وفدٌ قطري في بيروت الإثنين.. وتفعيل بورصة المرشّحين الحياديّين
بعدما انحسر الكلام عن الاستحقاق الرئاسي المعلّق منذ أكثر من 5 أشهر في غمرة المشاحنات الداخلية حول التوقيت الصيفي وصفقة تلزيم المبنى الجديد في مطار رفيق الحريري الدولي، عاد هذا الملف إلى واجهة الحدث اللبناني، من جوانب عدة ادرجتها “الراي” الكويتيّة وفق التالي:
الحركة الأميركية التي قادتْها مُساعِدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى باربرا ليف خلال جولةٍ لها في بيروت حضّتْ فيها على إتمام الاستحقاق الرئاسي كمدخلِ لإطلاق عجلةِ الإصلاحات عبر حكومةٍ مكتملة الصلاحيات.
وقد أظهرتْ ليف من خلال لقاءاتها استمرارَ الموقف الأميركي غير المستعجل لإجراء الاستحقاق بدليل عدم طرْح خريطةِ عمل واضحة تُفْضي الى الاتفاق على رئيسٍ للجمهورية وإجراء الانتخابات سريعاً، رغم نصائحها بضرورة الأخْذ بجديةٍ تحذيرات صندوق النقد الدولي حيال التوقعات المخيفة للبنان وأنه «لم يتبقَّ وقت أمام قادته».
فالزيارة الأميركية كشفتْ الاختلافَ في النظرة مع فرنسا حول إتمام صفقة رئاسية – حكومية تقضي بانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وتعيين السفير السابق نواف سلام رئيساً للحكومة، وهو ما اعتُبر مؤشراً إلى استمرار التجاذب الخارجي حول الرئاسة، وسط ترقُّب الولايات المتحدة ترجمة الاتفاق السعودي – الايراني مزيداً من الخطوات العملانية في الشرق الأوسط، خلال مهلة الشهرين «الاختبارييْن» المحدَّديْن في الاتفاق، وما ستكون حصة لبنان في هذا المسار.
ثانياً: قبل ذهاب فرنجية إلى باريس، كانت ملامحُ حركةٍ رئاسيةٍ فيها تتخذ منحى سلبياً. فرغم أن صديق زعيم «المردة» رجل الأعمال جيلبير شاغوري عمل في فرنسا والفاتيكان على تقديم أوراق اعتماد فرنجية وكل ما يمكن أن يسهّل انتخابَه، إلا أنه لم يتمكّن من كسْر حدة التطويق العربي لحركة باريس تجاه المرشح المدعوم من الثنائي الشيعي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري، في وقتٍ تَصاعَدَتْ المواقف الرافضة لفرنجية من المعارضة من جهة ومن «التيار الوطني الحر» من جهة أخرى.
وهذان المعطيان وسّعا بيكار الرفْض لفرنجية، الأمر الذي لمستْه باريس وواشنطن كل على حدة، ما ساهم في إجهاض التسوية المقترَحة (فرنجية – سلام).
وحتى الضمانات التي تحدّثتْ بعض الأوساط اللبنانية حولها، وأن فرنسا تريد من رئيس «المردة» تقديمها لطمأنة دول الخليج، لا صلة لها بهذه الدول التي كانت لها تجارب مع ضماناتٍ تمّ الارتدادُ عليها، والتي تعلم أن فرنجية غير قادر على تقديم تعهّدات تتعلق بالحزب وبدوره في الحكومة وفي القرار السياسي والعسكري في لبنان، ما يجعل الضمانة أبعد ما تكون عن شخص وكلمة يعطيها بمقدار ما أن التوازن السياسي الذي سيعبّر عنه وصول رئيسٍ «غير متورّط في الفساد السياسي والمالي» هو ما سيشكّل في ذاته أوّل ضمانة تمتدّ لمختلف متممات الانتخابات الرئاسية دستورياً.
وهذا المناخ يُفترض أن يكون معلوماً سلفاً لدى المتحرّكين على خط تسويق زعيم «المردة» بمَن فيهم باريس.
والأخيرة تتعامل مع تسوية فرنجية كما فَعَلَ الرئيس السابق فرنسوا هولاند الذي اتصل بفرنجية لـ «تهنئته» في كانون الأول 2015 بالتسوية مع الرئيس سعد الحريري (في غمرة الشغور الرئاسي الذي كان بدأ في 2014)، قبل أن يزور بيروت في نيسان 2016 في مرحلة الفراغ ويلتقيه «معتذراً» في قصر الصنوبر من ضمن لقاءاتٍ مع القادة اللبنانيين آنذاك.
وإذا كانت الرئاسةُ الفرنسيةُ تعيش الأزمةَ اللبنانية اليوم كما عاشتْها مع نهاية عهد هولاند، فإن فرنسا المنغمسة في مشكلاتٍ داخلية لا تُحصى تقف عاجزةً أمام سحْب الملف الرئاسي من يدها تدريجاً. وهذا كله يجعل أي مبادرة فرنسية تجاه فرنجية في هذا الوقت خطوة ناقصة.
ثالثاً: تحركتْ قطر مجدداً على خط بيروت من أجل استشكاف آفاق تسوية محتملة حول هوية المرشح الرئاسي الذي قد تنجح في تأمين توافق عليه. وقد ظَهَرَ أن مهمة وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، الذي يزور لبنان الاثنين، تكمن في إبقاء التواصل مع كل القوى السياسية ودرْس إمكان تسويق أسماء مرشحة للتوافق عليها.
علماً أن بورصة الأسماء عادت هذه الأيام لتصبح فعالة، مع معاودة طرْح أسماء مرشحين من خارج الاصطفاف بين قوى 8 آذار بقيادة «حزب الله» والمعارضة.
واستناداً الى لائحةٍ سَبَقَ أن قدّمها جنبلاط وتضمّنتْ 3 أسماء هي: قائد الجيش العماد جوزاف عون والوزير السابق جهاد ازعور والنائب السابق صلاح حنين، فإن لائحة المرشحين «الحياديين» عادتْ الى الواجهة، بعد ثبات الرياض على عدم تأييد مرشح «حزب الله» وتقديم أي دعم مالي وسياسي لمرحلةٍ لبنانية يقودها، ما يَفترض حكماً التخلي عن مرشح قوى المعارضة، انسجاماً مع مبدأ عمليات التفاوض بتقديم تنازلات من جانبيْ المعارضة والموالاة.
لا مبادرة قطرية:
وفي هذا السياق، استبعدت مصادر سياسية، وفق “الأنباء” الإلكترونيّة، أن يكون وزير خارجية قطر يحمل مبادرة جديدة لحلّ الأزمة اللّبنانية، باعتبار أنَّ قطر هي احدى الدول الخمس للقاء باريس من أجل لبنان، إضافة الى فرنسا والسعودية ومصر والولايات المتحدة الاميركية، وبالتالي لا يمكنها الخروج عن الاتصالات التي تجريها هذه الدول مجتمعة حيال لبنان، فهي أشارت إلى أن هذه الزيارة منسّقة بطبيعة الحال مع الرياض.