معضلة فقدان الطوابع المالية… الحلّ بالطابع الإلكتروني؟!
منذ فترة ليست بقصيرة يعاني المواطنون من فقدان الطوابع المالية في الأسواق، وإن وجدت فعليهم دفع أضعاف ثمنها الحقيقي للسماسرة. هذه الأزمة دفعت برئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان الى رفع الصوت والدعوة لكشف المتورّطين فضلاً عن الدفع في اتجاه استخدام الطابع الإلكتروني. فما قصة الطوابع ولماذا تراجعت أعدادها في السوق، وكيف يمكن اعتماد الطابع الإلكتروني.
تلخص وزارة المال أزمة فقدان الطوابع بضرورة تفعيل المركز الإلكتروني وكذلك اعتماد الطابع الإلكتروني فضلاً عن تعليق مادة في قانون الموازنة لا تسمح بدفع الطابع المالي للرسوم لما دون 500 ألف ليرة لبنانية وبالتالي فإن تلك الخطوات كفيلة بتجاوز أزمة فقدان الطوابع. لكنّ هناك أسباباً خلف تلك الأزمة فكيف يمكن شرحها؟
“أصل الأزمة قلة الطوابع واحتكار سابق ومتواصل”
تعود أزمة فقدان الطوابع الأميرية الى أكثر من 3 سنوات وتحديداً الى ما بعد أزمة عام 2019 عندما لجأ سماسرة وآخرون الى شراء الطوابع بكمّيات كبيرة، وكأن هؤلاء يعلمون أن البلاد مقبلة على أزمة نقدية، وما يعزّز ذلك لجوء عدد منهم الى استخدام الشيكات المصرفية لشراء الطوابع.
إقدام هؤلاء على شراء الطوابع ومن ثم تخزينها بهدف بيعها لاحقاً بأسعار مضاعفة حرم السوق من الطوابع وأوقع المواطنين في فخ السماسرة والابتزاز.
ذلك الاستغلال من قبل بعض المحتكرين تضاف إليه مشكلة أساسية وهي أصلاً تكمن في طبع وتسليم كميات من الطوابع المالية أقل بكثير من حاجة السوق.
فالأزمة الأساسية هي قلة الطوابع منذ أن تم اعتماد دفع الرسوم تحت الـ200 ألف بموجب طابع لصقاً وكانت حاجة السوق الشهرية لـ5 ملايين.
ثم تمّ اتفاق بالتراضي بتأمين طوابع بقيمة 150 مليوناً لعام 2022، ولكن تم تأمين فقط 100 مليون وبالتالي كانت الكمية أقل من حاجة السوق ما فتح الباب أمام السماسرة الذين خزنوا الطوابع سابقاً.
لم تقف الأزمة عند هذا الحد بل تفاقمت عندما نصّ قانون موازنة عام 2022 على أن يتم تسديد الرسوم للمبالغ التي تحت الـ500 ألف ليرة بطوابع مالية وبالتالي زادت الحاجة الى الطوابع، وبدل أن تكون حاجة السوق 5 ملايين أضحت أكثر من 12 مليوناً وارتفع المطلوب سنوياً الى 150 مليوناً، وفي موازاة ذلك تم تأمين 43 مليوناً فقط.
الأمور تفاقمت بعد إقرار الموازنة الأخيرة حيث ارتفعت الرسوم أضعافاً عديدة ووصلت الى 10 و20 مرة أكثر مما كانت عليه قبل إقرار قانون موازنة عام 2024، وعلى سبيل المثال كان إخراج القيد بحاجة لطابع بقيمة 20 ألف ليرة وبات اليوم بحاجة لطوابع بقيمة 400 ألف، ما يعني أن الحاجة تضاعفت للطوابع فضلاً عن أنه ليس في الأسواق، والوزارة لا تطبع أصلاً طوابع قيمتها أكثر من 50 ألف ليرة، والرسم إن كان 400 ألف ليرة فإنه بحاجة لـ8 طوابع من فتة الـ50 ألفاً بينما كانت المعاملة عينها قبل الموازنة الأخيرة بحاجة لطابع واحد.
ووفق دراسة بسيطة فإن وزارة المال باتت بحاجة الى 17 مليون طابع شهرياً فيما كانت 12 مليوناً وبالتالي طلبت مديرية الشؤون الادارية عبر الاطر المتبعة من مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش طباعة 200 مليون طابع. وفي مقارنة ما بين الحاجة وما توفر فإن الفارق هو اكثر من 150 مليون طابع.
الى ذلك تواصل الوزارة سحب الرخص بسبب عدم التزام أصحابها بالشروط التي تضعها الإدارة في بيع الطوابع سواء بالنسبة لسعرها أو للمدى الجغرافي الذي يجب أن يبيع ضمنه صاحب الرخصة.
بحسب الأرقام فإن عدد الرخص انخفض من 1530 الى 340، وطلبت الوزارة من عدد من أصحاب الرخص بحاجة لاستيفاء المستندات وقد أعطتهم الوزارة فترة زمنية لتسوية أوضاعهم.
“لا حكومة إلكترونية في لبنان”
تكثر المطالبات باعتماد الطابع الإلكتروني، فكيف يمكن اعتماده؟
لا يمكن راهناً اعتماده ما لم تتوفر الشروط التي يجب توفرها ومن أبسطها توفير الكهرباء دائماً في الدوائر الرسمية علماً بأنه الحل الأفضل لمكافحة الاحتكار ووضع حد للسمسرة.
فالنائب كنعان أكد أن الحل الأفضل لأزمة الطوابع هو الانتقال الى الطابع الإلكتروني بحسب ما نصت عليه موازنة عام 2022، ما يعني إمكان إنجاز المواطن معاملته “اأونلاين” من دون الحاجة الى سمسار أو التعرّض للاحتكار.
الى ذلك لا مناص من إعادة تفعيل المركز الإلكتروني بعدما هجره معظم موظفيه بسبب تدنّي الرواتب في الوزارة، فيما يعمل المركز اليوم بالحدّ الأدنى ما انعكس سلباً على عمله، إضافة الى ضرورة إنجاز العمل على دفتر الشروط ومن ثم موافقة هيئة الشراء العام، وكل هذه الخطوات بحاجة للوقت قبل الذهاب الى الطابع الإلكتروني.
وتجدر الإشارة الى أن الطابع الإلكتروني لا يختلف عن الطابع الورقي ولكن يمكن لكل مواطن أن يحصل عليه من خلال حسابه ولكن من خلال نظام وزارة المال، وتكون طلبات شراء الطوابع الإلكترونية عبر النظام الإلكتروني للوزارة ويمكن طباعته لدى صاحب العلاقة من خلال إجراءات محددة وأيضاً لا بد من ربط المؤسسات بشكل إلكتروني، وكل ذلك بعد انتهاء وضع دفتر الشروط.
الى ذلك هناك مطالبات بضرورة تسليم مفارز السير الطوابع مباشرةً حتى لا يقع المواطن مجدداً تحت الابتزاز ولا سيما بعد مضاعفة رسوم السير والحاجة الكبيرة للطوابع.
هي أحجية الطوابع التي تحاول وزارة المال حلها وكذلك لا بد من تعليق مادة في قانون الموازنة الأخير حتى يتمكن المواطن من دفع الرسوم التي تقل عن 500 ألف ليرة من دون استخدام الطوابع.
وربما عندها ترتفع حصة الخزينة الى أكثر من مليون و800 ألف دولار مقابل 20 إلى 300 مليون دولار قيمة الطوابع في السوق السوداء التي تحدّث عنها كنعان.
عباس صباغ – النهار