هكذا تراجعت خسائر حزب الله جنوباً
اللَعِبُ على حافةِ الهاوية مستمر، وانتظار الخارج لم تظهر نتائجه بعد، على رغم كثافة الزيارات والرحلات على خط بيروت –باريس- “تل ابيب”، فيما حراك الداخل غير ذي جدوى حتى الساعة. فالساحة المحلية تنتظر الورقة الفرنسية المعدلة، كما ينتظر الجواب “الاسرائيلي” عليها الذي يفترض ان تكون باريس قد تسلمته، وسط ترقب لنتائج الجهود المصرية لانضاج تسوية في غزة، علّها تبعد شبح الحرب الشاملة على لبنان.
وفيما يبدو المشهد اكثر تعقيدا وسوادا بعد الزيارة الفرنسية والاتصالات التي جرت خارجيا، مع تمترس الاطراف المعنية خلف مواقفهم، حيث تعتبر “اسرائيل” ان تراجع حزب الله الى ما خلف خط الليطاني امر غير قابل للنقاش، تصر حارة حريك على ان “لا كلام ولا سلام” قبل وقف الحرب على غزة. كل ذلك عشية التسريبات عن انطلاق عملية رفح في غضون الساعات الثماني والاربعين المقبلة، بعد عيد الفصح اليهودي، وما قد يجره ذلك من تصعيد لمحور المقاومة، سيبقى ضمن الحدود المرسومة، على ما تؤكد مصادر امنية مقربة من المقاومة.
ازاء هذا الواقع، تكشف المصادر ان حزب الله يعد العدة للمواجهة، معتبرا ان الحرب واقعة، وعليه فان المقاومة جاهزة لاي مواجهة، بعدما نجحت في استيعاب الخسائر التي اصابت كوادرها وقادتها، واستطاعت التعامل مع التفوق التكنولوجي “الاسرائيلي” صاحب الفضل في الكثير من العمليات الناجحة للعدو.
وتشير المصادر في هذا الاطار الى مجموعة من النقاط ابرزها:
– نجح حزب الله في تحديد نقاط ضعف شبكات الدفاع الجوي “الاسرائيلي” وثُغرها، وهو ما سمح لها بالاستعانة بشكل كبير بعدد كبير من طائرات من دون طيار “شبح” نجحت في التسلل وراء خطوط العدو، وجمع المعلومات الاستخاراتية عن حركة جيش العدو الاسرائيلي ونقاط تموضعه.
هذا فضلا عن عشرات الشبكات التي تزود المقاومة بالمعلومات، وعلى سبيل المثال ما حصل من كمين في منطقة “هاردوف”، والذي جاء نتيجة تعاون وتنسيق اكثر من وحدة في الحزب: الاستعلام التي جمعت بين معطيات حصلت عليها من مخبرين في الداخل، ومن مجموعات الرصد على الحدود، وسرعة نقل المعلومات الى الوحدات العملانية على الارض من مجموعات مضادة للدروع الى سلاح الصواريخ. وهي خبرة اكتسبها الحزب من قتاله في سوريا.
– تمكن حزب الله من الحد من عمليات الاختراق على الجبهة الداخلية بالتعاون مع اجهزة الدولة الرسمية، حيث تم توقيف شبكات تعامل اعترف اعضاؤها بالكثير من المعلومات المهمة، التي سمحت بتحديد آليات جمع المعلومات، و “الداتا” التي على اساسها تم تحديد الاهداف وكشف القادة واستهدافهم.
وتقول المعلومات على هذا الصعيد، ان “اسرئيل” انشأت وحدة خاصة داخل استخباراتها العسكرية، هي الوحدة “9900” التي كلفت ملف حزب الله وجمع “الداتا” منذ 2014، حيث قامت بجمع ارشيف كامل عن المقاومة وتحليله، واستخرجت مئات الآلاف من بصمات الصوت، التي تم عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي تزويد الطائرات المسيرة بها، فضلا عن مئات آلاف الصور لمقاومين، وهو ما سمح بسقوط العدد الكبير من قادة الحزب مع بداية الحرب، الا ان الاخير تكيّف اليوم مع الواقع واستطاع تخطي هذه الثغرة بنسبة كبيرة.
-استطاع حزب الله ابقاء طرق مواصلاته العسكرية مفتوحة طوال المعركة، حيث بقي وصول السلاح من صواريخ مضادة للدروع، وصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى بوتيرة طبيعية الى الجبهة، فضلا عن ان اي اصابات لم تلحق مخازن الصواريخ والسلاح، وهو ما اعطى حزب الله هامش مناورة كبيرا، مع ابقائه على منظومته للدفاع الجوي “مستترة”، علما انه استخدمها مرات محدودة ولثوان في رسائل واضحة للعدو.
ميشال نصر – الديار