السوريون يعملون في صيدليات لبنان وأوجه متعددة للأزمة
عادت مسألة اللّاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة من جديد مع الحديث عن عملهم في صيدليات شمالًا، المسألة حظيت بردود فعل محلية متناقضة كما أدّت إلى تحرك الجهات المعنية الرسمية على وقع المستجدات الأخيرة. بين العنصرية والمنطق انقسم حوار اللّبنانيين، لكن ماذا يقول المعنيون وإلى أين سيصل هذا الملف هذه المرّة؟ كلّ هذه التفاصيل تجدونها في ما يلي:
كتبت نوال أبو حيدر في “السياسة”:
الأزمة السورية فرضت على اللّبنانيين واقعًا جديدًا مع دخول أكثر من مليوني لاجئ إلى لبنان.
طبعاً في بادئ الأمر فرضت الفوضى نفسها، لكن الوضع يتأزم أكثر مع دخول السوريين سوق العمل اللّبناني من دون الخضوع لشروط قانون العمل اللّبناني في ظلّ فوضى محليّة لا يُعرف من أين تبدأ عملية تنظيمها.
أسئلة كثيرة تطرح بشأن العمالة الأجنبية في لبنان، وخصوصًا السورية. ورغم الأصوات التي تُرفع يوميًا والمطالبة بالحدّ من الاعتماد على اليد العاملة الأجنبية إلّا أنه من المفيد أيضًا الإشارة إلى أنّ لبنان لم ينقطع يومًا عن الاستعانة باليد العاملة الأجنبية في مختلف المجالات مع امتناع اللّبنانيين عن ممارسة الكثير من الأعمال سيما التي تطلب جهدًا.
سوريون في لبنان لإدارة الصيدليات!
محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، كان قد تقدّم بكتاب غير موقّع، إلى نقيب وأعضاء مجلس نقابة صيادلة لبنان بموضوع إدارة صيدليات في عرسال من قبل صيادلة من جنسية غير لبنانية وتحديدًا من قبل سوريين، لإجراء التحقيقات والاستقصاءات اللّازمة وإيداعه تقريرًا وافيًا عن الموضوع بما أمكن من السرعة.
مصادر مواكبة للملف، أكدّت في اتصالٍ مع “السياسية” أنّ “هناك تجاوبًا سريعًا من قبل الجهات المعنية، حيث يتمّ التنسيق مع محافظ بعلبك الهرمل، كما ويتمّ التنسيق مع وزارة العمل وتحديدًا مع وزير العمل مصطفى بيرم، الذي شدّد على رغبته الصادقة في التعاون لمصلحة الصيدلي اللّبناني بشكل خاص والعامل اللّبناني بشكلٍ عامّ”.
قانون العمل اللّبناني ووجه جديد للأزمة
اعتبرت المصادر “أنّ معظم الحالات التي يُحكى عنها هي حالات توظيف شاذة وأنّ القانون اللّبناني يمنع عمل السوري في مجال الصيدلة في لبنان منعًا باتًا، وحتى إن كان في فترة تمرين أو يعمل كمساعد للصيدلي، ولكن للأسف مع ذلك توظّف بعض الصيدليات في لبنان السوريين”.
وأوضحت المصادر أنّ ” أيّ مواطن سوري يحتاج إلى إجازة عمل ليشغل الوظيفة مهما كان نوعها، وهو الأمر الذي لا يحصل في معظم الحالات “.
ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ ” وزارة العمل أصدرت قرارًا في العام 2014، لينحصر عمل السوريين فقط في قطاعات الزراعة والنظافة والبناء”.
الأمور تخرج عن السيطرة… فهل تتحرك وزارة العمل؟
وعن الإجراءات التي يمكن أن تُتخذ من ناحية الجزاء في هذا الموضوع، اعتبرت المصادر أنّ وزارة العمل تحرر محاضر ضبط وغرامات بحق المؤسسات التي توظف سوريين غير حاصلين على إجازة العمل، إلاّ أنّ وزارة العمل لا تملك القدرات، ولا طاقم التفتيش الكافي لنشره في المناطق اللّبنانية، ولا إمكانية لمراقبة سير تطبيق القانون الذي لا يلتزم فيه اللّبنانيون والسوريون على حدّ سواء”.
وشدّدت المصادر ” على ضرورة تفعيل دور وزارة العمل ومفتشيها الذين يجب أن يتشددّوا في مراقبة الموضوع للحفاظ على لقمة عيش الشباب اللّبناني الذي لم يهاجر بعد”.
بشكلٍ عام، نحن اليوم أمام فساد قد استشرى في لبنان واتّسعت مجالاته، فالقوانين واضحة لا لبسَ فيها، إلاّ أنّه وكما جرت العادة عندنا فإنّ المشكلة تكمن في آلية التنفيذ وفي تطبيق القوانين كما في سبل مكافحة الفساد.