الامتحانات صعبة رغم التخفيض: تعويل الطلاب على تسهيل الأسئلة
تعول وزارة التربية على عودة الأساتذة والطلاب يوم الثلاثاء المقبل إلى الثانويات لإنهاء الأسابيع الخمسة المتبقية من العام الدراسي قبل توجه الطلاب إلى الامتحانات الرسمية. فمنذ فكت رابطة أساتذة الثانوي إضرابها في بداية شهر آذار لم تنتظم الدروس في الغالبية العظمى من الثانويات. فباستثناء بعض الثانويات في جبل لبنان، لم تنتظم الدروس في كل لبنان، سواء بسبب امتناع الأساتذة عن التعليم أو بسبب عدم حضور الطلاب. وهذا دفع الوزارة إلى الإيعاز للجان تخفيض المناهج بمراعاة تعلم الطلاب فقط 13 أسبوعاً طوال العام الدراسي، من أصل 25 أسبوعاً تقرر سابقاً.
لا عدالة في القطاع الرسمي نفسه
الامتحانات تقوم على لا عادلة في التعلم بين القطاعين العام والخاص. هذا أمر محسوم، تقول مصادر مطلعة في وزارة التربية. لكن عدم نجاح الوزارة في انتظام التعليم في كل الثانويات الأسبوع المقبل سيكون بمثابة لا عدالة في تعليم طلاب القطاع الرسمي نفسه. فالتعويل هو على نجاح خطة فتح 22 ثانوية لم يتعلم فيها الطلاب أي حصة منذ بداية العام الدراسي وهي تضم نحو 600 طالب في صفوف الشهادة. وقد وضعت خطة باستبدال الأساتذة الممتنعين بآخرين من خلال التعاقد الداخلي، سيكشف يوم الثلاثاء المقبل مدى نجاحها، وفق ما أكدت المصادر.
لكن تقليص المناهج لم يراع، في بعض المواد، عدم تعلم غالبية الطلاب 13 أسبوعاً، كحد أقصى حتى منتصف حزيران، في حال نجحت الضغوط بعودة كل الأساتذة إلى التعليم الثلاثاء المقبل. وعلى سبيل المثال مادة الكيمياء في فرعي العلوم العامة وعلوم الحياة تحتاج إلى ما لا يقل عن 18 أسبوعاً لإنهاء ما تقرر من دروس بعد التخفيض، كما يؤكد أكثر من أستاذ للمادة. كما أن المواد الأساسية المطلوبة للامتحان، في كل اختصاص، تحتاج إلى أكثر من 13 أسبوعاً، بينما هناك مواد تحتاج إلى أقل من عشرة أسابيع. وبمعزل عن أنه سيكون متعذراً على نحو 600 طالب تعلم، ما فاتهم من دروس، وعدم تمكنهم من إنهاء ما تقرر من منهاج، حتى الطلاب الذين سينهون 13 أسبوعاً تعليمياً سيكون من الصعب عليهم إجراء الامتحانات، إلا إذا أقدمت لجان وضع أسئلة الامتحانات على وضع أسئلة مبسطة. وهذا ما هو متوقع لرفع نسبة النجاح كي تطال طلاب المدارس الرسمية.
مادة التاريخ في الصدارة
بشكل عام وضعت المناهج بعد التقليص بشكل لم يراع عدم سير الدروس في غالبية الثانويات. وبالتالي أتت المواد الاختيارية، التي يستطيع الطالب اختيارها ليمتحن بها، للتعويض عليهم ما فاتهم ويفوتهم من دروس في مواد معينة. ففي فرعي العلوم العامة وعلوم الحياة يختار الطالب مادة من أصل أربعة أساسية، وفي فرعي الاقتصاد والاجتماع والانسانيات يختار الطالب مادة من أصل ستة مواد. كما أن طريقة التقليص أتت لتعفي الطالب من درس المحاور المقررة في بعض المواد. ففي مواد الفلسفة الأساسية بفرع الاقتصاد، تقلصت المحاور من ثلاثة إلى محورين، يستطيع الطالب درس محور طالما أن الامتحان سيتضمن سؤالين من المحورين، يستطيع الطالب اختيار واحد منها.
أسوة بالعام المنصرم سيلجأ الطلاب إلى اختيار مادة التاريخ من بين المواد الاختيارية في الفروع الأربعة. فهذه المادة تقوم على السرد والحفظ وتم حذف مقاطع بكاملها لتسهيل حفظها، قياساً بالعام المنصرم. فعلى مستوى الدروس المطلوبة للامتحان بقي عددها 11 درساً بات انهاؤها يتطلب 11 حصة تعليمية بما يعادل 11 أسبوعاً طوال العام الدراسي، كونها تدرّس مرة واحدة بالأسبوع. علماً أن المطلوب من المادة قبل التخفيض كان 14 درساً، تحتاج إلى نحو 21 أسبوعاً تعليماً. هذا فيما كانت هذه المادة تتضمن 18 درساً قبل تخفيض المناهج عقب أزمة كورونا.
