بالأرقام.. أسعار “جنونية” للسيارات مع ارتفاع الدولار الجمركي
يناقش مجلس الوزراء ملف الدولار الجمركي بشكل جدّي لرفعه في وقتٍ لا يبدو بعيداً، خصوصاً وأنّ البحث التفصيلي قد بدأ، والإستثناءات وُضعت، وقيمة هذا الدولار باتت تتّضح شيئاً فشيئاً. وتهدف الحكومة من خلال هذا الإجراء إلى زيادة قيمة واردات الموازنة، وذلك لتخفيض نِسب العجز تلبيةً لمتطلّبات صندوق النقد الدولي.
لكن زيادة قيمة الدولار الجمركي على البضائع المستوردة قد لا تعني بالضرورة زيادة واردات الدولة. فهذه المعادلة قد لا تكون واقعية، لأنّ اللبنانيين لا قدرة لهم على تحمّل نفقات وضرائب جديدة، وبالتالي هم سيضطرون للاستغناء عن العديد من المنتجات التي سترتفع بأسعارها، ما يعني أن الاستيراد سيتراجع، وقيمة الواردات لن تكون مرتفعة.
أبرز مثال على ذلك هو قطاع السيارات، الذي سيتأثّر بشكل كبير بزيادة الدولار الجمركي، إذ ستصبح أسعار السيارات خيالية وخارج قدرة معظم المواطنين الشرائية، ما يعني أنّ استيراد السيارات سيتراجع، ومعها استيراد قطع الغيار، الأمر الذي سيؤدّي إلى ضرب القطاع برمّته.
وفي هذا السياق، كان الأمر ليكون مقبولاً لو أنّ للبنان قطاع نقل يربط مختلف المناطق اللبنانية ببعضها، ويؤمّن للّبنانيين القدرة على الوصول إلى مراكز عملهم ومنازلهم. إلّا أنّه لا وجود لقطاع نقلٍ منظّم في لبنان، ولا بديل عن السيارات في الكثير من الحالات. وظهر هذا الواقع بشكلٍ جليٍ بعدما ارتفعت أسعار البنزين بشكل كبير واستمرار استخدام المواطنين لسياراتهم.
رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان، إيلي قزّي، كشف أن “قيمة جمرك السيارات سترتفع في حال تقرّر زيادة الدولار الجمركي، وسيكون الحد الأدنى لجمارك السيارات الصغيرة 70 أو 80 مليون ليرة، فيما ستصل هذه المبالغ إلى أكثر من مليار و200 مليون ليرة بالنسبة للسيارات التي تصل أسعارها الحقيقية إلى 100 ألف دولار، وبالتالي أسعار السيارات الجديدة ستتأثّر بشكل كبير وتصبح جنونية، ولن تكون للمواطنين القدرة على تأمينها، كما أن أسعار السيارات القديمة سترتفع أيضاً”.
وفي حديثٍ لجريدة”الأنباء” الإلكترونية، حذّر قزّي من أنّ “قراراً كهذا قد يشكّل الضربة القاضية لقطاع السيارات الذي يتقهقر أساساً. فعدد المعارض انخفض في الآونة الأخيرة وبشكلٍ كبير، ووصل إلى 600 معرض بعدما كان 2,200 معرضاً قبل عام 2019. أمّا وفي حال الشروع برفع الدولار الجمركي فإنّ معظم المعارض ستقفل أبوابها”.
وفي هذا الإطار، لفت قزّي إلى أنّ “الأمر لن يتوقّف على أصحاب المعارض فحسب، بل أنّ المتضرّرين كثر، والقطاع برمّته سيواجه أزمةً، من مرائب تصليح السيارات مروراً بشركات شحن السيارات ومستوردي قطع الغيار، وصولاً إلى أصحاب شاحنات نقل السيارات المعطّلة”، لأنّ المواطنين لن يكونوا بعد ذلك قادرين على تصليح سياراتهم واستخدامها، أو شراء سيارات جديدة.
وأضاف قزّي: “إنّه قرار غير مدروس، فالمواطنون أيضاً سيتأثرون وبشكلٍ كبير في ظل غياب قطاع نقلٍ بري منظّم، وحاجتهم الضرورية لاقتناء سيارة للتوجّه إلى أماكن عملهم، وكان من الأجدى لقاء النقابات ومتابعة هذا الملف معها”.
وأشار قزّي إلى نقطة مهمة، “ففي ظل الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون، والأوضاع المعيشية الصعبة، فإنّ المواطنين لن يكونوا قادرين على شراء سيارات جديدة، ما يعني أن الاستيراد سيتراجع، وبالتالي إيرادات الدولة ستتراجع أيضاً. فبماذا تكون استفادت الحكومة من رفع الدولار الجمركي؟” علماً أن استيراد السيارات يردّ للدولة اليوم 600 مليون دولار، حسب قزّي.
وختم قزّي حديثه محذّراً من أنّ، “القطاع لن يقف مكتوف الأيدي وسيتحرّك، والتحرّك الأول سيكون بمثابة إنذار، فيما التحرّك الثاني الكبير سيكون عبارة عن ركن سيارات المعارض في منتصف الطرقات، وشلّ حركة البلد نهائياً