محلياتمن الصحافة

هل حشر “الصهر” “الحكيم” في زاوية بكركي؟

ميشال نصر – الديار

فعلى وقع “طيران” سعر صرف الدولار، وفيما المصارف على اضرابها، لا احد يفاوضها او “يوقف على خاطرها”، جمود في المواقف الرئاسية، رغم الحركة الدولية الملحوظة، وهجمة صندوق النقد غير المفهومة، وكأن الامور تسير في مسارها الطبيعي، حيث الاصرار على الاسراع في وضع الخطط، رغم ادراك الوفد المفاوض والمدراء في الصندوق ان اي اتفاق يبقى حبرا على ورق، ما لم يكتمل البنيان الدستوري، وفي مقدمته رئيس جمهورية وحكومة مكتملة المواصفات.

في غضون ذلك تبقى “بحصة” البطريركية المارونية التي رمتها في المياه المسيحية الراكدة، مسار بحث ودرس لدى القوى المسيحية الفاعلة، خصوصا بعدما “زرك” الجميع في الزاوية بضربة معلم البطريرك، الذي حوّل اللقاء السياسي، الذي فشل في تحقيقه الى لقاء صلاة، عجز الجميع عن رفض تلبية دعوته.

مصادر مقربة من الكنيسة تؤكد بما لا يقبل الشك، ان بكركي تدرك جيدا المخاطر التي تتهدد الوجود المسيحي في لبنان، وهي واعية لاسبابه واهدافه، وكذلك الحاضرة البابوية التي هي على تواصل دائم واحتكاك مباشر بالملف اللبناني عبر اكثر من دائرة، من خارج الاصطفافات اللبنانية ببعديها الداخلي والخارجي، ترفع تقاريرها الدورية الى المعنيين في الفاتيكان، ويطلع عليها البابا شخصيا حول الاوضاع في لبنان والمنطقة، وهي تلعب دورها الاساس في تحديد سياسة الفاتيكان تجاه لبنان، نافية بكل تأكيد ان تكون “كلمة بتاخذ وكلمة بتجيب” الفاتيكان، التي يبقى بابها مفتوحا امام الجميع.

واكدت المصادر المطلعة على اجواء اجتماعات مجلس المطارنة، ان نقاشات جدية خيضت، وجلسات كثيرة عقدت على فترات تناولت الاوضاع التي وصلت اليها الامور، خصوصا بعد “ثورة 17 تشرين”، والدور الذي لعبه الصرح، خلصت الى ان السكوت ما عاد ممكنا، وتجاهل الوقائع واخذها من باب حسن النية ما عاد جائزا، بعدما بلغت الاوضاع الاجتماعية والسياسية حدود ما دون الصفر مع تفكك الدولة ومؤسساتها، عن سابق اصرار وتصميم.

واشارت الاوساط الى ان الفاتيكان والبطريركيّة المارونيّة وبعض المرجعيات الرّوحيّة باتت مقتنعة من عمق وخطر التّهديد الوجوديّ الذي يواجهه الكيان اللّبنانيّ، وبالتّالي فإنّ العودة إلى الدّستور والتأكيد على صيغة العيش معاً والميثاقيّة، واستعادة الثّقة مع العالم العربيّ والمجتمع الدّوليّ، وإنجاز التّحقيق في تفجير مرفأ بيروت، وتحقيق الإصلاحات البنيويّة، وتطبيق سياسة خارجيّة أساسها الحياد الإيجابيّ، ومكافحة الفساد، وتنفيذ اللّامركزيّة الإداريّة الموسّعة، مع ما يعنيه كل ذلك من بناء دولة المواطنة السيّدة الحرّة العادلة المستقلّة، هي الشروط الاساسية لبرنامج اي رئيس للجمهورية بعيدا عن اسمه.

وعن الجهة التي تتكل عليها بكركي والتي جعلتها “طاحشة” بهذا الشكل، اعتبرت المصادر انها اولا وقبل كل شيء، ان ما تطالب به هو مرتبط بالحقوق الدنيا للانسان وكرامته، وثانيا ان البطريركية معنية “بتعلية” الصوت ليسمع العالم اجمع، خصوصا ان الصرح “ام الصبي” فيما خص قيام لبنان، وعليه بالتأكيد لا تنكر بكركي علاقاتها بالفاتيكان وبدول الغرب وبصداقاتها العربية، التي تشكل رافعة طبيعية ودعما معنويا لطروحاتها، اذ كيف يمكن للكنيسة ان تقدم نموذجا صالحا اذا ما وقفت الى جانب الظلم وضد شعبها وناسها؟

وشددت المصادر على ان دعوة البطريرك الراعي الروحية، يمكن ان تتحول الى لقاء سياسي لاحقا، بعد ان كسر جليد “المقاطعة” بين الاطراف وموافقتهم جميعا على الحضور في الخامس من نيسان، جازمة بان بكركي لن تدخل بازار الاسماء كما يشاع، اذ ان هذا الامر هو مسؤولية القوى السياسية، وهي اخبرت اكثر من مرة محاولات توريطها في هذا الموضوع، لذلك هي غير مستعدة اليوم للوقوع في الخطأ ذاته، الا انها يمكن ان تلعب دورا مساعدا اذا توافرت النية لدى المعنيين.

وختمت المصادر بالاعراب عن املها بان تشهد البلاد جلسة انتخاب رئيس قبل الخامس من نيسان، لتتحول الدعوة للصلاة الى دعوة للشكر، معتبرة ان القوى السياسية مدعوة كلها للوقوف الى جانب الرئيس المقبل، وخصوصا المسيحية منها، والتعالي فوق الخلافات، لان الامور ما عادت تحتمل، وان الانفجار سيكون كارثيا ليس فقط على مستوى الدولة، بل قد يكون الكيان بكليته عرضة للخطر والزوال.

فهل تحصل المعجزة قبل الخامس من نيسان؟ في لبنان كل شيء ممكن…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى