروبا خلال الصيف الحالي، وهذا ليس عادياً. كما أن البَرَد ضرب مناطق عدّة بقسوة، ومنها السعودية والكويت خلال الصيف الحالي، وهذا ليس عادياً أيضاً. فمنذ عامَين، بات نشاط القطب الشمالي يصل الى ليبيا والجزائر ومصر والسودان، أي الى مناطق صحراوية. وإذا كانت تلك المناطق تبرد الى تلك الدرجة، فلن يكون غريباً أن يشهد لبنان مواسم شتاء قاسية جدّاً. وبالتالي، لا مهرب من تحضير الذات، بموازاة قيام البلديات والسلطات الرسمية بدورها في أعمال التنظيف، بما يمنع حصول الكثير من الكوارث”.