محليات

الحزب و”تكتيك” باسيل المكشوف

باستثناء تأكيد وزير الخارجية عبدالله بو حبيب التداول عرضاً بالملفّ الرئاسي مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين لم يَفتَح مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن “سيرة” رئاسة الجمهورية مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي. لكنّ الزيارة بحدّ ذاتها مع “مكمّلاتها” كرّست واقعاً رئاسياً يصعب تغيير وجهته ما لم تضع الحرب أوزارها في غزة وتسلك التسوية الأمنيّة طريقها إلى جنوب لبنان.

خَتَم النائب جبران باسيل “بَرمَته” على القوى السياسية ضمن سياق مبادرته بلقاء مع النائب محمد رعد كان الطرفان يعرفان مسبقاً نتائجه. أسمَعَ “الحاج محمد” ضيفه اللازمة التي يكرّرها الحزب منذ بدء انخراطه بحرب غزة، وهي فصل الرئاسة عن مجريات المعارك على الحدود مع العدوّ الإسرائيلي والاستعداد للحوار من دون شروط مسبقة، فيما حدّد باسيل أمام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة أجندة حوار أو تشاور يوافق عليه برئاسة الرئيس برّي ولمدّة زمنية محدودة مع طلب تعهّد بعدم تطيير النصاب كما كان يحصل في الجلسات الرئاسية السابقة.

وفق المعلومات، سلّم باسيل، بعد نهاية اللقاء مع النائب رعد بصعوبة التوصّل إلى تسوية تقود في المدى القريب إلى طاولة تشاور، معتبراً أنّ “الموقف العلني للحزب شيء وتكتيكه الرئاسي شيء آخر لأنّه مرتبط بشكل وثيق، بعكس ما يقوله الحزب، بمجريات الحرب في غزة والجنوب. والأهمّ أن لا تراجع حتى الآن من قبل الثنائي الشيعي عن دعم ترشيح سليمان فرنجية”.

كلّ ذلك، مع تسليم الحزب بأنّ باسيل ينتهج تكتيكاً مكشوفاً عبر الاصطفاف مرّة جديدة إلى جانب قوى معارضة، مستظلّاً بالعلن عباءة “حوار برّي”، للضغط على كلّ من حركة أمل والحزب للعدول عن دعم ترشيح فرنجية والذهاب نحو الخيار الثالث الذي يردّد باسيل أنّه “يرفض أن يكون مستفزّاً للحزب أو غير راضٍ عنه”. لكن مع ذلك يقف الحزب بوجه هذا التكتيك، معتبراً أنّه يخلق حالة انقسامية داخل المجلس لا تساعد في التوصّل إلى تسوية رئاسية مرضية للثنائي الشيعي وحلفائهما.

عملياً، كانت مبادرات كلّ من “كتلة الاعتدال” و”اللقاء الديمقراطي” و”التيار الوطنيّ الحر” قد فُرمِلت بالكامل قبل أن يغطّ الموفد الأميركي آموس هوكستين في بيروت.

ثمّ أتى مضمون الزيارة و”استعراض القوّة” من جانب الحزب عبر عرض فيديو “الهدهد” وتحذيرات هوكستين من “الوضع الخطير جداً إذا لم تخفّ وتيرة التصعيد جنوباً” واشتعال الجبهة الجنوبية بعد مغادرة الموفد الأميركي لتزيد من تعقيدات الأزمة الرئاسية في ظلّ إطفاء اللجنة الخماسية محرّكاتها وعدم رصد حراك فرنسي متجدّد بعد عقد لقاء القمّة في النورماندي بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن.

وفق معلومات “أساس” وبعدما طغى تحرّك اللقاء الديمقراطي وحراك باسيل على مبادرة “كتلة الاعتدال” يسعى نواب الكتلة إلى تطوير مبادرتهم مجدّداً بالتركيز على أصل المشكل السياسي وتجاوز العقبات التقنيّة لجهة المرجعية الداعية إلى الحوار ومن يرأسه.

لكن على الرغم من عقم المشهد الخارجي وطغيان لغة السلاح على لغة الدبلوماسية لا تزال بعض التفاصيل الداخلية تَفعَل فِعلَها وتؤثّر على تموضعات القوى السياسية، حيث تقول مصادر مواكبة لكواليس الملفّ الرئاسي إنّ “الخرق الوحيد الذي قد يكون سُجّل في مداولات الأسابيع الماضية هو التقارب على خطّ برّي-باسيل وإعلان رئيس التيار الوطني الحرّ ضرورة التوافق على الرئيس قبل الانتخاب”. وعلى أهميّة هذا الخرق لم يُرصَد أيّ موقف علنيّ داعم من جانب الحزب ولن يُرصد ما دام الأخير يتشكّك في أصل مناورة باسيل وأنّ عنوانها هو “سحب بساط الثنائي الشيعي من تحت سليمان فرنجية في ظلّ غطاء عين التينة”.

كما تتوقّف المصادر أمام المقاربة المستجدّة التي طرحها المرشّح للرئاسة سليمان فرنجية حين اعتبر أنّ منافسه الرئاسي هو سمير جعجع، وعدم أخذه بالاعتبار التقارب الملحوظ في العلاقة بين برّي وباسيل الذي استفزّه هذا الطرح وأعطاه، برأي مطّلعين، عذراً إضافياً لعدم السير بترشيح فرنجية.

ملاك عقيل – اساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى