مرضى غسيل الكُلى: دفع فروقات بانتظار ترجمة الاتفاق
إلى الآن، لم تحسم أيّ من الجهات المعنية، آلية دفع مستحقات المستشفيات وبدلات أتعاب أطباء غسيل الكلى وفق الاتفاق الجديد الذي يقضي بالدفع شهرياً، على أساس مؤشّر متحرّك لمرضى غسيل الكلى. فعلى الرغم من تقديم المستشفيات والأطباء للفواتير إلى الجهات والصناديق الضامنة، إلا أن لا شيء يضمن ما الذي قد يحصل أواخر الشهر الحالي، كما أنّ أحداً لا يملك الإجابة عما إذا كان سيصار إلى الدفع أم لا، خصوصاً في ظل الضياع لدى الجهات المعنية، من وزارة الصحة إلى وزارة المال وغيرهما، في ما يخصّ آلية الدفع التي لم تتبلور حتى اللحظة.
المشكلة في التطبيق
وإذا كان الأطباء والمستشفيات ينتظرون «آخر الشهر» لتقييم مصير الاتفاق، إلا أن ثمة شكوكاً تتعلق بـ«تقريش» هذا الاتفاق، ذلك أنّ كلّ ما يتعلّق بصرف الأموال يصبّ في مصرف لبنان من جهة، وفي التأخير الذي قد يحصل لإنهاء المعاملة، من جهة أخرى. والدليل على ذلك أن المستشفيات والأطباء يتقاضون اليوم مستحقات عائدة عن عام 2021، وعن ثلاثة أشهر من عام 2022، فيما لم تستكمل بعد ملفات الأشهر الأولى من العام الحالي. أضف إلى ذلك أن هذه المستحقات لا تُصرف بطريقة منتظمة، بحسب رئيس جمعية أطباء غسيل الكلى، الدكتور روبير نجم. وهو ما يعيد التأكيد عليه نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، سليمان هارون، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية «ليست في الاتفاق الذي ينال موافقة مبدئية من الكلّ، وإنما في التطبيق». وهذا ينسحب بالتالي على الشرطَيْن الأساسيين اللذين وضعتهما نقابة المستشفيات، كما الأطباء، والمتعلقين بضمان «الالتزام بالصرف كلّ شهر على أساس مؤشر متحرّك بالدولار يُحتسب وفق سعر صرف الدولار في السوق الموازية في اليوم الذي تُعطى فيه المستحقات». أما ما يزيد الطين بلّة، فهو استعادة الحديث اليوم عن نقاشات داخل وزارة الصحة العامة محورها رفع الدعم عن مستلزمات غسيل الكلى، بعضها أو كلّها، أو التخفيف منه، وهو ما لم يُبتّ حتى اللحظة، بحسب بعض الأطباء.
فوضى وتقليص جلسات
وفي ظلّ عدم وضوح الآلية، كما الشكوك حول إمكانية الصرف، ينحو الوضع على الأرض نحو الفوضى، إذ تلجأ بعض المستشفيات وعدد من الأطباء إلى تقاضي فروقات من المرضى من جهة، والطلب من بعضهم تأمين إبر الدم أو أنواع من العلاجات على حسابهم الخاص. وقد أدى هذا الواقع إلى اتخاذ بعض المرضى خيار تقليص الجلسات، مع ما يعنيه ذلك من خطرٍ على صحتهم، إلا أنه يبقى أهون الشرّين في ظل عدم امتلاكهم الحدّ الأدنى من كلفة علاجهم. وهو ما أشار إليه أصلاً هارون، لافتاً إلى أن «معظم مرضى الكلى وضعهم خاص، إذ يعانون من صعوبات مادية ولا يعملون، وهو ما يجعل تحميلهم كلفة العلاج أمراً صعباً وفيه مجازفة». ولكن في المقابل، لا بديل آخر، يقول نجم، مبرّراً للأطباء الذين يتقاضون اليوم فروقات من المرضى، كل حسب قدرته، بالقول إن «ذلك من حق هؤلاء، خصوصاً أنهم يعملون مجاناً منذ فترة، في ظلّ تأخر دفع مستحقاتهم من قبل الدولة».
إلى ذلك، لم تستقرّ «سوق» مستلزمات غسيل الكلى، فعدا الانقطاع في بعض المعدات الأساسية مع انسحاب بعض الشركات العالمية منه وتأخر المعاملات في مصرف لبنان، إلا أن ثمة سبباً آخر يزيد من الأزمة، وهو استغلال شركات أخرى الواقع، والعمل على «تقسيط» المستلزمات إلى المستشفيات والأطباء وتخزينها أو بيعها خارج آلية الدعم «من خلال تسليم المستشفيات والأطباء المعدّات التي قد تكون مضطرة لها من دون فوترة على أساس سعر صرف الدولار في السوق الموازية»، على ما يقول أحد الأطباء، المسؤول في أحد المستشفيات عن التواصل مع الشركات لتأمين المستلزمات.
المصدر: الأخبار