هل تنعكس الأزمات المركزية بين “فتح” و”حماس” اشتباكاً في عين الحلوة؟
عاد القلق إلى المخيمات الفلسطينية خشية من انفجارها أمنياً، وخصوصاً في عين الحلوة، حيث اندلعت اشتباكات دموية في تمّوز من العام الماضي ولم تُحل المُشكلات بين حركة “#فتح” والجماعات الإسلامية بعد، في حين أن ثمّة أزمات فلسطينية مركزية قد تنعكس أيضاً توتراً بين الفصائل، ما يؤدّي إلى احتمال عودة شبح الاشتباكات من جديد.
لا شك أن الأزمات الخارجية تنعكس دائماً على الداخل اللبناني، وفي الملف الفلسطيني، فإن الأزمة المتصاعدة بين “فتح” و”#حماس” والمواقف المتباعدة بشأن غزّة، وقلق “حماس” من اتفاق السلطة الفلسطينية مع إسرائيل على ترتيب الوضع في القطاع بعد انتهاء الحرب، والإعلان عن تأجيل الحوار بينهما والذي كان منتظراً في الصين، قد تُترجم اشتباكاً عسكرياً في مخيّمات لبنان.
في هذا السياق، توتر الوضع الأمني في الأسابيع القليلة الماضية بعد حصول جريمتي قتل في مخيّم عين الحلوة، إحداهما استهدفت عضواً في قوات الأمن الوطني الفلسطيني التابعة لـ”فتح” على يد أحد الإسلاميين المتشدّدين لم يتم تسليمه بعد، فعاد القلق من تحويل المخيمات إلى صندوق بريد بين الفصائل الفلسطينية، خصوصاً وأنّه من المعروف أن الإسلاميين مرتبطون بحركة “حماس”.
عضو القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية غسان أيوب يُعلّق على الجريمتين اللتين حصلتا، ليقول لا علاقة لهما بتأجيل الحوار بين “فتح” و”حماس” أو التباين الموجود بين الطرفين، بل ناجم عن غياب سلطة أمنية مشتركة فاعلة توقف كل من يُريد العبث بأمن المخيّم.
وفي حديث لـ”النهار”، يؤكّد أيوب موقف “فتح” القاضي بعدم عودة الاشتباكات إلى المخيّمات وعين الحلوة بشكل خاص، وفي الوقت نفسه، يكشف عن موقف مُشابه يصدر من خلال بيانات عصبة “الأنصار” والحركة “الإسلامية المُجاهدة” و”الشباب المسلم”، أي الإسلاميون المتشدّدون، الذين يُبدون “استعداداً لمعالجة الأزمات وتهدئة الأجواء”.
ويتطابق حديث أيّوب مع الواقع، فالفصائل الفلسطينية مجتمعة لا تبدو وكأنها تُريد عودة الاشتباكات إلى مخيّم عين الحلوة، وبشكل خاص “فتح”، وعدم تطوّر الأمور بعد الجريمتين واستعداد الإسلاميين المتشدّدين إلى حلحلة الأمور، كما يقول أيّوب، دليل على أن الفصائل لا تُريد تدهور الوضع الأمني، علماً أن القيادي الفلسطيني يكشف عن اجتماعات مكثّفة تُعقد بين الفصائل للحفاظ على الهدوء.
ورداً على فرضية انعكاس الأزمات المركزية بين “فتح” و”حماس” على المخيّمات، يلفت أيوب إلى أن ثمّة توافقاً فلسطينياً وطنياً إسلامياً بين الفصائل لتحييد الساحة اللبنانية عن المشكلات المركزية، ومنظمة التحرير الفلسطينية قرارها حازم لجهة منع الاشتباك وعدم الاستدراج إلى أي قتال.
لا يعني الهدوء النسبي المسيطر على المخيّمات منذ تاريخ السابع من تشرين الأول الفائت أن الأزمات تتذيّل بين طرفي الصراع، لكنها مؤجلة إلى ما بعد انتهاء الحرب حسب ما يرى مراقبون، انطلاقاً من كون “فتح” تُسيطر على المخيمات ولا تُريد عبثاً بأمنها، و”حماس” منشغلة بحرب غزّة ونشاطها المتصاعد في الضفة الغربية، وليست في وارد صب اهتمامها على الساحات الأخرى.
تطمينات يُمكن أن تُرخي، بالحد الأدنى، هدوءاً نسبياً، لكن القلق من تحويل المخيّمات إلى صناديق بريد وتفجيرها أمنياً يبقى هاجساً، خصوصاً وأن الاشتباك الأخير في مخيّم عين الحلوة قبل سنة تقريباً كاد أن يتطوّر، في ظل حديث عن تدخّل جهات لبنانية وسورية، ما أثار قلقاً جديداً من انفلات الأمور وتوسّعها إلى خارج دائرة المخيّم.