وكما حصل العام المنصرم سيتهرب الطلاب من مادة الجغرافيا لأنها لم تعد إلزامية وكان الطلاب سابقاً يعانون في درسها. وهذا رغم أن التخفيض جعلها حتى أسهل من التاريخ. فقد تقلصت هذه المادة من 19 درساً مقرراً، إلى ثلاثة دورس كاملة ونصف درس رابع، يحتاج الطلاب إلى تسع حصص تعليمية لإنهائها، بما يعادل تسعة أسابيع. علماً أنه قبل أزمة كورونا، والتخفيض الذي طرأ على المناهج، كانت المادة تقوم على 24 درساً.
مادة الكيمياء الأصعب
بما يتعلق بالمواد العلمية بقيت كما كانت مخفضة للامتحانات الرسمية العام المنصرم، مع بعض التعديلات الطفيفة. ففي الرياضيات سيمتحن طلاب فرعي علوم الحياة والعلوم العامة بمحورين (55 حصة) تعادل 11 أسبوعاً تعليمياً، بما يشكل نحو ثلث المنهج، علماً أنه بعد أزمة كورونا تم حذف محورين تعادل نحو ستين حصة تعليمية. وفي مادة علوم الحياة بقي من المنهج بعد أزمة كورونا ثلاثة فصول وانخفضت هذه السنة إلى فصلين هما علم الوراثة والمناعة، تحتاج إلى 16 أسبوعاً تعليمياً. وفي مادة الفيزياء، الأساسية في فرعي العلوم العامة وعلوم الحياة، يحتاج الطالب إلى ثمانية أسابيع دراسية لأنهاء دروس علوم الحياة وعشرة أسابيع لإنهاء دروس العلوم العامة، فقد انخفضت الدروس إلى أربعة دروس لعلوم الحياة وخمسة للعلوم العامة، علماً أنه كانت قبل كورونا 17 درساً للأولى و19 درساً للثانية. أما مادة الكيمياء فقد بقيت مثل العام المنصرم، وهي بعد التخفيض تحتاج إلى 18 أسبوعاً تعليمياً. وربما تكون من أصعب المواد على طلاب القطاع الرسمي لأن تخفيض المناهج أتى على أساس احتساب تعلم الطلاب 13 أسبوعاً طوال العام الدراسي.
ترشيق اللغات والفلسفة
بما يتعلق بفرع الاقتصاد والاجتماع وضعت المناهج لمادة الاقتصاد في بداية العام الدراسي على أساس انجاز 21 درساً. لكن تم الخفيض إلى 15 درساً، تحتاج إلى 15 أسبوعاً تعليمياً. وهذا يسري على مادة الاجتماع التي بقيت كما كانت الامتحانات الماضية، والدروس فيها تحتاج إلى 15 أسبوعاً.
مواد اللغات بقيت على حالها. نظرياً قررت لجنة التخفيض بعد حذف بعض المقاطع أن الطالب يحتاج إلى نحو 14 أسبوعاً تعليمياً لأنهاء المادة، لكن واقعياً درس المادة يتطلب 22 أسبوعاً تعليمياً. ومواد الفلسفة باتت “ممصولة” مثلها مثل مواد اللغات في فرع الانسانيات وفي فرع الاقتصاد. فهي من المواد الأساسية ومطلوب من طلاب فرع الانسانيات خمسة محاور فيما في فرع الاقتصاد محورين. واقعياً يحتاج الطالب إلى 22 أسبوعاً تعليمياً لإنهائها، لكن بعد “الترشيق” باتت بحاجة إلى نحو ستة أسابيع في فرع الاقتصاد، ونحو 15 أسبوعاً في فرع الانسانيات.
عملياً، تعويل طلاب القطاع الرسمي للنجاح في الامتحانات ليس على “السخاء” الذي قامت به لجان التقليص في كيفية حذف الدروس، بل على لجان وضع الأسئلة بداية، وعلى معايير تصحيح المسابقات لاحقاً. فهذه الامتحانات التي قامت على عدم العدالة بين الطلاب، ستتبع بقرار من وزارة التربية لحفظ ماء الوجه لرفع نسبة النجاح. ونسبة النجاح كما جرت العادة في السنوات الثلاثة المنصرمة، هي قرار تتخذه وزارة التربية مسبقاً وليس صدفة، بدءاً من تخفيض المناهج ووصولاً إلى وضع الأسئلة وكيفية تصحيح المسابقات.