بعد الحرّ القاتل… هذا ما ينتظرُنا في الشتاء
يشهد العالم تغيُّرات مناخية غير مسبوقة، بحيث سجّلت الحرارة أرقاماً قياسية نظراً لارتفاع حدّة الإحترار العالمي. وتجتاح موجة حرّ شديد أجزاء كبيرة من النصف الشمالي للكرة الأرضيّة. وسجّل شهر حزيران أعلى درجات حرارة، وتستمر هذا الشهر، بحيث رجّح عالم مناخ في وكالة “ناسا” الأميركية أن يكون شهر تموز الأكثر سخونةً في العالم منذ مئات السنوات.
وسجّلت منطقة البحر المتوسط درجات حرارة أعلى من المُعتاد بـ5 درجات مئوية، لتتراوح الحرارة بين 35 و40 درجة مئوية في الكثير من المناطق، كما ستصل إلى 45 درجة في الشرق الأوسط وجنوب شرق تركيا. وفي المقابل، تجتاح فيضانات كبرى شرق كندا.
ببساطة، إن الأرض “تغلي” و”تذوب” نتيجة التغيُّر المناخي من ناحية وتفيض من ناحية أخرى، فماذا عن توقعات تأثير تغيُّر المناخ على فصل الشتاء المُقبل؟
يُشير الخبير في علم المناخ جورج متري الى أنه “لا يُمكننا التوقّع بدقّة، قبل بضعة أشهر، كيف سيكون الموسم الرطب في فصل الشتاء، لكن يُمكننا القول إننا نتجه سنة بعد سنة الى عدد أيام فيها تطرّف أكثر في الطقس. أي أنّه في الشتاء نشهد أياماً يكون فيها هطول أمطار بكمية كبيرة لكن محصورة بساعات قليلة، مما يُشكّل خطراً من ناحية الفيضانات وانزلاق التربة وغيرها”.
ويُضيف متري، “أنّ وتيرة هذه الأيام التي نجد فيها تطرّفاً في الطقس تزيد، وأوضحت دراسات عدّة أننا نتجه الى تأخُّر الموسم الرطب وموسم هطول الأمطار الذي يستمرّ حتى فصل الربيع، كما سنشهد أياماً “ناشفة” في الشتاء، وأياماً قليلة تهطل فيها كمية أمطار بشكل عادي وسيزداد عدد الأيام التي نواجه فيها الظواهر الطقسيّة”.
ويُتابع، “نرى جفافاً أكثر في جبال لبنان المُرتفعة التي كانت تُغطيها الثلوج لفترات طويلة، بحيث أن وتيرة الغطاء الثلجي أو عدد الأيام التي سيكون فيها غطاء ثلجي ستشهد خطاً انحدارياً وعدد الأيام سيقلّ. ولكن ليس بالضرورة أن نرى هذه الأمور في كلّ سنة، ولكن بمعدل السنوات، نشهد تراجع عدد الأيام التي يكون فيها غطاء ثلجي وجفاف أكثر وعدد أيام أكثر يكون فيها هطول أمطار كثيفة بينما بقية الأيام في فصل الشتاء ستكون “ناشفة”. كما سنشهد مرات ارتفاعاً في درجات الحرارة في فصل الشتاء، مما يدفع بعض الأشجار الى أن “تُزهر” قبل وقتها ثم تأتي عواصف مُتأخّرة في الربيع وتقضي على هذه الزهور. إن الأشجار المُزهرة تُساهم في تدهور القطاع الزراعي والحرجي”.
كما يلفت الى أن هذه التغيُّرات في الغطاء الثلجي وفي الأمطار تُساهم في تفشي الأمراض والحشرات في غابات لبنان، وهذا ما نشهده بوضوح سنوياً.
ولدى سؤاله عمّا إذا كنّا سنشهد أمطاراً بعد موجة الحرّ الشديد حالياً، فيقول ممكن أن نشهد أمطاراً محصورة جداً مع بداية شهر آب.
ويختم متري مُشدّداً على ضرورة التأقلم مع التغيُّرات المناخية للحدّ من الخسائر التي قد تنتج عن الكوارث الطبيعيّة.